قصة قصيرة بقلم الكاتبة التونسية = أحلام كنيسي
رحلة ضياع
أحيانا كثيرة تمنيت لو لم أكن، ولكني كنت وأنتهى الأمر..مازال صراخ أمي يطن بأذني منذ تلك الليلة الحالكة السواد وهي تتمزق وجعا، تحاول جاهدة إخراجي من جوف رحمها.
كنت شقيا منذ صغري، كيف لا وقد دفعت أمي ضريبة وجودي ؟ أجهضتُ أنفساها عند ولادتي، وعشت أيامي كمتشرد على الهامش.. تتقاذفني الحياة، ويتبرأ مني الحظ، وكأني كلب مصاب بالجرب.. صاحبت الفشل، وضممت بشدة الحزن، ونمت في طرق الضياع.. حاولت مرارا أن أبحث عني بأي ركن مظلم.. عدت أقلب صفحات أيامي الماضية، ما وجدتني بين رفات أمي، ولا في نظرات اتهام من هم حولي..
أقلبُ في المرآة وجهي: يا أيها المتشرد المطل، كم تشبهني!!.. تعودتُ رُؤيتك ليلا تتسكع على بابي.. تعودُ مُترنحا، وبيدك آخر قارورة خمر تعودت إحضارها ومزجها بمخدر، كي تلقَي حتفك داخل بوتقة كوابيس تأبى أن تبارحك.
آآه كم أنا حقير.. حتى التفكير بأن أضع نهاية لآلامي يُخيفني.. ترى مالذي أهابه أكثر: فكرة الموت أو مواجهة خالقي؟؟؟...
أعلم أنه غاضب مني، لأني ما ركعت يوما، وما توسلته مغفرة من ذنوبي: أليس عدم الشعور بفظاعة المعصية موت في حد ذاته !؟.. لا أعلم لمَ ينسبُون الموت لمن فارق الحياة فقط !؟؟ .. ألا يعلمون أن البعضَ يُفارقها وهو ما يزال على قيد الحياة!؟؟... أي وصف يناسب كمية اليأس المتخمة بداخلي؟؟..
لم أرَ يوما شعاع الشمس يخترق ملامحي وينعكس في بريق عينيَّ.. تتراكم فوقي الغيوم السوداء، وتتهاطل الخيبات، لتغرقني، وأغوص في الوحل من جديد.. في آخر رحلة البحث عني، كنت أقتفي أثري، اِنخفضت الى الأسفل عسى أجد في العمقِ جوهرَ الذاتِ، مساحة هدوء دون أدران الحياة.. فوجئت بظلي ممدًا هناك، جثة هامدة، والروائح الكريهة تفوح منه، رحت أركض متنصلا مني ومن حقيقتي، ركضت بعيدا بعيدا.. لكن ما زالت تلك الرائحة تزكم أنفي.
قال لي الطبيب محذرا" نهايتك وشيكة لو لم تنقطع نهائيا عن تعاطي الخمر والسجائر" ..لأول مرة أشعر بذاك الشيء المسمى سعادة، بت أرى العالم أكثر جمالا، انخفضت نسبة السواد والقتامة داخلي، عانقت زجاجة الخمر كعشيقة غظّة ستأخذني الى الجنة او الجحيم لايهم ..بتُ الثم السيجارة بشغف وأحبس أنفاسي أكثر كي يتغلغل طعم قبلتها أكثر ويرسم طرق آخرتي...مع أفول شمس كل يوم أهرع لكل المحطات لعل هناك قطار قادم يقلني بعيدا...هذا الفجر دغدغتني قطرات ندى سقطت فوق وجنتي، كنت أحتضن عشيقتي، أرتشف ما تبقى فيها...سمعت دوي قطار داخل غرفتي، كانت والدتي بوجهها الصبوح من تقوده كانت تشير الي بالصعود، حملتني بجهد...ارتميت على المقعد وأنطلقت الرحلة.
رحلة ضياع
أحيانا كثيرة تمنيت لو لم أكن، ولكني كنت وأنتهى الأمر..مازال صراخ أمي يطن بأذني منذ تلك الليلة الحالكة السواد وهي تتمزق وجعا، تحاول جاهدة إخراجي من جوف رحمها.
كنت شقيا منذ صغري، كيف لا وقد دفعت أمي ضريبة وجودي ؟ أجهضتُ أنفساها عند ولادتي، وعشت أيامي كمتشرد على الهامش.. تتقاذفني الحياة، ويتبرأ مني الحظ، وكأني كلب مصاب بالجرب.. صاحبت الفشل، وضممت بشدة الحزن، ونمت في طرق الضياع.. حاولت مرارا أن أبحث عني بأي ركن مظلم.. عدت أقلب صفحات أيامي الماضية، ما وجدتني بين رفات أمي، ولا في نظرات اتهام من هم حولي..
أقلبُ في المرآة وجهي: يا أيها المتشرد المطل، كم تشبهني!!.. تعودتُ رُؤيتك ليلا تتسكع على بابي.. تعودُ مُترنحا، وبيدك آخر قارورة خمر تعودت إحضارها ومزجها بمخدر، كي تلقَي حتفك داخل بوتقة كوابيس تأبى أن تبارحك.
آآه كم أنا حقير.. حتى التفكير بأن أضع نهاية لآلامي يُخيفني.. ترى مالذي أهابه أكثر: فكرة الموت أو مواجهة خالقي؟؟؟...
أعلم أنه غاضب مني، لأني ما ركعت يوما، وما توسلته مغفرة من ذنوبي: أليس عدم الشعور بفظاعة المعصية موت في حد ذاته !؟.. لا أعلم لمَ ينسبُون الموت لمن فارق الحياة فقط !؟؟ .. ألا يعلمون أن البعضَ يُفارقها وهو ما يزال على قيد الحياة!؟؟... أي وصف يناسب كمية اليأس المتخمة بداخلي؟؟..
لم أرَ يوما شعاع الشمس يخترق ملامحي وينعكس في بريق عينيَّ.. تتراكم فوقي الغيوم السوداء، وتتهاطل الخيبات، لتغرقني، وأغوص في الوحل من جديد.. في آخر رحلة البحث عني، كنت أقتفي أثري، اِنخفضت الى الأسفل عسى أجد في العمقِ جوهرَ الذاتِ، مساحة هدوء دون أدران الحياة.. فوجئت بظلي ممدًا هناك، جثة هامدة، والروائح الكريهة تفوح منه، رحت أركض متنصلا مني ومن حقيقتي، ركضت بعيدا بعيدا.. لكن ما زالت تلك الرائحة تزكم أنفي.
قال لي الطبيب محذرا" نهايتك وشيكة لو لم تنقطع نهائيا عن تعاطي الخمر والسجائر" ..لأول مرة أشعر بذاك الشيء المسمى سعادة، بت أرى العالم أكثر جمالا، انخفضت نسبة السواد والقتامة داخلي، عانقت زجاجة الخمر كعشيقة غظّة ستأخذني الى الجنة او الجحيم لايهم ..بتُ الثم السيجارة بشغف وأحبس أنفاسي أكثر كي يتغلغل طعم قبلتها أكثر ويرسم طرق آخرتي...مع أفول شمس كل يوم أهرع لكل المحطات لعل هناك قطار قادم يقلني بعيدا...هذا الفجر دغدغتني قطرات ندى سقطت فوق وجنتي، كنت أحتضن عشيقتي، أرتشف ما تبقى فيها...سمعت دوي قطار داخل غرفتي، كانت والدتي بوجهها الصبوح من تقوده كانت تشير الي بالصعود، حملتني بجهد...ارتميت على المقعد وأنطلقت الرحلة.