دراما شعرية - 2 -
ذات نهار أمشيري
---------
رأيتُهُ والغيمُ يخنق النهارْ
يرنو من الزجاجْ
مُحصّنا بالدارْ
كفّاه مقبضانِ فوق مقبض الرّتاجْ
وصدرهُ الذي بدت عليه بصمةُ الزمنْ
وضيّقتْ فيهِ منافذَ الشهيق والزفيرْ
يهربُ من أمشيرْ
.... وراء معطف ثقيلْ
إذ الغبارْ
قد لوَّن الهواءَ والبيوتَ والشجرْ
بصفْرةِ السّقامِ والضّجَرْ
ولم تزل تلك الرّياحُ الهائجةْ
تفزِّعُ النوافذَ المُثلّجةْ
..... بالعصفِ والعويلْ
------
عيناهُ راحتا برغم طائر الوهَنْ
ذاك الذي منذ سنين فيهما اسْتَقَرّْ
.... تغالبانِ سطوةَ الغَبَشْ
ووجْهُهُ الذي انكمشْ
... وجفَّ في عروقه الرحيقْ
يجولُ في الطريقْ
فقلتُ :
إنّه السّأمْ
قد بثَّهُ السريرْ
فملّ مثلي من فراشه الضريرُ
.. .وعُدتُ كي أحايلَ القلمْ
لعلّهُ يبثُّ في خواء أسطر الورقْ
ما دوّنتْهُ في مشاعري
.... الرياحُ والغبارُ والمطرْ
فانهالت الحروفُ والصّورْ
وفجأةً
سمعتُ صوتا ينطلقْ
فقمتُ كي أستطلع الخبرْ
ياه ... ياه
لطفكَ يا إلهْ
صوتٌ يصيحُ ينشدُ النّجاةْ
تجمّدَتْ مفاصلي .. ورغم ذاكْ
جاهدتُ كي أواربَ الشبّاكْ
نظرتُ
ليس في الطريق مَنْ يُجِيرْ
صرختُ من خلف حصوني
... بعيوني
الحائرةْ
إذ لاح لي في شرفةٍ مُجاوِرةْ
-- فتى يتابع الصياحَ مُمْسكا
كِتْف فتاةْ
وحينما واجهني بنظرة ( مستهترةْ )
أسرعتُ كي أديرَ قرص هاتفي
وأبلغَ الإنقاذَ عن سقوطِ طابقٍ
... وعدتُ للطريق والنوافذ المحيطةْ
أطمئن النساءَ
.. لا تفزعنََ إننَي اتصلتْ
لا شىء غير جانبٍ هوى .. بسِيطةْ ..
لا شىء غير جانبٍ هوى .. بسيطةْ
--------
وعندما أردتُ أن أُطمئن الشيخ الكبير
لم أجدهُ واقفا في شرفتهْ
فقلتُ : إنّه الوَجلْ
أعادهُ لحجرتهْ
هنيهة .. وشقّ ستْر اليأس بارِقُ الأملْ
لمّا بدا .من هبّ لا يخشى الخطرْ
وغاص في الزجاج والأنقاض والحجرْ
دقّقْتُ كي أرى ملامح - البطلْ -
فباغتتني سحنةُ الشيخ الكبير
وهْو يرفعُ الرّكامْ
ثم يقوم حاملا غلامْ
... وصدرُه النحيفْ
ضمادةٌ فوق الجراح والنّزيفْ
حينئذٍ شعرتُ بالخجلْ
يلفّني
يلُفّني
يلفّني
وراح يدفع الأصابعَ البليدةْ
لكى
ت
م
ز
ق
القصيدةْ
----------
نشرت بديواني - تداعيات -
صدر عن المجلس الأعلي للثقافة
عام 1991
ذات نهار أمشيري
---------
رأيتُهُ والغيمُ يخنق النهارْ
يرنو من الزجاجْ
مُحصّنا بالدارْ
كفّاه مقبضانِ فوق مقبض الرّتاجْ
وصدرهُ الذي بدت عليه بصمةُ الزمنْ
وضيّقتْ فيهِ منافذَ الشهيق والزفيرْ
يهربُ من أمشيرْ
.... وراء معطف ثقيلْ
إذ الغبارْ
قد لوَّن الهواءَ والبيوتَ والشجرْ
بصفْرةِ السّقامِ والضّجَرْ
ولم تزل تلك الرّياحُ الهائجةْ
تفزِّعُ النوافذَ المُثلّجةْ
..... بالعصفِ والعويلْ
------
عيناهُ راحتا برغم طائر الوهَنْ
ذاك الذي منذ سنين فيهما اسْتَقَرّْ
.... تغالبانِ سطوةَ الغَبَشْ
ووجْهُهُ الذي انكمشْ
... وجفَّ في عروقه الرحيقْ
يجولُ في الطريقْ
فقلتُ :
إنّه السّأمْ
قد بثَّهُ السريرْ
فملّ مثلي من فراشه الضريرُ
.. .وعُدتُ كي أحايلَ القلمْ
لعلّهُ يبثُّ في خواء أسطر الورقْ
ما دوّنتْهُ في مشاعري
.... الرياحُ والغبارُ والمطرْ
فانهالت الحروفُ والصّورْ
وفجأةً
سمعتُ صوتا ينطلقْ
فقمتُ كي أستطلع الخبرْ
ياه ... ياه
لطفكَ يا إلهْ
صوتٌ يصيحُ ينشدُ النّجاةْ
تجمّدَتْ مفاصلي .. ورغم ذاكْ
جاهدتُ كي أواربَ الشبّاكْ
نظرتُ
ليس في الطريق مَنْ يُجِيرْ
صرختُ من خلف حصوني
... بعيوني
الحائرةْ
إذ لاح لي في شرفةٍ مُجاوِرةْ
-- فتى يتابع الصياحَ مُمْسكا
كِتْف فتاةْ
وحينما واجهني بنظرة ( مستهترةْ )
أسرعتُ كي أديرَ قرص هاتفي
وأبلغَ الإنقاذَ عن سقوطِ طابقٍ
... وعدتُ للطريق والنوافذ المحيطةْ
أطمئن النساءَ
.. لا تفزعنََ إننَي اتصلتْ
لا شىء غير جانبٍ هوى .. بسِيطةْ ..
لا شىء غير جانبٍ هوى .. بسيطةْ
--------
وعندما أردتُ أن أُطمئن الشيخ الكبير
لم أجدهُ واقفا في شرفتهْ
فقلتُ : إنّه الوَجلْ
أعادهُ لحجرتهْ
هنيهة .. وشقّ ستْر اليأس بارِقُ الأملْ
لمّا بدا .من هبّ لا يخشى الخطرْ
وغاص في الزجاج والأنقاض والحجرْ
دقّقْتُ كي أرى ملامح - البطلْ -
فباغتتني سحنةُ الشيخ الكبير
وهْو يرفعُ الرّكامْ
ثم يقوم حاملا غلامْ
... وصدرُه النحيفْ
ضمادةٌ فوق الجراح والنّزيفْ
حينئذٍ شعرتُ بالخجلْ
يلفّني
يلُفّني
يلفّني
وراح يدفع الأصابعَ البليدةْ
لكى
ت
م
ز
ق
القصيدةْ
----------
نشرت بديواني - تداعيات -
صدر عن المجلس الأعلي للثقافة
عام 1991