دو أن العد التنازلي لنظام آل الأسد الفاشي الذي حكم سوريا أكثر من 40 سنة قد بدأ فعلا منذ لحظة إعلان الثورة السورية خطة "بركان دمشق وزلزال سوريا"، التي كانت ذروتها تلك العملية النوعية التي نفذها الثوار ضد أركان النظام في قلب العاصمة دمشق، أول من أمس الأربعاء، والحديث عن فرار بشار الأسد إلى اللاذقية لإدارة حربه ضد الشعب السوري الثائر من هناك.
لقد دفع الشعب السوري منذ آذار 2011 ثمنا غاليا من دماء أبنائه رجالا ونساء وأطفالا، وهو يلاطم مخرز النظام الفاشي بأكفه، ويبدو أن ساعة الحسم قد اقتربت، لتبقى ثورة الشعب السوري التي أرادها سلمية نظيفة، بينما أرادها الأسد وزمرته دموية تجري أنهارا حمراء في حمص وحماة ودمشق ودرعا وغيرها، لتبقى ثورة نقية من أي لوث خارجي، على شكل دعم، أيا كان نوعه.
ولقد كتبنا هنا قبل فترة أن قدر الله سبحانه يجري بإرادته، وكأن الرسالة تحمل معاني لا يدركها إلا كل ذي قلب سليم؛ سوريا هي المحك وهي المفصل، وهي نقطة التحول الحقيقية في الشرق الإسلامي كله، ومنها –كما نفهم التاريخ- سيكون التغيير الذي تصبو إليه الأمة، لا تغيير الأنظمة فحسب، بل هدم ما بناه الاستعمار طوال قرن مضى (والقصد هنا "كل شيء بناه الاستعمار")، وبدء مرحلة جديدة مختلفة، وجْهَتُها القدس والأقصى، وهناك تلتقي القاهرة ودمشق كما كانتا ذات مرة، ويوم تلتقيان فإن المسألة ستبدو كما بين الأذان والإقامة.. (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا).
لعبة الأمم
إزاء الأحداث الجارية في سوريا والتطورات الأخيرة بخاصة، فإنه من الواجب أن نلفت الأنظار والانتباه إلى أن كل ما كان وما سيكون من مواقف دولية وأممية حتى الآن لا يعدو كونه جزءا من لعبة الأمم، ولعبة الأمم هذه ما وجدت أساسا إلا لتحقق المكاسب والمصالح على حساب أمتنا، ولا شيء غير ذلك. وواضح جلي أن الزلزال الذي انفجر في وجوههم في منطقتنا قد أربك كل حساباتهم، وهم الآن يبحثون عن مخرج، لأنفسهم ولصنائعهم في المنطقة، وهي صنائع كثيرة، المشروع الصهيوني أولها وأهمها، لأن كل الصنائع الأخرى لم تشكل إلا لخدمة هذا المشروع ونموّه وبقائه أطول وقت ممكن. ألم تكن صيحة الشعب السوري: يا الله.. ما لنا غيرك يا الله؟
هذه هي المعادلة..