شكلية ظاهرة امتلاء المساجد في رمضان
كتبه : تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل –
30/ 8 / 2009 م
ظاهرة امتلاء المساجد في شهر رمضان المبارك ظاهرة جميلة ، ولكنها وقتية سرعان ما تزول بزوال المؤثر، فتعود المساجد إلى ما كانت عليه تشتكي إلى الله سوء فهم إعمارها ، والملفت للنظر أن المصلين يتعاطون مع الشعائر الدينية تعاطيا سطحيا ؛ بسبب فهمهم الخاطئ لدين الله ، وبعدهم عن روح الإسلام السمحة العظيمة .
ولا أجد تفسيرا يدل على فهم الناس لإسلامهم العظيم والذي يدعو إلى مكارم الخلاق عندما يتصافح المصلون وقد صلّوا معاُ في السطر الأول خلف الإمام ، ثم يتحولون بعد ربع ساعة إلى أعداء يقتل بعضهم بعضا . كما لا أجد تفسيرا لمن يلقي بالعظات والدروس على المصلين ثم يؤذي جاره أو يقاطعه أو يناصبه العداء ، والغريب أنهم يصلون الصلوات الخمس في المسجد ، أو يخرجون من المسجد ولم تتجاوز أقدامهم درجاته الأولى حتى يبدأون بالغيبة والنميمة أو السخرية أو الضحك ، وكأنهم لم يقفوا قبل دقيقة واحدة بين يدي جبار السماوات والأرض المطلع على القلوب والذي يعلم السر وأخفى .
يصلون صلاة هي عبارة عن حركات فقط ، خالية من أي مضمون عملي أخلاقي أو اجتماعي أو ديني أو روحاني ، استجابوا لنداءات عاطفية سطحية سرعان ما تزول بزوال المؤثر، وتناسوا أن الإسلام هو منهاج حياة ، وهو منهاج أمة ، وهو رسالة وحضارة وأمانة .
ولم يعلموا أن الصلاة تعلمنا المحبة وتعلمنا كيف يقبل بعضنا الآخر، لا يلغيه ولا يشطبه ولا يقتله ، وكيف يدافع عنه ويحميه ويناصره ، مصداقا لقول الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في الأحاديث الآتية :
1- المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره .
2- ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
3- المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، ثم شبك بين أصابعه .
4- انصر أخاك ظالما أو مظلوماً، قال: يا رسول الله، أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالماً ؟ قال: تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه .
5- ما من امرئ مسلم يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وتنتهك فيه حرمته إلا نصره الله في موضع يحب فيه نصرته .
6- من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدره على أن ينصره أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة .
7- من نصر أخاه بالغيب وهو يستطيع نصره الله في الدنيا والآخرة .
8- أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني .
الصلاة تنهانا عن الفحشاء والمنكر والظلم ، قال صلى الله عليه وسلم : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له . وقال الحق سبحانه : وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الصلاة سمو في الأخلاق والمعاملة والسلوك والقول والفعل ، قال صلى الله عليه وسلم :
1- أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا .
2- إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا .
3- اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن .
4- والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
والحق تبارك وتعالى يسن لنا قوانين التعامل والتي منها:
{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران134
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر) [آل عمران: 159
وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد
إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد .ق:17-18.
التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.
وفي أموالهم حق معلوم
أليس من الضروري أن يكون لآيات الله وأحاديث نبيه محمد صلى الله عليه وسلم سلطانا على نفوسنا وتفكيرنا وعقولنا وقلوبنا ؟ .
لا اعلم لماذا لا تتأثر كل تلك النفوس والعقول بهذه المعاني الإنسانية الراقية ؟ ولماذا لا تنصبغ وتنجبل بها ؟ ولماذا لا تتفاعل معها فتنكسي من تلك المعاني حللا راقية تظل بظلالها على بني البشر، فيعيش الناس إخوة متحابين ، بدلا من الفهم الميكانيكي والجامد والمتحجر لهذا الدين السمح الحنيف ، ذلك الفهم الذي يسفك الدماء ويرمل النساء وييتم الأطفال ويقطع الأرحام ويفسد في الأرض تحت ستار من دين الله فلن ولم يجتمع الناس إلا على أساس المحبة والرحمة والرفق.
انظروا ماذا فعلت تعاليم ديننا الحنيف في النفوس فأصقلتها :
1- رَجُل يسَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: " تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ" أخرجه البخاري ومسلم .
2- وعن عمار رضي الله عنه قال:" ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ:
الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ
ولهذا قال بعض الحكماء: "أحسنُ المكارمِ؛ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ وَجُودُ الْمُفْتَقِرِ
وقال صلى الله عليه وسلم لقريش :"مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟" قالوا : خَيْرًا! أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: "اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ .
وقال يوسف لإخوته بعد ما أصبحوا في ملكه وتحت سلطانه: (لا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يوسف:92.
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه لِرَجُلٍ شَتَمَه: "يَا هَذَا لَا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا
وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا فَإِنَّا لَا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ
". وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ له الشَّعْبِيُّ: "إنْ كُنْتُ كمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لِي
وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ".
كتبه : تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل –
30/ 8 / 2009 م
ظاهرة امتلاء المساجد في شهر رمضان المبارك ظاهرة جميلة ، ولكنها وقتية سرعان ما تزول بزوال المؤثر، فتعود المساجد إلى ما كانت عليه تشتكي إلى الله سوء فهم إعمارها ، والملفت للنظر أن المصلين يتعاطون مع الشعائر الدينية تعاطيا سطحيا ؛ بسبب فهمهم الخاطئ لدين الله ، وبعدهم عن روح الإسلام السمحة العظيمة .
ولا أجد تفسيرا يدل على فهم الناس لإسلامهم العظيم والذي يدعو إلى مكارم الخلاق عندما يتصافح المصلون وقد صلّوا معاُ في السطر الأول خلف الإمام ، ثم يتحولون بعد ربع ساعة إلى أعداء يقتل بعضهم بعضا . كما لا أجد تفسيرا لمن يلقي بالعظات والدروس على المصلين ثم يؤذي جاره أو يقاطعه أو يناصبه العداء ، والغريب أنهم يصلون الصلوات الخمس في المسجد ، أو يخرجون من المسجد ولم تتجاوز أقدامهم درجاته الأولى حتى يبدأون بالغيبة والنميمة أو السخرية أو الضحك ، وكأنهم لم يقفوا قبل دقيقة واحدة بين يدي جبار السماوات والأرض المطلع على القلوب والذي يعلم السر وأخفى .
يصلون صلاة هي عبارة عن حركات فقط ، خالية من أي مضمون عملي أخلاقي أو اجتماعي أو ديني أو روحاني ، استجابوا لنداءات عاطفية سطحية سرعان ما تزول بزوال المؤثر، وتناسوا أن الإسلام هو منهاج حياة ، وهو منهاج أمة ، وهو رسالة وحضارة وأمانة .
ولم يعلموا أن الصلاة تعلمنا المحبة وتعلمنا كيف يقبل بعضنا الآخر، لا يلغيه ولا يشطبه ولا يقتله ، وكيف يدافع عنه ويحميه ويناصره ، مصداقا لقول الحبيب محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في الأحاديث الآتية :
1- المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره .
2- ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .
3- المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، ثم شبك بين أصابعه .
4- انصر أخاك ظالما أو مظلوماً، قال: يا رسول الله، أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالماً ؟ قال: تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه .
5- ما من امرئ مسلم يخذل امرءاً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وتنتهك فيه حرمته إلا نصره الله في موضع يحب فيه نصرته .
6- من أُذل عنده مؤمن فلم ينصره وهو يقدره على أن ينصره أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة .
7- من نصر أخاه بالغيب وهو يستطيع نصره الله في الدنيا والآخرة .
8- أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني .
الصلاة تنهانا عن الفحشاء والمنكر والظلم ، قال صلى الله عليه وسلم : من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له . وقال الحق سبحانه : وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الصلاة سمو في الأخلاق والمعاملة والسلوك والقول والفعل ، قال صلى الله عليه وسلم :
1- أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا .
2- إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم أخلاقا .
3- اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن .
4- والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
والحق تبارك وتعالى يسن لنا قوانين التعامل والتي منها:
{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران134
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر) [آل عمران: 159
وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد
إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد .ق:17-18.
التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.
وفي أموالهم حق معلوم
أليس من الضروري أن يكون لآيات الله وأحاديث نبيه محمد صلى الله عليه وسلم سلطانا على نفوسنا وتفكيرنا وعقولنا وقلوبنا ؟ .
لا اعلم لماذا لا تتأثر كل تلك النفوس والعقول بهذه المعاني الإنسانية الراقية ؟ ولماذا لا تنصبغ وتنجبل بها ؟ ولماذا لا تتفاعل معها فتنكسي من تلك المعاني حللا راقية تظل بظلالها على بني البشر، فيعيش الناس إخوة متحابين ، بدلا من الفهم الميكانيكي والجامد والمتحجر لهذا الدين السمح الحنيف ، ذلك الفهم الذي يسفك الدماء ويرمل النساء وييتم الأطفال ويقطع الأرحام ويفسد في الأرض تحت ستار من دين الله فلن ولم يجتمع الناس إلا على أساس المحبة والرحمة والرفق.
انظروا ماذا فعلت تعاليم ديننا الحنيف في النفوس فأصقلتها :
1- رَجُل يسَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: " تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ" أخرجه البخاري ومسلم .
2- وعن عمار رضي الله عنه قال:" ثَلاَثٌ مَنْ جَمَعَهُنَّ فَقَدْ جَمَعَ الإِيمَانَ:
الإِنْصَافُ مِنْ نَفْسِكَ، وَبَذْلُ السَّلاَمِ لِلْعَالَمِ، وَالإِنْفَاقُ مِنَ الإِقْتَارِ
ولهذا قال بعض الحكماء: "أحسنُ المكارمِ؛ عَفْوُ الْمُقْتَدِرِ وَجُودُ الْمُفْتَقِرِ
وقال صلى الله عليه وسلم لقريش :"مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟" قالوا : خَيْرًا! أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: "اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ .
وقال يوسف لإخوته بعد ما أصبحوا في ملكه وتحت سلطانه: (لا تَثْرِيبَ
عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يوسف:92.
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه لِرَجُلٍ شَتَمَه: "يَا هَذَا لَا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا
وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا فَإِنَّا لَا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ
". وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ له الشَّعْبِيُّ: "إنْ كُنْتُ كمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لِي
وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ".