حديث الصوم= من حكم الصوم
الصوم يكبح الشهوات ويحد من ثورانها، ويحرر الانسان من الغرق والوقوع في اسرها، ويطلق ارادته ويقويها، ويعينه على امتلاكها فلا يعود عبدا ذليلا كسيرا تتحكم فيه الشهوات وتلعب بارادته اهواء الملذات .
ولهذا يقول المصطفى ـ صلَّى الله عليه وسلَّم : - (الصوم جُنَّة) أخرجه البخاري ومسلم: ومعنى جُنَّة: أي درعٌ واقية من الإثم في الدنيا ، ومن النار في الآخرة ، وفي الحديث الآخر:- (الصيام جنة من النار كجنَّة أحدكم من القتال) أخرجه أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبَّان عن عثمان بن أبي العاص ، وفي الحديث الآخر:- (الصيام جنَّة ، وهو حصن من حصون المؤمن ) أخرجه الطبراني عن أبي أمامة .
ولهذا كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ يوصي الشباب ـ والذين تموج بهم عواصف الشهوات ، وتكون غرائزهم مهيأة مندفعة دافعة لاقتراف الكبائر والموبقات أكثر من غيرهم ـ بالزواج ؛ فإن لم يستطيعوا إليه سبيلاً ، فإنَّ أنجع طريق لهم مقيِّدة لشهواتهم وكسر حدَّتها ؛ الصوم ؛ فيقول ـ عليه السلام ـ : (يا معشر الشباب : من استطاع منكم الباءة فليتزوج ؛ فإنَّه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنَّه له وجاء) أخرجه البخاري ومسلم. والباءة المنزل، فلما كان الزوج ينزل بزوجه، اطلق على الزواج ويسمى هذا مجاز الملازمة، وكانه قال من استطاع نفقة فتح بيت الزوجية ونفقة المهر فليفعل..
فالزواج اغض للبصر واحصن للفرج لانه يكبح الداعي وينهي اثر الشهوة، و " الوجاء " الخصاء، وجعل وجاء : نظرا إلى المعنى، فإن الوجاء قاطع للفعل وعدم الشهوة قاطع له أيضا ، وهو من مجاز المشابهة .
وكان اثر الصوم في قطع الشهوة وكبح جماحها كاثر الخصاء في قطع اثرها، وخاصة ان الصوم مولد للتقوى، اي مراقبة الله تعالى فيما ظهر وما بطن، وفي السر والعلن، قال الامام ابو حامد الغزالي رحمه الله في كتابه إحياء علوم الدين:-(اعلم أنَّ الصوم ثلاث درجات : صوم العموم ، وصوم الخصوص ، وصوم خصوص الخصوص . فأمَّا صوم العموم فهو: كفُّ البطن والفرج عن قضاء الشهوة ، وأمَّا صوم الخصوص فهو: كفُّ السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام ، وأما صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عمَّا سوى الله عزَّ وجلَّ بالكلية)إحياء علوم الدين(1ج/ص328).
فالحذر كلَّ الحذر من إبطال الصيام بالموبقات ، وقد كان بعض العلماء يرى أنَّ الغيبة تبطل الصيام، ويحتاج المرء لقضاء هذا اليوم الذي فاته. قال مجاهد بن جبر المكي ـ رحمه الله ـ: (خصلتان تفسدان الصيام: الغيبة والكذب ، وقال سفيان الثوري: الغيبة تفسد الصوم)إحياء علوم الدين (ص1/329ج) . رزقنا الله واياكم صوما سليما صحيحا مولدا للتقوى مربيا عليها مانعا من الاثم دافعا الى البر وتقبل الله منا ومنكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-03-27, 12:04 am عدل 3 مرات