January 21, 2017
جذر الأمازيغية عربي وخط كتاتبتها عربي لتّنه الفرنكفونيون
othman saady
الدكتور عثمان سعدي
تدور في هذه الأيام أقاويل ينشرها دعاة الأمازيغية، فيشتمون العربية ومن يدافع عنها، ويعتبرون العربية معاداة للأمازيغية والتراث الأمازيغي. وأنا أرد عليهم بأن الأمازيغية والعربية من أرومة واحدة لا تناقض بينهما، وأن الذي فرق بينهما هو المستعمر الفرنسي الغاشم منذ 1830 ، وأنه قبل هذا التاريخ لم يوجد أمازيغيّ واحد ينتمي للأمازيغ يعادي العربية، كل الأمازيغ قبل هذا التاريخ كانوا يؤمنون بأن العربية والأمازيغية كيان واحد وأن العربية لغتهم.
جذر كلمة أمازغية عربي
إن جذر كلمة أمازيغية عربي وأنها لا توجد إلا في قاموس اللغة العربية، وإليكم ما ورد في معجم (لسان العرب لابن منظور) حيث ذكر مزرَ معناها قوِيَ واشتد قلبه. ومزَغ تعني وثَب، يقول ابن منظور:
مزر
ويُروى: أَسدٌ مَزِيرُ، والجمع أَمازِرُ مثل أَفِيل وأَفائِلَ؛ وأَنشد
الأَخفش: (هو النحوي المشهور كان أحب امرأة فتخلت عنه وانصرفت لرجل طويل القامة، كان الأخفش قصيرها) فأنشد هذين البيتين مفتخرا بالرجال القصيري القامة)
إِلَيْكِ ابْنَةَ الأَعْيارِ، خافي بَسَالَةَ الـ ــــرِّجالِ، وأَصْلالُ الرِّجال أقاصرُهْ
ولا تَذْهَبَنْ عَيْناكِ في كُلِّ شَرْمَحٍ طُوالٍ، فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمــــــــــــــازِرُهْ
شرح الكلمات: أصلال جمع صِلٌّ وهو ذكر الثعبان.
الأمازرُ : الأقوياء أشداء القلوب
معنى البيتين : يا ابنة الأعيار التي عِبْتِ عليّ قصر قامتي، أعلمك أن فحول الرجال هم قصيرو القامة، هم كذكور الثعابين أقوياء أشداء القلوب,
مَزَغَ: قال ابن بري: التمَزُّغُ التَّوَثُّبُ؛ قال رؤبة:
بالوَثْبِ في السَّوْآتِ والتمَزُّغِ
السوآت : جمع سَوْءٌ أي كل ما يغمّ الإنسان. ومعنى شطر البيت: بتجاوز كل ما يبعث على الغمّ والهمّ والقفز عليه
النزعة الأمازيغية البربرية:
ينبغي أن نفرق بين أمازيغية أو بربرية التي هي عنصر من تاريخ المغرب العربي، وبين النزعة الأمازيغية البربرية وهي إيديولوجية صنعها الاستعمار الفرنسي وتسيرها الأكاديمية البربرية بباريس منذ تأسيسها سنة 1967 وتطبق توجيهاتها الجمعيات الأمازيغية العنصرية العرقية الفرنكفونية بالمغرب العربي، وتطلق على هذه النزعة Berberisme ، ومنذ تاريخ تأسيسها صار البربريون يكتبون اللهجة القبائلية الأمازيغية بالحرف اللاتيني، وهذا التلتين تبنته المحافظة السامية للأمازيغية التي تدير المسألة الأمازيغية بالجزائر. بينما التراث الأمازيغي مكتوب بالحرف العربي، وحرف التيفيناغ الذي يستعمله التوارق البدو بالصحراء والذي يزعم البربريون أنه الحرف الأمازيغي هو مستمد من الحرف الكنعاني الفينيقي المنحدر من حرف المسند العربي باليمن السعيد.اللغة الأمازيغية تعتبر لغة الضاد الأمازيغ يفرقون بين الضاد والظاء، الكاتب الجزائري الأمازيغي السعيد الزاهري نشر مقالا في مجلة المقتطف المصرية سنة 1938 عنوانه (البربرية لغة الضاد).
والذي يؤكد كتابة هذا التراث بالحرف العربي أن ديوان الشاعر القبائلي الأمازيغي الكبير محند أُو محند، الذي ولد في قرية أقمون (الأربعاء أنيراثن) سنة 1883 وتوفي سنة 1946 على الأرجح والذي يعتبر في مستوى الشعراء العرب الكبار ، وأنا أشبهه في سيرته وشعره بالشاعر العربي الشنفرى، يقول عنه الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أنه متنبى الأمازيغ، شعره موزون مقفى في طابع الموشح، أسميه ثلاثيات سي موحند. وأقدم للقراء الكرام ثلاثيات لهذا الشاعر مستمدة في ديوانه الذي نشرها كتاب رائع عنوانه (أشعار سي موحند الحوار الرفيع بين الصوت الأمازيغي والحرف العربي) للمؤلف عبد الرحمن بوزيده، الصادر عن دار الحكمة بالجزائر سنة 1990 ، الشعر مثبت بالقبائلية مع الترجمة العربية. وقد وضعت خطا تحت الكلمات العربية في النص القبائلي وهي كثيرة، لأبين أن الشاعر لا يستعمل الكلمات الفرنسية إلا نادرا وأن تسعين في المائة من كلمات اللغة الأمازيعة جذورها عربية، وقد أثبت ذلك في (معجم الجذور العربية للكلمات الأمازيغية) الذي أصدرته سنة 2007. كمأ أوضح أن الأكاديمية البربرية في باريس قامت بتطهير القبائلية التي تعتبرها هي الأمازيغية، تطهيرها من الكلمات التي فيها رائحة الإسلام والعربية مثل (السلام فلاّون) التي صارت (أزّول فلاون)، مع أن كلمة أزول لا وجود لها في أي لهجة أمازيغية، التحية المتداولة في سائر اللهجات الأمازيغية بما فيها القبائلية هي (السلام فلاّون) أي السلام عليكم ، ومن الغريب حتى اليهود العبرانيون يحيون بكلمة السلام، فيقولون (شالوم عِمِّيخم) أي السلام عماكم وهي قلب لكلمة معكم والقلب مشهور في العربية، ففي صحراء الجزائر بعض العشائر تقول خذني عماك بدل معك؛ واستبدلت كلمة الشهيد في الأمازيغية بكلمة أمغراس؛ ومثل كلمة يَلّو التي حلت محل الله ورب؛ كما استبدلت عشرات الكلمات ويطبق هذه الخطة في تبديل الكلمات البربريست الفرنكفونيون بالجزائر. ولنلاحظ ان الشاعر محند يستعمل في شعره اسم الجلالة ربّي والله.
في هذه الثلاثية يقول الشاعر أنه غريب في قرن يسيطر عليه الاستعمار فجعله معوجا، فقلبي يتزلزل من هذا الاعوجاج، بحيث صرت في بلدي كاليتيم المسجون
الترجمة الأمازيغي
كم فؤادي يترجرج أثَا أوليُو إسْرَجْرَجْ
إن هذا القرن أعوج أفَ القَرنْ أعوَجْ
كاليتيم غلقوا الأبواب دوني أيَ أوصاغْ أمْــڨُـوجيلْ ثَبُّورَثْ
وفي ثلاثية أخرى يصف القرن تحت المستعمر بالرعب الذي أثرى فيه المستعمرون وعملاؤهم الكلاب وتدهورت حياة كل نبيل:
إن هذا القرن رعبٌ القرنْ أَڨِ إِسَرْهبْ
أثرى فيه أيّ كلبٍ ذَڨْ رَفْهانْ لَكْلابْ
وانهزمَ كلّ نبيلٍ ثَرْزَمْ يا أولادْ بابْ الله
ويحدد هوية المنافق المدعي فيقول إن من يزعم أنه قديس بينما هو غارق في المحيط النجس حاملا في يده سبحة
كم تباهَوْا بالقداسة أطَاسْ أيْ ڨـوغانْ الميثاقْ
غارقينَ في النجاسهْ ذِ الذْنوبْ إِعلاقْ
وعلى الأعناق سبحه تَسْبَحْ إزْڨَ غافْ إيريسْ
ويتكلم بفلسفة عن توحيده لله وقبوله بصبر كلما يأتي منه
سبحانك يا أوحدْ سبحانك يا واحد الأوحد
وجب أن نحمدْ ذا الواجَبْ أكْ نَحْمَدْ
كلما أعطيتَ نَصبرْ ثَفْكيدْ القُدرى نَصَبْراسْ
وفي تعبير المتصوف يقول إنه اختار تقاه الذي هو عبارة عن بستان كله زهور منورة، أشجاره بها الثمار النادرة
اخترت بستاني اختيار غيغْ لجْنانْ سَلْخَتيرْ
فيه النّوّار جارْ أقوانْ ذَڨْسْ لَنْوارْ
ومن الأشجار ضم ما ندرْ سَكْرْ ذاكْرانْ إلْساونْ
يصر الشاعر على أن الوطني المخلص يرضى بأن يسحق على أن ينحني للظلم، العصيان واجب لإدارة يديرها عملاء ويستعمل وصف قواد، في اللهجة الجزائرية التي تعني أحط ما يقوم به رجل عندما يصير رابط اتصال بين النساء البغايا والرجال الفاسقين، ويستعمل كلمة شاف chef))وتعني بالفرنسية رئيس
نُهرَسُ ولا انحناء أنَرَّزْ وَلاَ أنَقْنو
إنما العصيان أولا أرَخِيْ دَعْوِ السّوءْ
حين يصير القَوادون قادة أَنْدَ أَتْسِقْوِيدَنْ شِفاَنْ chefs
يقول صار وطني في ظل الاستعمار غريب، يسير كسفين بغير شراع، فركبني كمواطن اليأس الشديد، واسم الوطن الأرض بالأمازيغية الوارد بهذه الثلاثية (أمّورث) وهي عربية “أرض ممرّثة إذا أصابها غيث قليل”.
موطني قد صار بِدعهْ تْمُورْثيُو ذِلْ بِدْعَا
يخبط من غير شرعهْ فَغَنْ أَوْكْ سِ أشرعا
زاد يأسي وتأكّدْ أَبْريدَا قِطْعَغْ لَياسْ
بهذه المعلومة المختصرة نؤكد للقارئ الكريم أن العروبة والأمازيغية تعود إلى أرومة واحدة، يجمع بينهما كلُّ شيء ولا يفرق بينهما أيُّ شيء، وأن الحرف العربي هو الذي يعبر عن سائر الصوتيات للأمازيغية، وأن التراث الأمازيغي الثقافي كتب بالحرف العربي، وأن الأكاديمية البربرية في باريس التي نشأت سنة 1967 بعد استقلال الجزائربخمس سنوات هي التي تدير المسألة الأمازيغية بالجزائر والمغرب بالحرف اللاتيني، وأن البربريون الفرنكفونيون الجزائريون يطبقون توجيهات هذه الأكاديمية.