أمريكا- الإجماع المُقدّس لإنقاذ الرأسمالية
الطاهر المعز
أعلنت منظمة الصحة العالمية، رسميا، تَحَوُّل فيروس "كورونا" إلى وباء، بعد ارتفاع عدد حالات الوفاة بالإصابة ب"كوفيد 19" إلى الآلاف، عبر العالم، لكن الدول الصناعية الكُبرى (الدول الإمبريالية) التي تُنفق مبالغ طائلة على التسلّح والحُروب العدوانية ضد الشعوب المُضْطَهَدَة والفقيرة، ترفض تخصيص نفس المبالغ لمكافحة وباء يُهدد الإقتصاد، كما يُهدّد الإنسانية، ولا تتخذ إجراءات لحماية الطبقة العاملة والفُقراء، بل تُخصص مبالغ طائلة لحماية مصالح الأثرياء...
أقَرَّ قادة مجموعة الدول العشرين (التي تترأسها السعودية، حاليا) ضخّ خمسة تريليونات دولار لمواجهة تداعيات انتشار وباء "كورونا"، الذي يُشكّل خَطَرًا على اقتصاد العالم، وعلى حياة الأفراد، وأوْحَى رئيس الولايات المتحدة بتهدئة الوضع مع الصين، لكنه رَفَضَ إعلان وقف أو تعليق الحرب التجارية، وقبل ذلك أعلنت المديرة التّنفيذية لصندوق النقد الدولي "بداية انكماش الإقتصاد العالمي"، وأشارت إلى "حاجة اقتصاد وأسواق الدول الناشئة إلى ما يزيد عن 2,5 تريليون دولار، خلال فترة انتشار الوباء..."
أعلن مجلس النواب والرئيس الأمريكي في بداية شهر آذار/مارس 2020، عن قرارات تهدف "تخفيف الأثر الإقتصادي لوباء كوفيد 19"، وكانت وسائل الإعلام والحكومة الأمريكية تَدّعِي آنذاك أن "كورونا فيروس عابر"، وتضمّن الإعلان تخصيص مبلغ 2,5 مليار دولار لمواجهة هذا "الفيروسٍ العابر"، ثم تحول المبلغ إلى 2,2 تريليون دولارا (وليس 2,5 مليار دولار) أو أقل قليلاً من نصف قيمة الإنفاق الإجمالي للحكومة (4,7 تريليون دولارا)، بعد أن أصبحت الولايات المتحدة بؤرة رئيسية لانتشار الوباء (100 ألف حالة ووفاة 1500 حتى يوم الخميس 26 آذار/مارس 2020)، وسط الركود، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل، مع وجود ثلاثين مليون مواطن بدون حماية اجتماعية، ولا تشملهم التغطية الصحية، وأقرّت مُؤسّسات الدّولة الأمريكية مضاعفة قيمة الدَّيْن الإتحادي (الفيدرالي) لتتمكن من تخصيص تريليُونَيْ دولار، للخروج من حالة الرُّكود، وتحفيز الإقتصاد، في ظل تداعيات انتشار وباء "كوفيد 19"، عبر توفير مُعدّات طبّيّة للمستشفيات التي لم تكن مهيأة لاستقبال عدد كبير من المرضى، وتقديم مساعدات مالية لينفقَها المواطنون الأمريكيون في شراء المواد الإستهلاكية الأساسية، مع تخصيص مبلغ هام لدعم الشركات "المتضرّرة من كورونا"، كما أقَرّ الكونغرس بالإجماع قُرُوضًا لأصحاب المشاريع الإقتصادية الصغيرة، وتقديم مساعدات غذائية، ومبالغ مالية لفئات عديدة من المواطنين، ومن بينهم "العاملين المستقلين وأصحاب المهن الحرة المُتَضَرِّرِين"، مع توجيه الجزء الأهم من المساعدات للصناعات الضخمة (بدون مُقابل) مثل قطاع الصّلب والتّعدين والطيران (بوينغ ) والسيارات، وشركات النقل الجوي التي هدّدت بتسريح العاملين إذا لم تحصل على مساعدات (وليس قروض).
للتذكير، بلغت مجمل ديون الولايات المتحدة نحو 22 تريليون دولارا، وارتفع حجم الدّيْن الإتحادي الأمريكي من نسبة 35% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية سنة 2007، قبل أزمة 2008/2009، إلى نسبة 80% من الناتج الإجمالي المحلي، بنهاية سنة 2019، وقارب حجم ديون أمريكا خلال مرحلة نهاية الحرب العالمية الثانية، ما يجعل أمريكا تبحث عن حُلُول لازدهار الإقتصاد، ومن بينها شن حُروب جديدة، لإنعاش الإقتصاد عبر زيادة الإنفاق والتصنيع الحربي، وهي الحلول التي لجأت إليها الإمبريالية، كلما اشتدّت الأزمة الرأسمالية في دول "المَرْكَز" الإمبريالي...
أظْهَر انتشار الوباء خَطَأ استراتيجية الخصخصة، وتحويل أمر العناية بصحة المواطنين، من القطاع العام، إلى القطاع الخاص، بعد وُضُوح أَمْر عجز المنظومات الصحية، التي وقعت خَصْخَصَتُها، على مجابهة وباء "كوفيد 19"، وعدم اهتمام القطاع الطبي والصحي الخاص بغير الربح، فهو غير مَعْنِي بابتكار اللقاحات، وبإجراءات الوقاية والعزل، وسبل مواجهة الأزمات الصحية، فاتسعت الفجوة بين مصالح الرأسمالية، التي تُمثلها الأنظمة القائمة في الولايات المتحدة وفي أوروبا وفي معظم بلدان العالم، ومتطلبات سُكّان العالم، من غذاء سليم ومياه نقية ورعاية صحية، وغيرها
الطاهر المعز
أعلنت منظمة الصحة العالمية، رسميا، تَحَوُّل فيروس "كورونا" إلى وباء، بعد ارتفاع عدد حالات الوفاة بالإصابة ب"كوفيد 19" إلى الآلاف، عبر العالم، لكن الدول الصناعية الكُبرى (الدول الإمبريالية) التي تُنفق مبالغ طائلة على التسلّح والحُروب العدوانية ضد الشعوب المُضْطَهَدَة والفقيرة، ترفض تخصيص نفس المبالغ لمكافحة وباء يُهدد الإقتصاد، كما يُهدّد الإنسانية، ولا تتخذ إجراءات لحماية الطبقة العاملة والفُقراء، بل تُخصص مبالغ طائلة لحماية مصالح الأثرياء...
أقَرَّ قادة مجموعة الدول العشرين (التي تترأسها السعودية، حاليا) ضخّ خمسة تريليونات دولار لمواجهة تداعيات انتشار وباء "كورونا"، الذي يُشكّل خَطَرًا على اقتصاد العالم، وعلى حياة الأفراد، وأوْحَى رئيس الولايات المتحدة بتهدئة الوضع مع الصين، لكنه رَفَضَ إعلان وقف أو تعليق الحرب التجارية، وقبل ذلك أعلنت المديرة التّنفيذية لصندوق النقد الدولي "بداية انكماش الإقتصاد العالمي"، وأشارت إلى "حاجة اقتصاد وأسواق الدول الناشئة إلى ما يزيد عن 2,5 تريليون دولار، خلال فترة انتشار الوباء..."
أعلن مجلس النواب والرئيس الأمريكي في بداية شهر آذار/مارس 2020، عن قرارات تهدف "تخفيف الأثر الإقتصادي لوباء كوفيد 19"، وكانت وسائل الإعلام والحكومة الأمريكية تَدّعِي آنذاك أن "كورونا فيروس عابر"، وتضمّن الإعلان تخصيص مبلغ 2,5 مليار دولار لمواجهة هذا "الفيروسٍ العابر"، ثم تحول المبلغ إلى 2,2 تريليون دولارا (وليس 2,5 مليار دولار) أو أقل قليلاً من نصف قيمة الإنفاق الإجمالي للحكومة (4,7 تريليون دولارا)، بعد أن أصبحت الولايات المتحدة بؤرة رئيسية لانتشار الوباء (100 ألف حالة ووفاة 1500 حتى يوم الخميس 26 آذار/مارس 2020)، وسط الركود، وارتفاع عدد العاطلين عن العمل، مع وجود ثلاثين مليون مواطن بدون حماية اجتماعية، ولا تشملهم التغطية الصحية، وأقرّت مُؤسّسات الدّولة الأمريكية مضاعفة قيمة الدَّيْن الإتحادي (الفيدرالي) لتتمكن من تخصيص تريليُونَيْ دولار، للخروج من حالة الرُّكود، وتحفيز الإقتصاد، في ظل تداعيات انتشار وباء "كوفيد 19"، عبر توفير مُعدّات طبّيّة للمستشفيات التي لم تكن مهيأة لاستقبال عدد كبير من المرضى، وتقديم مساعدات مالية لينفقَها المواطنون الأمريكيون في شراء المواد الإستهلاكية الأساسية، مع تخصيص مبلغ هام لدعم الشركات "المتضرّرة من كورونا"، كما أقَرّ الكونغرس بالإجماع قُرُوضًا لأصحاب المشاريع الإقتصادية الصغيرة، وتقديم مساعدات غذائية، ومبالغ مالية لفئات عديدة من المواطنين، ومن بينهم "العاملين المستقلين وأصحاب المهن الحرة المُتَضَرِّرِين"، مع توجيه الجزء الأهم من المساعدات للصناعات الضخمة (بدون مُقابل) مثل قطاع الصّلب والتّعدين والطيران (بوينغ ) والسيارات، وشركات النقل الجوي التي هدّدت بتسريح العاملين إذا لم تحصل على مساعدات (وليس قروض).
للتذكير، بلغت مجمل ديون الولايات المتحدة نحو 22 تريليون دولارا، وارتفع حجم الدّيْن الإتحادي الأمريكي من نسبة 35% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية سنة 2007، قبل أزمة 2008/2009، إلى نسبة 80% من الناتج الإجمالي المحلي، بنهاية سنة 2019، وقارب حجم ديون أمريكا خلال مرحلة نهاية الحرب العالمية الثانية، ما يجعل أمريكا تبحث عن حُلُول لازدهار الإقتصاد، ومن بينها شن حُروب جديدة، لإنعاش الإقتصاد عبر زيادة الإنفاق والتصنيع الحربي، وهي الحلول التي لجأت إليها الإمبريالية، كلما اشتدّت الأزمة الرأسمالية في دول "المَرْكَز" الإمبريالي...
أظْهَر انتشار الوباء خَطَأ استراتيجية الخصخصة، وتحويل أمر العناية بصحة المواطنين، من القطاع العام، إلى القطاع الخاص، بعد وُضُوح أَمْر عجز المنظومات الصحية، التي وقعت خَصْخَصَتُها، على مجابهة وباء "كوفيد 19"، وعدم اهتمام القطاع الطبي والصحي الخاص بغير الربح، فهو غير مَعْنِي بابتكار اللقاحات، وبإجراءات الوقاية والعزل، وسبل مواجهة الأزمات الصحية، فاتسعت الفجوة بين مصالح الرأسمالية، التي تُمثلها الأنظمة القائمة في الولايات المتحدة وفي أوروبا وفي معظم بلدان العالم، ومتطلبات سُكّان العالم، من غذاء سليم ومياه نقية ورعاية صحية، وغيرها