مصر، دولة على حافة الإفلاس: أشرنا عديد المرّات إلى ما تُخْفِيه تصريحات محافظ المصرف المركزي والحكومة من وراء الإعلان عن الإرتفاع المُصْطَنَع لاحتياطي النّقد الأجنبي في المصرف المركزي إلى 44 مليار دولار، والإدّعاء بأن "الفضل" يعود إلى السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة، ووجب التّساؤل دائِمًا "هل يستفيد العُمّال والأُجَراء والفُقَراء والمُوظّفين من هذه النّتائج ومن هذه البيانات أو الأرقام؟"، قبل أي تمحيص وتحليل لما خَفِيَ أو ما تريد الحكومات إخفاءَهُ، وفي حالة مصر فإن ارتفاع احتياطي النّقد الأجنبي لم يَكُن نتيجة تَحَسُّن أداء الإقتصاد وارتفاع حجم الإنتاج أو الصّادرات، بل هو نتيجة تأجيل تسديد أقساط القُروض الخارجية (والودائع الخليجية وهي أيضًا قُروض بفائدة تقل نسبتها عن فوائد قُروض صندوق النقد الدولي)، ولم ينتج عن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي ارتفاع في سعر الجُنَيْه مقابل الدولار، لخفض تكاليف القروض وتكاليف استيراد السّلع، وأعلن المصرف المركزي ارتفاع قيمة الدين الخارجي إلى قرابة 83 مليار دولارا بنهاية سنة 2017، بينما أظْهرت تفاصيل الميزانية تخصيص مبلغ 541,3 مليار جنيه لتسددها الدولة بعنوان "فوائد على الديون" في ميزانية السنة المالية 2018 – 2019 التي تبدأ في أول تموز/يوليو 2018، أو حوالي ثلاثين مليار دولارا، لترتفع نسبة الديون الخارجية من 16% من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانية 2015-2016 إلى نسبة 36%خلال الربع الأول من ميزانية 2017-2018 أي من 1 تموز إلى 30 أيلول 2017 (وهي آخر بيانات رسمية عن نسبة الديون الخارجية، ولكن الخُبَراء والشركاء الأجانب والمحلّيّين ينشرون بيانات وأرقام حديثة، من ذلك أن طالب صندوق النقد الدّولي بوقف الإستدانة لأنها تبتلع جزءًا هامًّا من الميزانية ومن الإنتاج، ولا تكفي الزيادة في إنتاج الغاز الطبيعي لتخفيف حدة الديون وما يُسَمّى "خدمة الدّين" المترتبة عنها، وكان من نتائج ذلك خفض الإنفاق الحكومي، وإلحاق الضّرر الكبير بالفُقَراء وحتى الفئات متوسّطة الدخل، بسبب زيادة الأسعار وخفض الدعم عن المحروقات والنقل والغذاء وغيرها، مع خصخصة التعليم والصحة وخدمات الحصول على وثائق رسمية وخصخصة توزيع الماء والكهرباء والصّرف الصّحي (إنْ تَوَفَّرَ)K ;تستهدف الموازنة العامة لعام 2018/2019 تحقيق فائض أوّلي بنسبة 0,2% وتتوقع أن تبلغ نسبة النمو مُعدّل 5,4% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الأربعة القادمة (حتى موفّى حُزيران/يوزنيو 2022)، وفق وزير المالية، وتعتبر هذه النسبة ضعيفة في البلدان التي لا تنتج سلعًا وخدمات ذات قيمة زائدة مرتفعة (التقنيات الحديثة والخدمات المصرفية والسلاح المتطور...)، ووجب نمو الإلإقتصاد بنسبة تفوق 6% سنويا في بلد مثل مصر لاستيعاب الداخلين الجدد إلى "سوق العَمل"، أما ودائع مَشْيَخات الخليج فإنها قُرُوض قصيرة الأجل وتُسَدّدُ على أقساط بنسبة فائدة تعادل 3%سنويا في متوسطها، ووجب النظر بحذر شديد إلى مثل هذه البيانات والأرقام لأنها "مُخادِعَة"، ولا تَعْكِسُ سوى جانب من "الحقائق"، من ذلك نَشْر بيانات عن "فائض أوّلي مُتَوَقّع في الموازنة"، ولكن هذا الفائض اصطناعي وَوَهْمِي، بسبب خفض الإنفاق ثم بسبب عدم احتساب فوائد القروض، التي تعادل قيمتها مع أقساط الدّيون أقل قليلا من نصف حجم الإنفاق الإجمالي العام، وإن وُجِدَ فائضٌ في يوم ما في بلد مثل مصر أو المغرب أو الأردن أو تونس، فهو نتيجة تراجع الإنفاق الحكومي وانخفاض حجم رواتب الموظفين الحكوميين وخفض أو إلغاء الدعم وخصخصة التعليم والصحة وغيرها، وليس نتيجة لزيادة الإنتاج أو قيمة الصادرات... خَصَّصْنا هذه الفقرة لاقتصاد مصر، لأنها أكبر بلد عربي وذات ثقل، لكن تَوْصِيف الظّواهر والإستنتاجات تنطبق في خطوطها العريضة ونقاطها الأساسية على كل الدول التي لجأت إلى الإستدانة من الخارج، من الدول الرأسمالية المتطورة ومن صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومثيليْهِما، ومنها بعض البلدان العربية التي ذكرناها: المغرب وتونس ومصر والأردن... عن نشرة المصرف المركزي المصري لشهر نيسان/ابريل 2018 + وكالة أ.ش.أ + موقع محطة "أُون إي" الفضائية + موقع صحيفة "المصريون" من 15 إلى 19/05/18
هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداك • الرجوع الى صفحة بيانات التصميم