الفكر هو نتاج عملية التفكير، اي هو نتاج العقل الذي به ميز الله تعالى الانسان عن سائر الحيوان والمخلوقات، و به اهله للاستخلاف في الارض واوكل اليه عمارتها بما شرع ورضي له من الدين. وانحطاط سلوك الانسان او ارتقائه انما يكون بمفاهيمه وافكاره النابعة من فكرته الاساس التي يحملها عن الكون والانسان والحياة وعلاقتها بخالقها..وهي ما يعرف بالعقيدة اساس التفكير وقاعدته، وبالتالي مقياسه الذي يقوم به وعلى اساسه.
والنهضة تعني الارتقاء بالانسان فكرا وسلوكا وبالتالي معيشة وحياة.
وقد عانينا من كثير من الطروحات الغير منهضة لا فكرا ولا سلوكا منذ اكثر من قرن ونيف من الزمن، في فترة انحطت فيها الافكار والقيم والتبست المفاهيم يوم حصل التشويش على قاعدتنا الفكرية، ولم تعد عقيدتنا هي اساس تفكيرنا ولا مقياسه، نتيجة نجاح الغزو الفكري المركز الذي تعرضت له الامة وما زالت، وكان من ابرز تلك الافكار فكرة القومية وفكرة الوطنية، اللتان على اساسهما وبهما مزق شر تمزيق العالم الاسلامي الواحد الموحد، وتشرذم ابناء امته الواحدة اشلاء، وقطعوا فرقا متناحرة متحاربة متنافسة في سبيل تحقيق مصالح صاحب المبضع الذي قطعها .
والسؤال هو :ما هو الفكر وما هو النظام المنبثق عن فكرة القومية او عن فكرة الوطنية؟؟!
ان الاصل في فكرة القوميه انها فكرة عنصريه، تقوم على رابطة دموية عرقيه. فقوم الرجل هم اهله وعشيرته وقبيلته التي ينتسب اليها ويعرف بها، وهذا الامر لايصلح ان يكون قاعدة فكريه، لانه لايولدها ولا يبنى عليها فكر ولا نظام، ورحم الله الامام الشافعي اذ جاءه رجل يعرفه، متعاليا بنسبه، فقال له انا فلان ابن فلان من بني فلان، فرد عليه الامام الشافعي بكل هدوء وازدراء ايش يعني؟! ) لان النسب والاصل والحسب لايعطيك ميزة او كرامة بين الناس ان لم يزين صاحبه راقي الفكر وحسن العمل.( ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) 13الحجرات).
اما فكرة الوطنيه فهي من استوطن بمعنى سكن ومكث واقام، والوطن هو المحله التي يسكنها الانسان، وكل قرية او مدينة او ناحية هي وطن لساكنيها، والكرة الارضيه هي وطن لجنس الانسان المستخلف فيها (واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفه ),, وفكرة الوطنيه بمعنى الانتماء الى حدود معينة في ظل نظام دولة معينه هي فكرة غريبة على امتنا، لم تعرفها الامه لافي جاهليتها ولا في اسلامها، حيث انها جاءت مع المستعمر الغازي في بدايات القرن الماضي ، واقام في بلادنا كيانات وحدود جعل الانتماء في داخلها على اساسها، ليفرق ابناء الامة الواحدة والتي لا يقبل الله تعالى لهم الا ان يكونوا عباد الله اخوانا، مثلهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى اليه سائر الاعضاء بالسهر والحمى، وفكرة الوطنية لاتحمل فكرا ولا مشروعا نهضويا للانسان، ولاينبثق عنها نظام يصلح حال البشر، بل ان ما جاءت به هو دمار الامة وتمزيقها والهبوط بها اسفل سافلين .
والمنعم النظر في مثل هذه الافكار لايجدها تخدم الانسانية، بل تمزقها وتفرقها وتشرذمها وتجعلها مختلفة المصالح والتوجهات والاهواء، وتزرع بينهم العداوات وتبث الكراهية والبغضاء والحسد والشحناء والحروب، والواقع خير دليل واصدق من ينبئك.
ولو نظرنا الى الفكر الذي يعتني بالانسان كانسان ويقدم له حلول قضاياه ومشاكله كجنس بشري واحد، هو فقط دين الاسلام، ذلك المبدأ الرباني الذي مصدره اله الكون والانسان والحياة ،والذي ينظر الى الانسان كجنس واحد خلقه اله واحد من رجل واحد :-(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً{1}النساء ).فلا نهضة حقيقية للبشرية الا اذا تبعوا امر ربهم القائل لهم:-
(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) البقرة 257
اللهم نسألك ان نكون من اوليائك الصالحين ونعوذ بك من الطاغوت واولياءه .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2022-09-21, 7:47 pm عدل 1 مرات