= سأبدأ بعون الله في نشر بعض أعمالي الشعرية التي تخرج عن نطاق القصيدة من حيث موضوعها وبنائها الفني .بحيث يمكن القول بصفة عامة بأننا بصدد( دراما شعرية) قد تنحو منحىً مسرحيا مشهديا أو قصصيا يخرج عن نطاق وخصائص الأقصوصة أو القصة القصيرة جدا إلى ما يمثل قصصا طويلة و فصولا روائية..و أكثرهذه الأعمال كُتبت على مدى سنوات طويلة تصل إلى أربعة عقود ..و نشرت في بعض الصحف والمجلات المصرية والعربية وضمّتها بعد ذلك دواوين الشعر التي صدرت لي .. وأبدأ بنشر عمل بعنوان ( قصيدة مسرحية ) هكذا بلا مسمى آخر .نشر في مجلة إبداع - الهيئة المصرية العامة للكتاب عدد إبريل 1989 .ثم في ديواني -في ظلال الرضا -الذي صدر عن رابطة الأدب الإسلامي العالمية ودار البشير بالأردن عام 1999 - وصدرت طبعة أخرى منه عن مكتبة العبيكان بالرياض عام 2001 م -- وأنوّه إلى أنني آثرتُ أن أصنف هذا العمل بأنه - قصيدة مسرحية - وليس - مسرحية شعرية .. ولن يخفى على أصدقائي الكرام السبب في ذلك
------------------
قصيدة مسرحية
-------------
المشهدُ : غرفةُ مكتب أحد المسؤولين بإحدي الشركات الكبري ..
الوقتُ : قُبيلَ الظهرِ
يجلسُ ذاك المسؤول محاطا - بالتليفونات وبالأوراق وبالأعباء
لكنْ : يبدوما مبتسما .مرتقبا مقدم شخصٍ ما ...
يدخلُ رجلٌ يكسوه وقارٌ ورواءْ .
.يرتفعُ صياحُ المسؤول وينهضُ
- أستاذ زغلول ؟ أو هذا معقول !
خمسة أعوامٍ وصديق العمر بعيدٌ عني ..أهلا ..أهلا .. أقربْ منّي
( وتبادَلَ معه القبلاتْ )
واسترسلْ
- ما هذا ؟ خمسة أعوامٍ لا تسألْ
ما شاء الله ..باردةٌ عيناي عليك فمازلتََ شبابا
مؤتلقا ..لم يطفئْ ومْضَتكَ مرورُ السنواتْ
( وأجاب الآخرُ بعد الصمتْ )
- في الواقع أني فكّرْتْ .
.فكّرتُ ولكني
- معذورٌ ..أدركُ أنك معذور ..ربك في العونِ
..فقد أخذتْكَ مشاريعُك تلك الناجحة من الأصحاب
..كنتُ أتابع أخبارَكَ في الصحفِ وأسمعُها في الجلساتْ
لكنْ : تلك الأخبارُ انقطعتْ عني من سنواتْ
أهو السّفرُ الدائمُ والمسؤولياتْ
أم ماذا ؟ حدّثْني
(يضغط زرا ) آهٍ آسفْ
الفرحةُ بك أنستْني
ماذا تشرب ...أهلا أهلا .
.فيك الخير
فعلاً ..فعلا
صدق المثلُ القائلُ : لابدّ وان يتلاقى الأحياءْ
لا تنظرْ في ساعتك ..فلن أدعكَ .ضيفي أنت اليومَ ..
ولن أقبل عذرا منكَ .فبعد قليلٍ أفرغ من أعمالي
لن أدعك حتى تتكرّم وتشرفني في المنزلِ
..... ما أسعدَ هذى الفرصة ..صدِّقْني
كنتَ ببالي
من أيامٍ إذْ خطر بذهني
..لمّا بِعْتُ عقارا ورثتْهُ حرمي من والدها ..
ان أستثمر هذا المالَ لصالحها
في مشروع .. مثلا
وتردَدتُ وقلتُ لنفسي :
من يضمنُ في هذا الزمن الموبوء ضمير الشركاءْ ؟
لكنْ ..حين تذكَرْتُك طابت نفسي واستبشرتُ
فصمّمْتُ
على أن أبحث عنك .. ولكن شغلتني بعضُ الأعباءْ
... وأخيرا ..ها أنت تزور صديقَ العمرْ
- أهلا أهلا ..فيك الخيرْ
آهٍ .من ميزان الزمن الظالم ! مثلي يتعبْ
يفرحُ بالراتب والألقابْ
لكنّ العائد يتبخّرقبل فوات الشهر
لا تعجبْ
لا يخدعْك المنصبْ
كنتَ ذكيا ..أذكى من كل الأصحابْ
إذْ آثرتَ ومنذ تخرّجنا أن تعمل في الأعمال الحُرّةِ
.... وفّقك الله
( كان الآخرُيسمعُ والكلماتُ تموتُ على شفتيهِ
وعيناهُ تبثان شعورا باليأسْ .
..وأخيرا قالَ
: وعيناهُ موجّهتانِ إلى سقف الحجرةِ
والكلمات الخجلى تخرج من شفتتيه مطْفأة الجرْسْ )
- في الواقع ...في الواقع ..إني جئتُ اليوم لأمر ٍ
( يدخل ساعٍٍ بالقهوة ..تنقطعُ الكلماتْ )
يضع الساعي الفنجانين ويخرجُ ..يبتسم المسؤولُ ويشعل ولاّعته
... ينهض وهو يقدّم للزائر سيجارا ويقولْ :
- أمرك .تعلمُ اني قيد أوامركَ ..تفضّلْ
- كنتُ أقول .
آهٍ أني
جئتُ إليك لأني
لا حول ولا قوة إلا بالله
إني منذ سنين أعاني من سوء الأحوالْ
ولقد صفّيْتُ جميعَ الأعمالْ
إذ داهمني
أكثر من ظرف أكل الأخضر واليابس
ولهذا ..أنا متوارٍٍ من أعوامْ
وأخيرا فكّرتُ
وقلتُ
لأبحث عن عملٍ في إحدى الشركاتِ
..... وها أنذا
( عمّ الحجرة صمتٌ ووجومٌ ودخانْ
عبث المسؤول ببعض الأوراق ليتشاغلَ وامتدّ بساطُ الصمتِ
...فنظر الزائرُ في ساعته نظرات خاطفة لا تبغي معرفة الوقتِ
وبعد قليلٍ ساد الحجرةُ إظلامْ
--------
ينسابُ الضوءُ رويدا فرويدا
يلجُ الساعي من باب الحجرة
والجرس يدق -ليأخذ فنجاني
القهوة - ثم بدامرتبكا يمعن في فنجان الزائر ويوجّه عينا يملؤها الرعبُ إلى وجه
المسؤول الجالس مكتئبا ممتعضا
وتلعثم لحظاتٍ ...وأخيرا قال :
- يبدو ان صديق سعادتكم قد نسي القهوةَ
او لم يُعجِبْه البنُّ ..ففنجان سعادته
.... ملآنُ
...ستار ..
احمد محمود محمد مبارك
------------------
قصيدة مسرحية
-------------
المشهدُ : غرفةُ مكتب أحد المسؤولين بإحدي الشركات الكبري ..
الوقتُ : قُبيلَ الظهرِ
يجلسُ ذاك المسؤول محاطا - بالتليفونات وبالأوراق وبالأعباء
لكنْ : يبدوما مبتسما .مرتقبا مقدم شخصٍ ما ...
يدخلُ رجلٌ يكسوه وقارٌ ورواءْ .
.يرتفعُ صياحُ المسؤول وينهضُ
- أستاذ زغلول ؟ أو هذا معقول !
خمسة أعوامٍ وصديق العمر بعيدٌ عني ..أهلا ..أهلا .. أقربْ منّي
( وتبادَلَ معه القبلاتْ )
واسترسلْ
- ما هذا ؟ خمسة أعوامٍ لا تسألْ
ما شاء الله ..باردةٌ عيناي عليك فمازلتََ شبابا
مؤتلقا ..لم يطفئْ ومْضَتكَ مرورُ السنواتْ
( وأجاب الآخرُ بعد الصمتْ )
- في الواقع أني فكّرْتْ .
.فكّرتُ ولكني
- معذورٌ ..أدركُ أنك معذور ..ربك في العونِ
..فقد أخذتْكَ مشاريعُك تلك الناجحة من الأصحاب
..كنتُ أتابع أخبارَكَ في الصحفِ وأسمعُها في الجلساتْ
لكنْ : تلك الأخبارُ انقطعتْ عني من سنواتْ
أهو السّفرُ الدائمُ والمسؤولياتْ
أم ماذا ؟ حدّثْني
(يضغط زرا ) آهٍ آسفْ
الفرحةُ بك أنستْني
ماذا تشرب ...أهلا أهلا .
.فيك الخير
فعلاً ..فعلا
صدق المثلُ القائلُ : لابدّ وان يتلاقى الأحياءْ
لا تنظرْ في ساعتك ..فلن أدعكَ .ضيفي أنت اليومَ ..
ولن أقبل عذرا منكَ .فبعد قليلٍ أفرغ من أعمالي
لن أدعك حتى تتكرّم وتشرفني في المنزلِ
..... ما أسعدَ هذى الفرصة ..صدِّقْني
كنتَ ببالي
من أيامٍ إذْ خطر بذهني
..لمّا بِعْتُ عقارا ورثتْهُ حرمي من والدها ..
ان أستثمر هذا المالَ لصالحها
في مشروع .. مثلا
وتردَدتُ وقلتُ لنفسي :
من يضمنُ في هذا الزمن الموبوء ضمير الشركاءْ ؟
لكنْ ..حين تذكَرْتُك طابت نفسي واستبشرتُ
فصمّمْتُ
على أن أبحث عنك .. ولكن شغلتني بعضُ الأعباءْ
... وأخيرا ..ها أنت تزور صديقَ العمرْ
- أهلا أهلا ..فيك الخيرْ
آهٍ .من ميزان الزمن الظالم ! مثلي يتعبْ
يفرحُ بالراتب والألقابْ
لكنّ العائد يتبخّرقبل فوات الشهر
لا تعجبْ
لا يخدعْك المنصبْ
كنتَ ذكيا ..أذكى من كل الأصحابْ
إذْ آثرتَ ومنذ تخرّجنا أن تعمل في الأعمال الحُرّةِ
.... وفّقك الله
( كان الآخرُيسمعُ والكلماتُ تموتُ على شفتيهِ
وعيناهُ تبثان شعورا باليأسْ .
..وأخيرا قالَ
: وعيناهُ موجّهتانِ إلى سقف الحجرةِ
والكلمات الخجلى تخرج من شفتتيه مطْفأة الجرْسْ )
- في الواقع ...في الواقع ..إني جئتُ اليوم لأمر ٍ
( يدخل ساعٍٍ بالقهوة ..تنقطعُ الكلماتْ )
يضع الساعي الفنجانين ويخرجُ ..يبتسم المسؤولُ ويشعل ولاّعته
... ينهض وهو يقدّم للزائر سيجارا ويقولْ :
- أمرك .تعلمُ اني قيد أوامركَ ..تفضّلْ
- كنتُ أقول .
آهٍ أني
جئتُ إليك لأني
لا حول ولا قوة إلا بالله
إني منذ سنين أعاني من سوء الأحوالْ
ولقد صفّيْتُ جميعَ الأعمالْ
إذ داهمني
أكثر من ظرف أكل الأخضر واليابس
ولهذا ..أنا متوارٍٍ من أعوامْ
وأخيرا فكّرتُ
وقلتُ
لأبحث عن عملٍ في إحدى الشركاتِ
..... وها أنذا
( عمّ الحجرة صمتٌ ووجومٌ ودخانْ
عبث المسؤول ببعض الأوراق ليتشاغلَ وامتدّ بساطُ الصمتِ
...فنظر الزائرُ في ساعته نظرات خاطفة لا تبغي معرفة الوقتِ
وبعد قليلٍ ساد الحجرةُ إظلامْ
--------
ينسابُ الضوءُ رويدا فرويدا
يلجُ الساعي من باب الحجرة
والجرس يدق -ليأخذ فنجاني
القهوة - ثم بدامرتبكا يمعن في فنجان الزائر ويوجّه عينا يملؤها الرعبُ إلى وجه
المسؤول الجالس مكتئبا ممتعضا
وتلعثم لحظاتٍ ...وأخيرا قال :
- يبدو ان صديق سعادتكم قد نسي القهوةَ
او لم يُعجِبْه البنُّ ..ففنجان سعادته
.... ملآنُ
...ستار ..
احمد محمود محمد مبارك