حكم قيادة النساء للسيارة
السؤال:
ما حكمُ سياقةِ السيَّارة بالنسبة للمرأة وقيادتُها لها ..وهل هو من باب تشبه النساء بالرجال؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه الانبياء والمرسلين إلى يوم الدِّين اجمعين، و بعد:-
فالاصل في الافعال التقيد باذن الشارع الحكيم..اي الالتزام بالحكم الشرعي.. والحكم الشرعي كما هو معلوم احد خمسة اقسام.. فاما ان يكون الفعل واجبا وهو ما طلبه الشارع الحكيم طلبا جازما ورتب الثواب على فعله والعقوبة والاثم على تركه..واما ان يكون مندوبا -سنة- وهو ما رتب الشارع الحكيم الثواب على فعله ولم يرتب عقوبة على تركه أي ما طلبه الشارع الحكيم طلبا غير جازم..واما ان يكون الفعل مكروها وهو ما طلب الشارع الحكيم تركه طلبا غير جازم ورتب الثواب على الترك ولم يرتب الاثم والعقاب على الفعل..والحرام وهو ما طلب الشارع الحكيم تركه طلبا جازما ورتب العقاب والاثم على الفعل..والاباحة او المباح من الأفعال وهو ما استوى فيه النهي والطلب فلم يطلب فعله ولم يطلب تركه فلم يرتب الشارع الحكيم على فعله او تركه لا عقابا ولا ثوابا..والناظر في الاحكام بعين البصيرة يجد ان المباح عرضة للتقييد في بعض الأحوال والظروف ..فالصيد وجماع الأزواج وقص الشعر وتقليم الاظافر والدن بالطيب كله مباح للإنسان فعله الا انه محظور في وقت الاحرام بالحج او العمرة للمحرم..فاذا تحلل من الاحرام عاد الى االاباحة.. تماما كالصوم فانه يحظر عليك كثير من المباحات التي تنافي الصوم وتعتبر من المفطرات نهار الصيام فاذا انقضى النهار ودخل الليل ابيحت.. والجماع بين الزوجين مباح الا انه في حالة الحيظ يحظر ..وكذلك السفر والضرب في الأرض مباح الا انه في بعض الأحوال يقيد هذا المباح ويحظر..كسفر المراة لوحدها مسيرة يوم وليلة ودون محرم.. وتقبيل الزوج لزوجته مباح الا انه في الشارع العام والطرقات او الأماكن العامة يحظر. وكثير من المباحات يمكن لولي الامر حظرها على الناس اذا كان فيها خدش للحياء اوتتخذ ذريعة للتوصل الى محرم ..واما الأشياء فالاصل في الاشياء الاباحة مالم يرد دليل الاستثناء من تحريم او كراهة. وهذ تفريق فقهي دقيق بين تحريم الأشياء وتحريم الأفعال.فتحريم الكلب شيء واما اقتناء الكلب فهو فعل متعلق بهذا الشيء..فاكل لحم الكلب محرم كشيء للحكم بنجاسة الكلب والاكل مع الكلب او الشرب من اناء واحد معه محرم وبالتالي ربط اقتناءه بالحظر الا في أحوال معينة كالحراسة او الصيد او الماشية.. بخلاف القط فالقط بذاته لحمه محرم كشيء .. واما اقتناءه فمباح لعدم نجاسته..وهكذا...وبناءاً على ما سبق فان حكم الأشياء الأصل فيه انها مباحةولا يحتاج الى دليل وتحريمها متوقف على النص أي هو ما يحتاج الى دليل كون التحريم هنا استثناء للشيء المحكوم بتحيمه عن الأصل الذي هو الاباحة.
واما الأفعال فمتوقفة على المنع حتى يرد دليل اباحتها..وقيادة السيارة او الدابة وركوبها من الأفعال..وبالنظر الى هذا الفعل نجده كان شائعا أيام نزول الوحي في حياة الناس وزمن الصحابة وكانت المراة تركب دابتها وتقودها ولم يحظر عليها ذلك شانها فيه شان شقائقها الرجال وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم فيما اخرجه أبو داود والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها: (النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَال) أي: في الأحكام، ويُؤيِّدُ ذلك ما أخبر به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن مُستقبَلِ الإسلام وانتشارِه والامن الذي سيحققه لاهل الارض بقوله لعَدِيِّ بنِ حاتمٍ رضي الله عنه: «... فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ، لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ»(رواه البخاري)، والظعينةُ هي: المرأةُ في الهودج، والهودجُ: أداةٌ ذاتُ قُبَّةٍ تُوضَعُ على ظهرِ الجمل لتركب فيها النساءُ،
وهذا الحكمُ مِنْ حيث القيادةُ ـ في حدِّ ذاتها ـ وتعلُّمُها وتعليمها وقد ركبت الصحابيات الجليلات وامهات المؤمنين الخيل والجمال والدواب وسافرن للحج وشاركن في الغزوات ولم ينكر عليهن ركوبهن دوابهن احد فتبين لنا انه من الأفعال المباحة للنساء كما هو للرجال.. ولا يقال هذا تشبه من النساء بالرجال لان ركوب الدواب وأدوات النقل لم يختص به الرجال من دون النساء. وقد ضبط ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى ما يحرم التشبه بهن فيه بأنه: ما كان مخصوصاً بهن في جنسه وهيئته، أو غالباً في زيهن، وكذا يقال في عكسه، فإن تشبه النساء بالرجال حرام في مثل ما ذكر.
واما ما يتولد عن ذلك من مسائل فحكم كل مسالة بمسالتها كالحشمة مثلا وعدم كشف العورات فهي واجبة على الرجل والمراة دوما بحسب ما يليق بكل منهما . وفي الختام نسال الله ان يفقهنا في ديننا ويعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال:
ما حكمُ سياقةِ السيَّارة بالنسبة للمرأة وقيادتُها لها ..وهل هو من باب تشبه النساء بالرجال؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه الانبياء والمرسلين إلى يوم الدِّين اجمعين، و بعد:-
فالاصل في الافعال التقيد باذن الشارع الحكيم..اي الالتزام بالحكم الشرعي.. والحكم الشرعي كما هو معلوم احد خمسة اقسام.. فاما ان يكون الفعل واجبا وهو ما طلبه الشارع الحكيم طلبا جازما ورتب الثواب على فعله والعقوبة والاثم على تركه..واما ان يكون مندوبا -سنة- وهو ما رتب الشارع الحكيم الثواب على فعله ولم يرتب عقوبة على تركه أي ما طلبه الشارع الحكيم طلبا غير جازم..واما ان يكون الفعل مكروها وهو ما طلب الشارع الحكيم تركه طلبا غير جازم ورتب الثواب على الترك ولم يرتب الاثم والعقاب على الفعل..والحرام وهو ما طلب الشارع الحكيم تركه طلبا جازما ورتب العقاب والاثم على الفعل..والاباحة او المباح من الأفعال وهو ما استوى فيه النهي والطلب فلم يطلب فعله ولم يطلب تركه فلم يرتب الشارع الحكيم على فعله او تركه لا عقابا ولا ثوابا..والناظر في الاحكام بعين البصيرة يجد ان المباح عرضة للتقييد في بعض الأحوال والظروف ..فالصيد وجماع الأزواج وقص الشعر وتقليم الاظافر والدن بالطيب كله مباح للإنسان فعله الا انه محظور في وقت الاحرام بالحج او العمرة للمحرم..فاذا تحلل من الاحرام عاد الى االاباحة.. تماما كالصوم فانه يحظر عليك كثير من المباحات التي تنافي الصوم وتعتبر من المفطرات نهار الصيام فاذا انقضى النهار ودخل الليل ابيحت.. والجماع بين الزوجين مباح الا انه في حالة الحيظ يحظر ..وكذلك السفر والضرب في الأرض مباح الا انه في بعض الأحوال يقيد هذا المباح ويحظر..كسفر المراة لوحدها مسيرة يوم وليلة ودون محرم.. وتقبيل الزوج لزوجته مباح الا انه في الشارع العام والطرقات او الأماكن العامة يحظر. وكثير من المباحات يمكن لولي الامر حظرها على الناس اذا كان فيها خدش للحياء اوتتخذ ذريعة للتوصل الى محرم ..واما الأشياء فالاصل في الاشياء الاباحة مالم يرد دليل الاستثناء من تحريم او كراهة. وهذ تفريق فقهي دقيق بين تحريم الأشياء وتحريم الأفعال.فتحريم الكلب شيء واما اقتناء الكلب فهو فعل متعلق بهذا الشيء..فاكل لحم الكلب محرم كشيء للحكم بنجاسة الكلب والاكل مع الكلب او الشرب من اناء واحد معه محرم وبالتالي ربط اقتناءه بالحظر الا في أحوال معينة كالحراسة او الصيد او الماشية.. بخلاف القط فالقط بذاته لحمه محرم كشيء .. واما اقتناءه فمباح لعدم نجاسته..وهكذا...وبناءاً على ما سبق فان حكم الأشياء الأصل فيه انها مباحةولا يحتاج الى دليل وتحريمها متوقف على النص أي هو ما يحتاج الى دليل كون التحريم هنا استثناء للشيء المحكوم بتحيمه عن الأصل الذي هو الاباحة.
واما الأفعال فمتوقفة على المنع حتى يرد دليل اباحتها..وقيادة السيارة او الدابة وركوبها من الأفعال..وبالنظر الى هذا الفعل نجده كان شائعا أيام نزول الوحي في حياة الناس وزمن الصحابة وكانت المراة تركب دابتها وتقودها ولم يحظر عليها ذلك شانها فيه شان شقائقها الرجال وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم فيما اخرجه أبو داود والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها: (النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَال) أي: في الأحكام، ويُؤيِّدُ ذلك ما أخبر به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن مُستقبَلِ الإسلام وانتشارِه والامن الذي سيحققه لاهل الارض بقوله لعَدِيِّ بنِ حاتمٍ رضي الله عنه: «... فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ، لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ»(رواه البخاري)، والظعينةُ هي: المرأةُ في الهودج، والهودجُ: أداةٌ ذاتُ قُبَّةٍ تُوضَعُ على ظهرِ الجمل لتركب فيها النساءُ،
وهذا الحكمُ مِنْ حيث القيادةُ ـ في حدِّ ذاتها ـ وتعلُّمُها وتعليمها وقد ركبت الصحابيات الجليلات وامهات المؤمنين الخيل والجمال والدواب وسافرن للحج وشاركن في الغزوات ولم ينكر عليهن ركوبهن دوابهن احد فتبين لنا انه من الأفعال المباحة للنساء كما هو للرجال.. ولا يقال هذا تشبه من النساء بالرجال لان ركوب الدواب وأدوات النقل لم يختص به الرجال من دون النساء. وقد ضبط ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى ما يحرم التشبه بهن فيه بأنه: ما كان مخصوصاً بهن في جنسه وهيئته، أو غالباً في زيهن، وكذا يقال في عكسه، فإن تشبه النساء بالرجال حرام في مثل ما ذكر.
واما ما يتولد عن ذلك من مسائل فحكم كل مسالة بمسالتها كالحشمة مثلا وعدم كشف العورات فهي واجبة على الرجل والمراة دوما بحسب ما يليق بكل منهما . وفي الختام نسال الله ان يفقهنا في ديننا ويعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.