Hitskin.com
اليوم في 11:39 am من طرف 
ــــــــــــــــــــ(بسم الله الرحمن الرحيم)ــــــــــــــ
32- الحلقة الثانية والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
-----مبحث الزكاة والبذل والانفاق -2- :
رأينا في الحلقة الماضية ان الزكاة عبادة مالية مخوصة محددة شرعا في اموال مخصوصة وتدفع لفئات مخصوصة محددة، بشروط وضوابط مخصصة مجال بحثها كتب الفقه. ورأينا كيف كانت بداية فرضها في المرحلة الدعوية المكية، واقتران اداءها باداء الصلاة جنبا الى جنب، فاذا كانت الصلاة عبادة بدنية وفكرية ومشاعرية تتم بافعال واقوال مخصوصة محددة ، فكذلك الامر بالنسبة لعبادة الصدقة ومنها الزكاة المخصوصة ، وهي عبادة مالية متعلقة بالكسب والادخار، وجعلها الله حقا في مال المسلم وكسبه يؤديها لمستحقيها المعينين الذين حددهم الله بنص القران . واناطت السنة النبوية في المرحلة المدنية تنفيذ جمعها وتوزيعها باجهزة الدولة الاسلامية، التي وظيفتها تمكين الناس من عبادة الله وحده ، والعمل على تحقيق هذه العبودية بالطاعة المطلقة والتسليم المطلق بالاحكام الشرعية ، ثم ازالة العوائق والحواجز التي تحول بين الناس وبين عودتهم للعقل الفطري الذي جُبل على عبادة ربه وخالقه سبحانه وتعالى بالجهاد في سبيل الله لازالة تلك الحواجز والعوائق ، وبذلك تحقق الدولة وانسانها بانظمتها وتشريعاتها الغاية العظمى من خلق الله تعالى للانسان ، التي خلق الانسان و الخلق لأجلها، كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات :56] وبها أرسل جميع الرسل. والعبادة تتضمن كمال الحب ونهايته، وكمال الذل ونهايته، فالمحبوب الذي لا يعظم، ولا يذل له، لا يكون معبودا، والمعظم الذي لا يحب لا يكون معبودا. وتقوم دولة الاسلام على اساس الاعتقاد بإله واحد لا شريك له في الحكم والملك ؛ وهذا ما افادته عبارة «لا إله إلا الله»، وسيادته الحصرية في الحكم والتشريع وضرورة التسليم بالطاعة لأوامره والانتهاء عن نواهيه والالتزام والرضى باحكامه. و وجود دولة للمسلمين ترعاهم باحكام الاسلام واجب بإجماع جميع مذاهب الأمة وفرقها، كما يقول ابن حزم: «اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة، وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة."
اما الحكمة من اناطة تنفيذ الزكاة جمعا وتوزيعا بالدولة الاسلامية ، فذلك اولا لتتولى الدولة واجهزتها المختصة بتنفيذ هذه العبادة المالية المستحقة لمستحقيها في اموال اصحاب الاموال الزائدة عن حاجات نفقاتهم اللازمة ، فتتبارك الاموال وتنمو ثانيا، ويضطر الكانز للمال بان يُشغل ماله كي لا تأكله الزكاة بتعاقب السنين،فتتحرك دورة المال في حياة الامة،موفرة فرص الاستثمار والتشغيل مما يعدم البطالة في المجتمع ، ثم تطهر نفس الباذل المزكي من الجشع والطمع ، وتجعله يتنمى عنده الشعور والحس بالمسؤلية تجاه مجتمعه واخوانه، الذين جعل الله تعالى لهم حقا معلوما في ماله، ويشعر انه جزء فاعل في هذا المجتمع يجب ان يشارك في رعاية افراده، ويتحمل مسؤليته تجاههم .. قال الله تعالى امرا نبيه سلام الله عليه وصلاته بوصفه قائدا للدولة وحاكما عاما للمسلمين ك- (قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (104التوبة) .
وهذه المسؤلية تتوجب في مجال الصدقات غير الزكاة المخصوصة ، فقد روى الطبراني في الكبير عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به". ورواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه".
وعن ابي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: "يَا نِسَاءَ المُسلِمَاتِ، لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لجارتِهَا وَلَوْ فِرْسَنَ شَاةٍ". متفقٌ عَلَيْهِ.
وقد حث القران الكريم المؤمنين على الانفاق مما يحب الناس ،ليعم الخير الامة وتتشارك في الانتفاع به ، قال تعالى مؤكدا ومثبتا لهذه الحقيقة الايمانية التي ربطها بالايمان والبر وذلك في قوله تعالى:- ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)، من سورة آل عمران).
والاصل ان يُعطى منها الفقير والمحتاج - المسكين- ما لايكفيه ويغير حاله من الفقر والحاجة الى الكفاية و الغنى .. لا ان يُعطى فتاتا لا يكاد يقيم اوده ويحوله بالتالي الى متسول وعالة على الناس وعاهة في المجتمع .
وفي حال عدم وجود دولة تأخذ الزكاة ممن استحقت عليه وتدفعها لمستحقها،فان المكلف يجب عليه اخراجها ويبحث ويتحرى عن مستحقيها
بنفسه او يستعين بغيره ليدله على مستحقيها ، لانها عبادة اصبحت مستقرة وثابتة بالاحكام الشرعية ، فعلى المكلف تنفيذها ..
وبمناسبة دخول وقت صدقة الفطر، التي يتوجب علينا في هذه الظروف ان نوصلها باي طريق لاهلنا ومجاهدينا المرابطين الصابرين في غزة واكناف بيت المقدس ، حيث الحصار والتجويع ومنع الغذاء والماء والدواء بوحشية لم يشهد التاريخ لها مثيلا ، فنقول انه يجوز اخراج صدقة الفطر نقدا ، واول من افتى بذلك وعمل به عمر بن عبد العزيز من التابعين والسلف الصالح عليه رحمة الله ، و الذي سبق أبا حنيفة إلى القول به، فقد رُوي أنه أمر عامله في البصرة أن يأخذ من كل إنسان نصف درهم عن صدقة الفطر( أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الزكاة، في إعطاء الدراهم في باب زكاة الفطر (ج 2 /ص398)، رقم (10369)، وعبد الرزاق في مصنفه كتاب الزكاة، (3ج/ص316)، رقم (5778)، وانظر: شرح معاني الآثار، لأبي جعفر الطحاوي)، وهذالم يكن مجرد رأي شخصي لعمر بن عبد العزيز، وإنما جعله أمراً عاماً ، وأَمَرواليَه أن يأخذ من أهل ذلك البلد نصف درهم على صدقة الفطر.
نسال الله ان يعزنا براية نبيه صلى الله عليه واله وسلم وان يجمع شتات امتنا في ظلها على طاعته ومحبته والجهاد في سبيله واقامة شرعه في الارض واخلاص العبودية له وحده لا شريك له ، اللهم انك تسمع وترى وان احولنا تغنيك عن سؤالنا ...
والى لقاء جديد استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
32- الحلقة الثانية والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
-----مبحث الزكاة والبذل والانفاق -2- :
رأينا في الحلقة الماضية ان الزكاة عبادة مالية مخوصة محددة شرعا في اموال مخصوصة وتدفع لفئات مخصوصة محددة، بشروط وضوابط مخصصة مجال بحثها كتب الفقه. ورأينا كيف كانت بداية فرضها في المرحلة الدعوية المكية، واقتران اداءها باداء الصلاة جنبا الى جنب، فاذا كانت الصلاة عبادة بدنية وفكرية ومشاعرية تتم بافعال واقوال مخصوصة محددة ، فكذلك الامر بالنسبة لعبادة الصدقة ومنها الزكاة المخصوصة ، وهي عبادة مالية متعلقة بالكسب والادخار، وجعلها الله حقا في مال المسلم وكسبه يؤديها لمستحقيها المعينين الذين حددهم الله بنص القران . واناطت السنة النبوية في المرحلة المدنية تنفيذ جمعها وتوزيعها باجهزة الدولة الاسلامية، التي وظيفتها تمكين الناس من عبادة الله وحده ، والعمل على تحقيق هذه العبودية بالطاعة المطلقة والتسليم المطلق بالاحكام الشرعية ، ثم ازالة العوائق والحواجز التي تحول بين الناس وبين عودتهم للعقل الفطري الذي جُبل على عبادة ربه وخالقه سبحانه وتعالى بالجهاد في سبيل الله لازالة تلك الحواجز والعوائق ، وبذلك تحقق الدولة وانسانها بانظمتها وتشريعاتها الغاية العظمى من خلق الله تعالى للانسان ، التي خلق الانسان و الخلق لأجلها، كما قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات :56] وبها أرسل جميع الرسل. والعبادة تتضمن كمال الحب ونهايته، وكمال الذل ونهايته، فالمحبوب الذي لا يعظم، ولا يذل له، لا يكون معبودا، والمعظم الذي لا يحب لا يكون معبودا. وتقوم دولة الاسلام على اساس الاعتقاد بإله واحد لا شريك له في الحكم والملك ؛ وهذا ما افادته عبارة «لا إله إلا الله»، وسيادته الحصرية في الحكم والتشريع وضرورة التسليم بالطاعة لأوامره والانتهاء عن نواهيه والالتزام والرضى باحكامه. و وجود دولة للمسلمين ترعاهم باحكام الاسلام واجب بإجماع جميع مذاهب الأمة وفرقها، كما يقول ابن حزم: «اتفق جميع أهل السنة، وجميع المرجئة، وجميع الشيعة وجميع الخوارج على وجوب الإمامة."
اما الحكمة من اناطة تنفيذ الزكاة جمعا وتوزيعا بالدولة الاسلامية ، فذلك اولا لتتولى الدولة واجهزتها المختصة بتنفيذ هذه العبادة المالية المستحقة لمستحقيها في اموال اصحاب الاموال الزائدة عن حاجات نفقاتهم اللازمة ، فتتبارك الاموال وتنمو ثانيا، ويضطر الكانز للمال بان يُشغل ماله كي لا تأكله الزكاة بتعاقب السنين،فتتحرك دورة المال في حياة الامة،موفرة فرص الاستثمار والتشغيل مما يعدم البطالة في المجتمع ، ثم تطهر نفس الباذل المزكي من الجشع والطمع ، وتجعله يتنمى عنده الشعور والحس بالمسؤلية تجاه مجتمعه واخوانه، الذين جعل الله تعالى لهم حقا معلوما في ماله، ويشعر انه جزء فاعل في هذا المجتمع يجب ان يشارك في رعاية افراده، ويتحمل مسؤليته تجاههم .. قال الله تعالى امرا نبيه سلام الله عليه وصلاته بوصفه قائدا للدولة وحاكما عاما للمسلمين ك- (قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا (104التوبة) .
وهذه المسؤلية تتوجب في مجال الصدقات غير الزكاة المخصوصة ، فقد روى الطبراني في الكبير عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به". ورواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه".
وعن ابي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: "يَا نِسَاءَ المُسلِمَاتِ، لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لجارتِهَا وَلَوْ فِرْسَنَ شَاةٍ". متفقٌ عَلَيْهِ.
وقد حث القران الكريم المؤمنين على الانفاق مما يحب الناس ،ليعم الخير الامة وتتشارك في الانتفاع به ، قال تعالى مؤكدا ومثبتا لهذه الحقيقة الايمانية التي ربطها بالايمان والبر وذلك في قوله تعالى:- ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)، من سورة آل عمران).
والاصل ان يُعطى منها الفقير والمحتاج - المسكين- ما لايكفيه ويغير حاله من الفقر والحاجة الى الكفاية و الغنى .. لا ان يُعطى فتاتا لا يكاد يقيم اوده ويحوله بالتالي الى متسول وعالة على الناس وعاهة في المجتمع .
وفي حال عدم وجود دولة تأخذ الزكاة ممن استحقت عليه وتدفعها لمستحقها،فان المكلف يجب عليه اخراجها ويبحث ويتحرى عن مستحقيها
بنفسه او يستعين بغيره ليدله على مستحقيها ، لانها عبادة اصبحت مستقرة وثابتة بالاحكام الشرعية ، فعلى المكلف تنفيذها ..
وبمناسبة دخول وقت صدقة الفطر، التي يتوجب علينا في هذه الظروف ان نوصلها باي طريق لاهلنا ومجاهدينا المرابطين الصابرين في غزة واكناف بيت المقدس ، حيث الحصار والتجويع ومنع الغذاء والماء والدواء بوحشية لم يشهد التاريخ لها مثيلا ، فنقول انه يجوز اخراج صدقة الفطر نقدا ، واول من افتى بذلك وعمل به عمر بن عبد العزيز من التابعين والسلف الصالح عليه رحمة الله ، و الذي سبق أبا حنيفة إلى القول به، فقد رُوي أنه أمر عامله في البصرة أن يأخذ من كل إنسان نصف درهم عن صدقة الفطر( أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب الزكاة، في إعطاء الدراهم في باب زكاة الفطر (ج 2 /ص398)، رقم (10369)، وعبد الرزاق في مصنفه كتاب الزكاة، (3ج/ص316)، رقم (5778)، وانظر: شرح معاني الآثار، لأبي جعفر الطحاوي)، وهذالم يكن مجرد رأي شخصي لعمر بن عبد العزيز، وإنما جعله أمراً عاماً ، وأَمَرواليَه أن يأخذ من أهل ذلك البلد نصف درهم على صدقة الفطر.
نسال الله ان يعزنا براية نبيه صلى الله عليه واله وسلم وان يجمع شتات امتنا في ظلها على طاعته ومحبته والجهاد في سبيله واقامة شرعه في الارض واخلاص العبودية له وحده لا شريك له ، اللهم انك تسمع وترى وان احولنا تغنيك عن سؤالنا ...
والى لقاء جديد استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
