على الرغم من فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية المبكرة والتي توجت أردوغان متربعا على عرش حكم تركيا على وقع أصوات قرع طبول الحرب التي افتعلها مع الأكراد لشد العصب التركي ولكن هذا النصر الذي جعل أردوغان يستسيغ طعم الدم الكردي ربما يكون نهاية حلم السلطان العثماني الجديد
فلم تكد تظهر نتائج الاستفتاء الجديد حتى سارع رئيس الوزراء التركي التصريح بأن المسألة الملحة الآن هي تغيير الدستور حيث يعمل أردوغان منذ زمن على تغيير الحكم لتحويله إلى نظام رئاسي وبذلك يظن أنه يكون قد استملك تركيا بدون منازع
متأثرين بنشوة النصر هذه يظن البعض أن نجاح أردوغان في حسم نتيجة الانتخابات لصالحه سيطلق يده أكثر في الأزمة السورية علما أن ما لا يعلمونه أنه وراء الأكمة ما وراءها وأن لأميركا دورا مهما في نجاح مدعي السلطنة من خلال الضغط على أحزاب كانت حتى الأمس القريب تعتبر موالية لها بهدف إعطاء أردوغان الأصوات الكافية لحسم المعركة وبهذا الأمر دخل هذا السلطان بازار المزايدة السياسية ولكن هذه المرة كسلعة وليس كتاجر، فأميركا التي أعطته الأغلبية قادرة في أي لحظة على قلب الطاولة من تحته وتأليب الأحزاب التابعة لها التركية والكردية على حد سواء ضده إن لم يكن حسن السيرة والسلوك ومثالا للخادم المطيع، علما أنها من جهة أخرى تملك في جعبتها أرنب دعم الأكراد وتسليحهم بحجة قتال داعش وهو الأمر الذي يغضب أردوغان دون شك ويعتبره مساسا بأمن تركيا القومي في حال تجاوزه الخطوط الحمراء.
ولكن هل سيستطيع أردوغان المنتشي بالنصر استيعاب الدرس والعبور بين ألغام السياسة الخارجية والاتفاق الأميركي الروسي المصري على تسوية الأزمة السورية سياسيا؟
سؤال برسم السلطان الجديد وإن كانت بعض المصادر ترى أن التدخل الأميركي لإيصاله إلى الزعامة التركية مجددا قد يكون مقدمة لتطويعه وقبوله بالحل السياسي كما ترسم الدول العظمى. ولا تستبعد هذه المصادر أن تكون هناك صفقة ما بين الولايات المتحدة الأميركية وأردوغان تتيح له البقاء في السلطة وإعادة انتخابه رئيسا في صيف 2019 مقابل التغريد في السرب الأميركي دون إزعاج واللحاق بركب قطار قتال داعش.
وعلى الصعيد السياسي التركي فمن المتوقع أن ينجح أردوغان في محاولته استقطاب 13 نائبا إضافيا يحتاجهم حزبه من اجل النجاح في تقديم استفتاء يسمح له بتعديل الدستور وتحول نظام الحكم إلى رئاسي. بعد أن نجحت أميركا في فك التحالف بين حزب الشعب الجمهوري – أكبر أحزاب المعارضة – مع حزب الشعوب الديمقراطي ذو الصبغة الكردية بحجة الأحداث الأمنية التي يقوم بها الأكراد على الحدود وتمرير نصر حزب العدالة والتنمية.
مهما كانت التصلبات بالمواقف التي يبديها أردوغان كي يظهر نفسه كحام للمسلمين السنة في المنطقة مظهرا تركيا بأنها الند القوي الذي يقف أمام تقدم وتوسع نفوذ الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلا أنه يبدو كمن يرقص على حافة الهاوية حيث الرياح الأميركية قبل غيرها كفيلة بإسقاطه فيها خاصة وأن اميركا تمسك في يدها خيط ولاء الجيش التركي الذي يحاول أردوغان أن يطوعه إسلاميا بعكس رغبات أميركا فأصبح بذلك كالمربوط بحبل، مهما تقدم لا بد له ان يقف عند نهاية هذا الحبل.
خالد المعلم