السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حديث الجمعة اسعد الله جمعكم وجمعتكم بالعز والنصر والتمكين
قال الله تعالى :- {قال الله سبحانه: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [البقرة:256]، والطاغوت فاعول من طغى يطغى طاغية وطاغوت وهو كثير الطغيان المتجاوز للحدود دوما .. والطغيان هو الظلم والتعدي وتجاوز الحد والقدر بالعصيان والتجبر والتحدي .. والطاغوت تطلق على كل معبود مطاع الامر و مُتبع النهج من دون الله تعالى،، فتطلق على الشيطان وتطلق على الصنم وعلى بيت الاصنام ..وتطلق على المنهج واي دعوة او مؤسسة او جهة دولية او محلية تحارب شرع الله تعالى و تقوم على غير شرع الله عز وجل؛ ويحتكم الناس اليها ويتبعون حكمها وينفذونه..
يقول الإمام الطبري رحمه الله: والصواب من القول عندي في الطاغوت: أنه كل ذي طغيان على الله، فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، إنسانًا كان ذلك المعبود، أو شيطانًا، أو وثنًا، أو صنمًا، أو كائنًا ما كان من شيء. اهـ. وقد زاد الإمام ابن القيم تعريف الإمام الطبري توضيحاً، فقال في إعلام الموقعين: (الطاغوت: كل ما تجاوز العبد به حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع، فطاغوت كل قوم، من يتحاكمون إليه، غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرةٍ من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها، وتأملت أحوال الناس معها، رأيت أكثرهم عدلوا عن عبادة الله، إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله، وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى التحاكم إلى الطاغوت ،وعن طاعته،ومتابعة رسوله، إلى طاعة الطاغوت،ومتابعته).ا ه .
يقول الله عزوجل محذرا من الاحتكام الى الطاغوت ومنفرا من ذلك لجماعة المؤمنين معتبرا له من صفات المنافقين :- {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} ﴿٦٠ النساء﴾
وقد بين الله تعالى ان عبادة الطاغوت هي من صفة المغضوب عليهم ممن جعل منهم القردة والخنازير ؛ وهم من يؤصلون ويدعون اليها ،فقال سبحانه:-
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَـٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ }﴿٦٠ المائدة﴾..
ولعل ذلك انتقل اليهم بعدوى جينية انتقلت عبر الاجيال من ايام عيشهم في ظل طاغوت فرعون الذي تجبر وطغى فكان يستحيي نساءهم ويقتل اطفالهم وهم من كان يقدم ويبلغ زبانيته بالمواليد الذكور!!!
ثم انتقل هذا الارث معهم الى ان اصبح التملق والمسكنة واظهار الضعف مع اخفاء المكر والدهاء والخبث،، ليكون طبعا تتطبع به نفوس اجيالهم التي لم تتطهر منه،، رغم كثرة انبيائهم ورسل الله اليهم!! الا ان انفسهم لم تتطهر ولم تتزكى وتزكوا...!! فانظر ايضا ما أنزل الله في حقهم وانظر الى التفسير واسباب النزول ان اردت ان تعرف مزيدا،،{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَـٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا }﴿٥١ النساء﴾.. فهذا موقفهم من الحق الذي بين ايديكم ومن رسوله الذي ارسله بالهدى والحق وبالحق ..!!
ومن عدل الله عز وجل واقامته للحجة على البشر واختياراتهم لم يتركهم دون انذار ونذير في كل فترات التاريخ ومختلف الاجناس وتحذيرهم من عبادة الطاغوت؛ فقال سبحانه:- {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} ﴿٣٦ النحل﴾..
فمن اجتنب الطاغوت وكفر به وبمنهجه فقد قال الله تعالى في حقهم:- {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ} ﴿١٧ الزمر﴾..
ولان الله تعالى لا يريد اجبار احد على الاخذ بدين الحق واجتناب اديان الباطل والطاغوت ،، فقد ترك حرية الاختيار مفتوحة للرعية الخاضعة لحكم امة الاسلام بالكتاب والسنة فقال سبحانه:-{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ﴿٢٥٦ البقرة﴾..
اما الكيانات التي تريد نشر الطاغوت وعبادته وبث سموم افكاره ومنكرات فقد جعل الله من صفات المؤمنين الدائمة مقاتلتهم حتى يصدوهم ويردعونهم عن نشر طاغوتهم ؛ وكي لا تكون في الارض فتنة تفتن الخلق وتصدهم عن عبادة الخالق؛ رب العباد بالطاعة المطلقة لامره بما امر وشرع.. فقال سبحانه و تعالى :-{الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} ﴿٧٦ النساء﴾ ..
وكما هو اليوم واضح للعيان من خلال وجود الدول الاستخرابية الطاغية وما صنعته للبشرية من مؤسسات طاغوتية؛ ولإن منهج الطاغوت دوما يسعى لإن يعيش الناس في ظلمات الجهل، لإنه لا قدرة له على الاستمرار والقاء في الوجود مع نور العقل والوعي!! فيعمل دوما على طمس العقول وطلسمتها وتشتيت تركيزها وتفكيرها ؛ فان الله بين لنا ان منهجه تعالى هو الوحيد الذي يملك فقط القدرة على تبديد ظلمات ظلمه وطغيانه فقال سبحانه:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} ﴿٢٥٧ البقرة﴾...
وفي الختام استودعكم الله عز وجل واذكركم لتتذكوا دوما قول ربكم سبحانه وتعالى:-{الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا}( 76 النساء).
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-08-23, 10:30 am عدل 2 مرات