ما معنى كلمة (الدِين) ؟
استُعملت كلمة " الدِين " في اللغة العربية في معاني عديدة منها :
1. الجزاء والحساب على الاعمال: وهذا هو المعنى الذي قصده خويلد بن نوفل الكلابي، بقوله للحرث بن أبي شمر الغساني،وكان قد اغتصبه ابنته :-
يا أيُّها الملكُ المخَوُف، أَمَا تَرَى لَيلاً وصُبْحاً كيف يختلفان
هل تستطيع الشمس أن تأتي بها ليلاً، وهل لك بالملَيك يدانِ
يا حارِ، أَيْقِنْ أَنَّ مُلْكَكَ زائلٌ واعْلَمْ بِأَنَّ كَما تَدِينُ تُدَانُ
أي تُجزَى بما تفعل.. و قد استُعملت كلمة " الدين " بمعنى الجزاء في عدة مواضع من القرآن الكريم منها :
· قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ الفاتحة4 ، أي مالك يوم الجزاء .
· وقول الله جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾ الذاريات6 .
2. الطاعة : و استُعمل لفظ " الدين " بمعنى الطاعة في القرآن الكريم في مواضع منها :· قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ ﴾ النحل52 .
· و قوله تعالى : ﴿ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ التوبة29 .
3- العادة والشأن:- فكل من يلتزم بعادة معينة، تكون تلك العادة دينه وديدنه،بمعنى أنها تصبح عادته وطريقته،ومن ذلك قول العرب : (ما زال ذلك ديني وديدني) أي شأني وعادتي وطريقتي.
4- ومن المعاني المتضادة للفظ الدين،أنه يأتي بمعنى العزة والذلة،والقهر والخضوع والطاعة،كما أنه بأتي بمعنى العبادة.
وإنما نميز أو نفهم المعنى المراد من خلال المورد والسياق الذي ترد فيه هذه المفردة،فإن تعدت إلى المفعول بذاتها، كقولنا : دانه، ويدينه،أفادت القهر والاستعلاء.
وإن تعدت بالباء،كقولنا : دان به،أو يدين به،كانت بمعنى العبادة،أي تعبد به.
وان تعدت باللام كقولنا دان له اي خضع وذل واطاع....
5-الدين بمعنى النظام العام والنهج والشريعة في الحكم (.. مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)يوسف.
6- ومن أسماء الله سبحانه وتعالى (الديان) أي الحكم القاضي الذي يدين الخلائق باقامة الحجة عليهم..
ووفق هذه المعاني للدين،وهي القهر والاستعلاء، والخضوع والطاعة،والتعبد والعبادة،فإن الدين يمثل علاقة بين طرفين أحدهما أعلى (وهو الله عز وجل) والثاني أدنى (وهو الإنسان) وتكاليف عبادية،وأوامر ونواهي إلهية،يفرضها الطرف الأعلى ،ويلتزم و يتعبد بها الطرف الأدنى.وليه فان الدين في الاصطلاح مأخوذ من هذه المعاني اللغوية، ليكون معناه الاصطلاحي هو الطريقة التي رسمها الله عز وجل لعباده،وأمرهم بالالتزم بها، والسير على نهجها،وعدم الانحراف عنها،سواء في الأصول أو الفروع، ليحققوا لأنفسهم السعادة في الحياة الدنيا،والفوز بالرضوان الإلهي الأكبر يوم القيامة. وبذلك يشمل مصطلح الدين العقيدة والشريعة حيث ان العقيدة هي قاعدة البناء العقلي والفكري للانسان والشريعة قاعدة الانطلاق السلوكي وموجه التصرفات البشرية لضبطها ضبطا صحيحا مستقيما وفق مراد الله تعالى.
لذلك عرفه البعض فقال :- هو " وضع إلهي لأولي الألباب والعقول يتناول الأصول و الفروع ".
وعليه فإن المتتبّع يجد أن معنى الدين في المفهوم القرآني هو معنى دقيق جداً ، فالدين حسب اصطلاح القرآن هو الطريقة الإلهية العامة التي تشمل كل أبناء البشر في كل زمان و مكان ، و لا تقبل أي تغيير و تحويل مع مرور الزمن و تطوّر الأجيال ، و يجب على كل أبناء البشر إتباعها ، و هي تُعرض على البشرية في كل أدوار التاريخ بنحو واحد دون ما تناقض و تباين ، ولذلك كانت رسالة الانبياء سلام الله عليهم واحدة ثابتة تقتضي توحيد الله والاخلاص له في الطاعة والعبادة و الاستسلام لامره والانقياد والاذعان له سبحانه..يقول الله تعالى : ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ ال عمران19- ، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ ال عمران 85.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
استُعملت كلمة " الدِين " في اللغة العربية في معاني عديدة منها :
1. الجزاء والحساب على الاعمال: وهذا هو المعنى الذي قصده خويلد بن نوفل الكلابي، بقوله للحرث بن أبي شمر الغساني،وكان قد اغتصبه ابنته :-
يا أيُّها الملكُ المخَوُف، أَمَا تَرَى لَيلاً وصُبْحاً كيف يختلفان
هل تستطيع الشمس أن تأتي بها ليلاً، وهل لك بالملَيك يدانِ
يا حارِ، أَيْقِنْ أَنَّ مُلْكَكَ زائلٌ واعْلَمْ بِأَنَّ كَما تَدِينُ تُدَانُ
أي تُجزَى بما تفعل.. و قد استُعملت كلمة " الدين " بمعنى الجزاء في عدة مواضع من القرآن الكريم منها :
· قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ الفاتحة4 ، أي مالك يوم الجزاء .
· وقول الله جَلَّ جَلالُه : ﴿ وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ ﴾ الذاريات6 .
2. الطاعة : و استُعمل لفظ " الدين " بمعنى الطاعة في القرآن الكريم في مواضع منها :· قول الله عَزَّ و جَلَّ : ﴿ وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللّهِ تَتَّقُونَ ﴾ النحل52 .
· و قوله تعالى : ﴿ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ التوبة29 .
3- العادة والشأن:- فكل من يلتزم بعادة معينة، تكون تلك العادة دينه وديدنه،بمعنى أنها تصبح عادته وطريقته،ومن ذلك قول العرب : (ما زال ذلك ديني وديدني) أي شأني وعادتي وطريقتي.
4- ومن المعاني المتضادة للفظ الدين،أنه يأتي بمعنى العزة والذلة،والقهر والخضوع والطاعة،كما أنه بأتي بمعنى العبادة.
وإنما نميز أو نفهم المعنى المراد من خلال المورد والسياق الذي ترد فيه هذه المفردة،فإن تعدت إلى المفعول بذاتها، كقولنا : دانه، ويدينه،أفادت القهر والاستعلاء.
وإن تعدت بالباء،كقولنا : دان به،أو يدين به،كانت بمعنى العبادة،أي تعبد به.
وان تعدت باللام كقولنا دان له اي خضع وذل واطاع....
5-الدين بمعنى النظام العام والنهج والشريعة في الحكم (.. مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76)يوسف.
6- ومن أسماء الله سبحانه وتعالى (الديان) أي الحكم القاضي الذي يدين الخلائق باقامة الحجة عليهم..
ووفق هذه المعاني للدين،وهي القهر والاستعلاء، والخضوع والطاعة،والتعبد والعبادة،فإن الدين يمثل علاقة بين طرفين أحدهما أعلى (وهو الله عز وجل) والثاني أدنى (وهو الإنسان) وتكاليف عبادية،وأوامر ونواهي إلهية،يفرضها الطرف الأعلى ،ويلتزم و يتعبد بها الطرف الأدنى.وليه فان الدين في الاصطلاح مأخوذ من هذه المعاني اللغوية، ليكون معناه الاصطلاحي هو الطريقة التي رسمها الله عز وجل لعباده،وأمرهم بالالتزم بها، والسير على نهجها،وعدم الانحراف عنها،سواء في الأصول أو الفروع، ليحققوا لأنفسهم السعادة في الحياة الدنيا،والفوز بالرضوان الإلهي الأكبر يوم القيامة. وبذلك يشمل مصطلح الدين العقيدة والشريعة حيث ان العقيدة هي قاعدة البناء العقلي والفكري للانسان والشريعة قاعدة الانطلاق السلوكي وموجه التصرفات البشرية لضبطها ضبطا صحيحا مستقيما وفق مراد الله تعالى.
لذلك عرفه البعض فقال :- هو " وضع إلهي لأولي الألباب والعقول يتناول الأصول و الفروع ".
وعليه فإن المتتبّع يجد أن معنى الدين في المفهوم القرآني هو معنى دقيق جداً ، فالدين حسب اصطلاح القرآن هو الطريقة الإلهية العامة التي تشمل كل أبناء البشر في كل زمان و مكان ، و لا تقبل أي تغيير و تحويل مع مرور الزمن و تطوّر الأجيال ، و يجب على كل أبناء البشر إتباعها ، و هي تُعرض على البشرية في كل أدوار التاريخ بنحو واحد دون ما تناقض و تباين ، ولذلك كانت رسالة الانبياء سلام الله عليهم واحدة ثابتة تقتضي توحيد الله والاخلاص له في الطاعة والعبادة و الاستسلام لامره والانقياد والاذعان له سبحانه..يقول الله تعالى : ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ ال عمران19- ، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ ال عمران 85.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.