الطلاق أهم مؤشرات الانتعاش الاقتصادي في أمريكا
لندنموسى مهدي
18 فبراير 2014
صدق أو لا تصدق،
اذا كان الرخاء مرتبطاً في عالمنا العربي بزيادة الزيجات والارتباط الاسري فإنه في الغرب مرتبط بتفاقم حالات الطلاق.
ومنه فان معدلات الطلاق أصبحت من أهم المؤشرات التي تحدد توجهات الاقتصاد في أمريكا، وربما كذلك في بعض دول أوروبا الغربية، فكلما ارتفعت حالات الطلاق كانت مؤشراً على انتعاش الاقتصاد، وكلما تدنت معدلات الطلاق كانت دليلاً على الركود الاقتصادي.
هذا الاستنتاج ليس فقط مجرد تخمينات ولكنه نتيجة علمية لمجموعة دراسات وأبحاث أجرتها الجامعات الامريكية في السنوات الاخيرة.
لاحظت هذه الدراسات أن معدلات الطلاق بين المتزوجين في أمريكا ترتفع تبعاً لمعدلات النمو الاقتصادي.
اذا انتعش الاقتصاد ارتفعت نسبة الانفصال بين المتزوجين، واذا جاءت السنوات العجاف أو الركود انخفضت نسبة الطلاقات. وحسب وكالة المعلومات للاحصائيات الفيدرالية في أمريكا فان معدلات الطلاق في الولايات المتحدة ارتفعت في عام 2012 الى 2.4 مليون حالة طلاق مقارنة بعام 2011.
ولاحظت مجموعة دراسات أجرتها جامعات عدة أن معدلات الطلاق في عام 2009 الذي شهد أسوأ أعوام الازمة الاقتصادية في الولايات، كانت في أدنى مستوياتها منذ 40 عاما،ً فيما ارتفعت المعدلات قليلا لتصل الى أعلى مستوياتها في العام الماضي 2013 الذي انخفضت فيه نسبة البطالة من 10% الى 6.6% وبدأ الاقتصاد الامريكي فيه النمو والخروج فعلياً من الكساد.
وحسب تحليل مصاحب لبيانات وكالة الاحصائيات الفيدرالية في أمريكا فإن الطلاق يعني ارتفاعاً في الطلب على المساكن والاثاث، لأن الطلاق عادة ما يخلق عائلتين منفصلتين، كل منهما في حاجة الى سكن منفصل وأثاث بدلا من بيت العائلة الواحد.
وحسب احصائيات وزارة التجارة الامريكية الاخيرة فإن الطلب على المساكن ارتفع بنسبة 67% في العام الماضي 2013 الى 923 الف مسكن مقارنة بمعدلاتها في عام 2009.
ولاحظت الوزارة في احصائياتها أن الرجال المنفصلين عن زوجاتهم رفعوا الطلب على ايجار الشقق في الاحياء التي يسكنون فيها، لأنهم عادة ما يرغبون في ايجار مسكن قريب من عائلاتهم حتى يتمكنوا من حضور مناسبات المدارس مع اطفالهم.
في هذا الصدد، لاحظ البروفسور فيليبس كوهين من جامعة ميرلاند في دراسة تربط بين الطلاق والدورة الاقتصادية في أمريكا أن هنالك حوالي 150 الف حالة طلاق تم تأجيلها في أعوام الكساد بين سنوات 2009 و2011 بسبب الكساد الاقتصادي.
ولايرغب الازواج عادة في الطلاق خلال السنوات العجاف لاسباب أهمها. أولاً: أن الزوجين لا يستطيعان دفع أتعاب المحاماة والمرافعات القضائية التي تصاحب حالات الطلاق.
وثانياً: إن المكآفات المالية والتعويضات التي عادة ما تطلبها الزوجة الحاضنة للاطفال لا تكون مجزية أو على قدر تطلعاتها وطموحاتها، لأنه عادة ما يمنح القضاء هذه التعويضات المالية تبعاً لدخل الزوج.
وكلما كان الوضع الاقتصادي منتعشاً فإن الزوجة ستتمكن من الحصول على مبالغ مالية محترمة.
ومن هذا المنطلق فإن العديد من حالات الطلاق، خاصة تلك التي تكون من جانب النساء، تؤجل في أوقات الكساد الى حين الانتعاش الاقتصادي.
وثالثا: إن الطلاق عادة ما يأخذ وقتا قبل اكتمال الاجراءات القانونية.
ومن هذا المنطلق فإن الزوجين يجدان صعوبة في وضع الترتيبات المالية الكافية للاطفال الى حين حسم قضية الطلاق.
وفي ولاية أريزونا، لاحظت ورقة بحثية أن البطالة تعد من أهم الاسباب التي تجبر الزوجين على تأجيل الطلاق.
وربطت هذه الورقة بين الكلفة المالية للطلاق وبين ارتفاع معدلات البطالة في أمريكا .
ولاحظت أن معدلات الطلاق ارتفعت وفقاً لانخفاض معدل البطالة من 10% في عام 2010 الى 6.6% في نهاية العام الماضي