العقل والشرع يقتضيان وجوب إقامة الخلافة
الإسلام ليس دين كهنوتي يعالج أشواق النفس لعالم الروح، وليس الغاز وإسرار وسراديب، ولا ظلمات ومجاهيل أوهام تفتك بالعقل، وتذلله ليصبح أسيرا لطبقة الكهنوت، التي تقدس وتعبد بالطاعة والإتباع من دون الله تعالى من سدنة النظام الصنمي القائم على تقديس الرموز والصور والتجسيد المادي لمعاني القداسة في الاشخاص والتماثيل المصنمة .
الاسلام دين الرقي و الرحمة للناس كافة، يخاطب الانسان بوصفه انسان، فوجه خطابه العقائدي لعقله الفطري الذي به كرم جنسه على سائر اجناس الخلق، ليرتقي بعقله وتفكيره وينتشله من اوحال الهبوط ومزالق الانحدار، عائدا به لنقاء الفطرة التي فطر الله الناس عليها، فاعطانا عقيدة نورانية، يقتنع العقل بها ويستنير تفكيره، باتخاذها القاعدة للفكر والمنظارللامور، والمقياس الذي به تقاس الافكار، ومن خلاله ينظر للامور والاحداث والاشياء، وبناءا عليها تعالج الاحداث والحوادث والمستجدات.
فهي عقيدة عقلية عملية,عقلية لانها بعد اقناعها للعقل تبنيه وتصوغ طريقة تفكيره,وعملية لانها انبثقت منها احكام المعالجات لكافة اعمال الانسان ومسلكياته، من خلال طريقة تشريعية فذة، اساسها معالجة الدوافع والميول الغرائزية والعضوية لدى الانسان، وثوجيهها التوجيه الذي يليق بالانسان عند الاشباع، وبالطريقة اللائقة والحافظة لانسانيته من جهة، ومن جهة اخرى طبيعة المحكوم فيه من عمل او شيء، من حيث طبيعة الحسن فيه او القبح، ولا يعلم كنه هذه الامور الا من خلق: (الا يعلم من خلق وهو الطيف الخبير) .
وبهذه الطريقة اصبح الربط بين التشريع وبين العقيدة ربطا محكما، كون التشريع الذي يعني الحكم على افعال العباد هو حق فقط لرب العباد، فلا يحكم ولايتحكم في تصرفاتهم الا ربهم الذي خلقهم، وبذلك فقط يتحرر العباد من عبودية العبد والارباب، ولا يكون لهم معبودا الا ربهم الذي خلقهم وحرم عليهم الشرك وفرض عليهم التوحيد والاخلاص فيه وجعله اساس قبول الاعمال والاقوال المعبرةعن الافكار.
وبناء على ما سبق وتأصيلا عليه فان الاسلام دين قائم على عقيدة عقلية، انبثق عنها تشريع منظم لكل مناحي حياة الانسان، وطالما كان هناك تشريع فان اقتضاء وجوده يقتضي وجود كيان من جنسه لتطبيقه والاشراف على تنفيذه، أي دولة قائمة على اساس الاسلام و احكامه و طريقته وبطريقته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2017-02-16, 2:26 am عدل 1 مرات