د. رياض محمود قاسم - أ. عبدالحميد الفراني
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
التحديات التي تواجه اللغة العربية ودور القرآن الكريم في التصدي لها
بحث مقدم إلى مؤتمر
"الإسلام والتحديات المعاصرة"
المنعقد بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية
في الفترة: 2-3/4/2007م
إعداد:
د. رياض محمود قاسم
أستاذ مساعد في قسم العقيدة – كلية أصول الدين – الجامعة الإسلامية ... أ. عبدالحميد الفراني
ماجستير تاريخ – كلية الآداب
الجامعة الإسلامية
أبريل/ 2007
ملخص البحث: http://www.gesah.net/mag3/modules.php?name=News&new_topic=16
…تعد اللغة العربية من اللغات الحية التي ما تزال تحتفظ بكثير من الخصائص، من حيث قوة الألفاظ، ورصانة المعاني، ويعود ذلك إلي كونها لغة القرآن الكريم "كلام الله عز وجل الذي أنزله على قلب الرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - " المحفوظ إلي يوم الدين { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [سورة الحجر، الآية: 9]، والذي { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [سورة فصلت، الآية: 42].
وقد اشتدت في السنوات الأخيرة الحملة على الإسلام وخاصة في ظل النظام العالمي الجديد، وزاد من ضراوتها وسائل البث والإعلام الحديثة في عصر تدفق المعلومات والفضائيات المفتوحة، واستغل خصوم الإسلام هذه المستجدات فاتخذوها منافذ للانقضاض على قيم الإسلام ومبادئه، بغية تشويه حقائقه أو القضاء عليه إن أمكن، لأنه أصبح المنافس الوحيد لحضارة أوروبا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.
ودأب الغرب على إثارة الشبهات ضد الإسلام إما على شبكة الانترنت، أو على مطبوعات مجهولة المصدر.
ومن بين تلك الشبهات ما أثير حول لغة القرآن الكريم، ويأتي هذا البحث في سياق عرض لأهم التحديات والشبهات التي أثيرت وتثار حول اللغة العربية، وما تتعرض له هذه اللغة من قبل أعداء الإسلام بصفتها اللغة التي نزل بها القرآن الكريم الذي أنزل دستورا للمسلمين إلي يوم الدين، ودور القرآن الكريم في التصدي لها.
Arabic language is considered a vital language it has many characteristics like the strongly in meaning, This because it considered quranic language, latly years non-moslem attaked Islam by internet. The amis of the to give the people bad understanding for Islam.
This research paper serves to present these main challenges and suspicions which were raised on the Arabic language and what this language is exposed to by the opponents of Islam classified as the language which the quran was descended in and was also descended as a constitution for muslims till judgment day, and the role of the Holy Quran for intercepting these challenges.
المقدمة:
…الحمد لله رب العالمين، والصلات والسلام على رسوله الأمين وعلى من اتبعه بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.
…فهذا بحثٌ متواضعٌ بذل فيه الباحثان جهدهما من أجل بيان التحديات التي تواجه اللغة العربية لغة القرآن الكريم ودور القرآن الكريم في التصدي لهذه التحديات.
…واشتمل هذا البحث على تمهيد وثلاثة مباحث وختمه الباحثان بالتوصيات.
التمهيد: اللغة العربية لغة القرآن الكريم وأصالتها، ويشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: …أصالة اللغة العربية.
المطلب الثاني: …اللغة العربية لغة القرآن الكريم.
المبحث الأول: التحديات التي تواجه اللغة العربية.
التحدي الأول: …التبشير باللغة الانجليزية على أنها العالمية التي هي لغة البشرية.
التحدي الثاني: …قصور اللغة العربية عن استيعاب علوم العصر.
التحدي الثالث: …كتابة العربية بالحروف اللاتينية.
التحدي الرابع: …التحديات التي يواجهها الحرف العربي في اللغات غير العربية.
التحدي الخامس: …الدعوة إلى العامية.
المبحث الثاني: طرق مهاجمة اللغة العربية في العصر الحاضر.
المبحث الثالث: التحديات التي تواجه اللغة العربية في فلسطين.
المبحث الرابع: دور القرآن الكريم في التصدي للتحديات التي تواجه اللغة العربية.
التوصيات.
التمهيد
اللغة العربية لغة القرآن الكريم وأصالتها، ويشتمل على مطلبين
المطلب الأول: أصالة اللغة العربية:
…تعود اللغة العربية في أصولها إلي أصل واحد، فقد أكدت أحدث الدراسات الأثرية والتاريخية واللسانية، ظهور لغة ساميَّة مشتركة بين شعوب ممالك الهلال الخصيب ومصر، منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد. واللغة العربية الفصحى - التي أصبحت اللغة الأدبية للجزيرة العربية - منبثقة عن تلك اللغة.. والخلاف بين لهجاتها، كان خلافاً في لفظ الكلمات المكتوبة(1).
__________
(1) ينظر كتاب: في الشعر الجاهلي واللغة العربية، أحمد عثمان، ص74. والكتاب كله في الرد بالأدلة العلمية على ما أثاره المستشرق (مرجليوث) وتلميذه طه حسين، ومن بعدهما لويس عوض، من شبهات حول أصالة مفردات اللغة العربية.. يريدون منها إثبات أن: " اللغة العربية ليست عربية!! ". وخلص بعد تلك الأدلة إلى النتيجة التالية، ص93: " العبرانية والسريانية والكلدانية ولهجات الآراميين كلها عربية.. ويمكننا القول ـ نتيجة للاكتشافات الأثرية الحديثة ـ بأن كلمة (سامِيَّة) هنا تعني: (عربية)". ص9- 10. ثم ذكر في ص 13 :بأن " العالِم أولسهوزن (Olshausen) يقول في مقدمة كتابه عن اللغة العبرية: إن العربية هي أقرب لغات الساميين إلى اللغة السامية القديمة، وأيد رأيه هذا بجملة أدلة، ارتاح لها كثير من علماء الإفرنج" الشبكة العالمية، شبكة تفسير: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4832. وينظر: عاقل، نبيه، تاريخ العرب القديم وعصر الرسول، دار الفكر- بيروت، ص11.
ومن ذلك ما جاء في كتاب تاريخ اللغات السامية(1) (لإسرائيل ولفنسون): "والواقع أنه ليس أمامنا كتلة من الأمم ترتبط لغاتها بعضها ببعض، كالارتباط الذي كان بين اللغات السامية "(2)، وهذا يدلنا على كثرة الجذور اللغوية المشتركة بين عائلة اللغات السامية.. فإذا علمت أن العربية والعبرية من أشدهما تشابهاً - إن لم يكونا أشدهم - على الإطلاق، علمت كثرة الجذور اللغوية التي تشتركان فيها.
والتشابه يتعدى الجذور المجردة إلى التشابه في الكلمات بعينها، يقول)ولفنسون): " على أن هناك كلمات مشتركة فى جميع اللغات السامية، يرجَّح أنها كانت مادة من اللغة السامية الأصلية ".
__________
(1) اللغات السامية أطلقها العلماء اصطلاحا على مجموعة اللغات الني تشمل الأكادية والكنعانية و الآرامية والعربية، لغات الأقوام الذين استوطنوا في القسم الغربي من آسيا وبعض النواحي المتاخمة له من أفريقيا، وأول من استعمل هذه التسمية، العالم الألماني شلوزر عام 1787م معتمدا على التوراة التي تقسم البشرية إلي ثلاث مجموعات، تنسب كل مجموعة إلى أحد أبناء نوح الثلاثة: سام، وحام، ويافث. عبد القادر، عابد، الأمم السامية، مصادر تاريخها وحضارتها، دار نهضة مصر، القاهرة، ص26. الأبراشي، محمد عطية، الآداب السامية، مطبعة عيسى البابي الحلبي، الطبعة الأولى، 1946م، ص17 وما بعدها. عبد الرحيم، عبد الجليل، لغة القرآن الكريم، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان- الأردن، الطبعة الأولى، 1981م، ص30- 33. عاقل، تاريخ، ص 12.
(2) الشبكة العالمية، شبكة تفسير: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4832.ومن ذلك ما جاء في كتاب تاريخ اللغات السامية(1) (لإسرائيل ولفنسون): "والواقع أنه ليس أمامنا كتلة من الأمم ترتبط لغاتها بعضها ببعض، كالارتباط الذي كان بين اللغات السامية "(2)، وهذا يدلنا على كثرة الجذور اللغوية المشتركة بين عائلة اللغات السامية.. فإذا علمت أن العربية والعبرية من أشدهما تشابهاً - إن لم يكونا أشدهم - على الإطلاق، علمت كثرة الجذور اللغوية التي تشتركان فيها.
والتشابه يتعدى الجذور المجردة إلى التشابه في الكلمات بعينها، يقول)ولفنسون): " على أن هناك كلمات مشتركة فى جميع اللغات السامية، يرجَّح أنها كانت مادة من اللغة السامية الأصلية ".
__________
(1) اللغات السامية أطلقها العلماء اصطلاحا على مجموعة اللغات الني تشمل الأكادية والكنعانية و الآرامية والعربية، لغات الأقوام الذين استوطنوا في القسم الغربي من آسيا وبعض النواحي المتاخمة له من أفريقيا، وأول من استعمل هذه التسمية، العالم الألماني شلوزر عام 1787م معتمدا على التوراة التي تقسم البشرية إلي ثلاث مجموعات، تنسب كل مجموعة إلى أحد أبناء نوح الثلاثة: سام، وحام، ويافث. عبد القادر، عابد، الأمم السامية، مصادر تاريخها وحضارتها، دار نهضة مصر، القاهرة، ص26. الأبراشي، محمد عطية، الآداب السامية، مطبعة عيسى البابي الحلبي، الطبعة الأولى، 1946م، ص17 وما بعدها. عبد الرحيم، عبد الجليل، لغة القرآن الكريم، مكتبة الرسالة الحديثة، عمان- الأردن، الطبعة الأولى، 1981م، ص30- 33. عاقل، تاريخ، ص 12.
(2) الشبكة العالمية، شبكة تفسير: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4832.
وتعد اللغة العربية من أقدم اللغات السامية، فهي تسبق السريانية والعبرية لأن العربية تتوافق مع الآكدية التي سبقت السريانية والعبرية، وكانت أقل توافقا معها، مما يدلل على قدم اللغة العربية وعلى عروبة اللغة الأكادية(1).
وهي مازالت حية حتى يومنا هذا، ويرجع الفضل إلى القرآن الكريم الذي حافظ على أصل اللغة الأم(لغة الضاد) وذلك رغم تعرض البلاد إلى غزو الكثير من الأقوام الغريبة في ثقافاتها ولغاتها.
المطلب الثاني: اللغة العربية لغة القرآن الكريم:
ارتبطت اللغة العربية بفضل الله تعالى بكتاب سماوي مقدس هو القرآن الكريم، الذي نزل بلغة عربية سامية، والذي أجمع القدماء، من الفصحاء والبلغاء، بعد طول جدال ونقاش، على وصفه بأنه ذو حلاوة وطلاوة، وأنه يعلو ولا يُعلى عليه. وهذا يعني أن اللغة العربية، في مسارها التاريخي المتطاول، قد ارتبطت فكرياً ووجدانياً بالأنماط اللغوية الفصيحة التي أرسى قواعدها هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وإضافة إلى ذلك، فقد ارتبط الإنسان المسلم بقرآنه لغة وفكراً ارتباطاً عقدياً لا مجال للبحث فيه هنا، نظراً لكونه أمراً بدهياً.
وقد أكدت آيات الذكر الحكيم ذلك فقال عز من قائل: { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ - عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ - بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } (الشعراء:192–195).
ويقول أيضا: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } (يوسف:2).
__________
(1) بورتر، هارفي، موسوعة مختصر التاريخ القديم، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 1991م، ص69. عاقل، تاريخ، ص11.
{ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } (الزمر: 28)، ويقول { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } (فصلت: 3)، وقوله { إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } (الزخرف:3)، وقوله: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ } (إبراهيم:4).
ومن هذا المنطلق نجد الثعالبي(1) ) يعبر عن هذه اللغة أبلغ تعبير فيقول: "من أحب الله تعالى، أحب رسوله محمداً، ومن أحب الرسول العربي أحب العرب، ومن أحب العرب أحب العربية، ومن أحب العربية عني بها، وثابر عليها، وصرف همته إليها، ومن هداه الله للإسلام وشرح صدره للإيمان، وآتاه حسن سريرة فيه، واعتقد أن محمداً خير الرسل، والعرب خير الأمم، والعربية خير اللغات والألسنة، والإقبال على تفهمها من الديانة، إذ هي أداة العلم، ومفتاح التفقه في الدين، وسبب إصلاح المعاش والمعاد، ولو لم يكن في الإحاطة بخصائصها، والوقوف على مجاريها ومصارفها، والتبحر في جلائلها ودقائقها إلا قوة اليقين في معرفة إعجاز القرآن، وزيادة البصيرة في إثبات النبوة التي هي عمدة الإيمان، لكفى بها فضلاً يحسن أثره، ويطيب في الدارين ثمره".
__________
(1) فقه اللغة وسرّ العربية الثعالبي، ط. القاهرة، 1938م، ص1.