طاقة: يتطلب قطاع النفط والغاز استثمارات ضخمة قبل بلوغ مرحلة الإنتاج وجَنْيِ عوائد هامة، وتُعْتَبَر عائدات شركات النفط من أعلى العوائد على الإستثمارات، حيث لا يتجاوز مُعدّل سعر تكلفة برميل النفط العربي (عالي الجودة في معظمه) دولارين للبرميل الخام عند الإنتاج، وتعمد الشركات إلى الإستثمار في عمليات النقل والتصفية (المَصَافي) وفي شبكات البيع بالتجئة للبنزين، لتَضْخيم أرباحها إلى الحد الأقصى، ولكن هذه الشركات تُقَلِّص استثماراتها عند أول عثرة أو أزمة أو انخفاض في أسعار الخام، وأَدّى انخفاض أسعار النفط الخام منذ منتصف 2014 إلى انخفاض قياسي لاستثمارات الاستكشاف والحفر والإنتاج النّفْطي بنسبة 45% سنتي 2015 و 2016، من 800 مليار دولارا سنة 2014 إلى 433 مليار دولارا سنة 2016، وهو انخفاض قياسي خلال خمسة عقود، وبعد اتفاق خفض الإنتاج بين دول منظمة البلدان المُصَدِّرَة للنفط (أوبك)، وبلدان من خارجها مثل روسيا، ارتفعت أسعار النفط الخام، وارتفعت الإستثمارات في قطاع النفط والغاز بنسبة 6% سنة 2017، وتتحكم شركات النفط العالمية الكُبْرى (وليس الدول المُنْتِجة) في حركة رؤوس الأموال المستثمرة، وعمَدَت هذه الشركات إلى خفض توظيف الرساميل، كذلك إلى خفض الإنفاق على كافة العمليات والتشغيل وخفض كلفة الإنتاج بنسبٍ عالية بلغت 40% بهدف المحافظة على مستوى عائدات أصحاب الأسهم، وبعد ارتفاع الأسعار سنة 2017 بدأت الشركات الإستثمار في سِتّة مشاريع ضخمة منذ بداية سنة 2017، خاصة في أمريكا الشمالية، حيث مَكّن التطور التِّقَنِي من خفض تكاليف إنتاج النفط الصّخري بنسبة حوالي 60% ليُصْبِح سعر البرميل مُرْبِحًا في حدود خمسين دولارا، وخلق إنتاج النفط الصخري مشاكل عديدة للبلدان المنتجة للنفط الأحفوري، وخصوصًا النفط في عرض السواحل (البرازيل وفنزويلا وأنغولا...) لأن تكاليف استخراجه أعلى من الآبار البَرِّيّة، وأصبحت الولايات المتحدة تنافس إيران والسعودية في بلدان آسيا وأوروبا، وتضخ في الأسواق كميات كبيرة لتعويض خفض الإنتاج ولتخريب اتفاق أوبك وروسيا، وارتفعت الاستثمارات في النفط الصخري الأميركي بنحو 60 مليار دولار سنتي 2015 و2016، وتُخَطّط الولايات المتحدة لمنافسة روسيا في مجال الغاز الطبيعي، وغزْوِ أسواق أوروبا التي تستورد من روسيا حوالي 30% من حاجتها من الغاز... قَدّر خُبَراء الطاقة زيادة سيطرة منتجي النفط الصخري الأمريكي على سوق الطاقة، بعد الضّغط على تكاليف الإنتاج، وبعد التحالف مع كبرى الشركات التجارية في مجال الطاقة مثل "فيتول" و"ترافيغورا" و"جفنور"و"غلنكور"، إذْ وَسَّعَتْ هذه الشّركات نطاق نشاطها في تجارة النفط ومشتقاته وزادت من استثماراتها في المصافي وفي قطاع التكرير خلال السنوات الخمس الماضية، في حين لن تتمكن بعض البلدان الأعضاء في "أوبك" من زيادة إنتاجها بسبب نقص الإستثمارات الأجنبية، مثل العراق والجزائر وفنزويلا وإيران... من جهة أخرى، تمكنت الولايات المتحدة -بفضل تطوير التقنيات وخفض تكاليف إنتاج النفط الصّخري خلال العقد الماضي- من التّحوُّل من مُسْتَوْرِدٍ إلى مُصَدِّرٍ للطاقة، وقد تُصْبِحُ خلال مُدّة قصيرة أكْبَرَ مُصَدِّر عالمي للغاز الطبيعي المُسَال، ومنافسة أوبك وروسيا بفضل ارتفاع كميات الغاز الطبيعي المسال المنتجة في تكساس ولويزيانا، وضخِّها في الأسواق العالمية، مما أَدَّى إلى وفرة المَعْرُوض وانخفاض أسعار الطاقة عالميا، ولا يتوقّع خبراء الطاقة أن يتجاوز سعر برميل النفط الخام سِتِّين دولارا خلال العقد القادم، إذ أنفقت الشركات الأمريكية (بدعم وتشجيع من الحكومة) مليارات الدولارات في البنية التحتية، إذ تُعَدُّ عملية تصدير واستيراد الغاز الطبيعي المسال من العمليات المعقدة، وتكاليف شحنه مرتفعة للغاية، بسبب ضرورة تبريده إلى أقل من 260 درجة (تحت الصِّفْر) قبل تكثيفه لكي يتحول إلى ما يسمى "بالغاز الطبيعي المسال"، لِتَيْسِيرِ عملية شحنه في ناقلات عملاقة نحو مرافئ البلدان المُسْتَوْرِدَة التي وجب عليها إعادة تحويل الغاز المسال مرة أخرى إلى الحالة الغازية قبل نقله بواسطة خطوط الأنابيب، واستثمرت الشركات الأمريكية في عمليات إنتاج وتحويل ونقل الغاز الطبيعي لتصبح أمريكا مُنافِسًا جِدِّيًّا لأكبر المُصَدِّرين العالميين (قطر وأستراليا وروسيا)، وأصبحت تُنافس روسيا في أوروبا وعلى حدودها في "ليتوانيا" و"بولندا"، ما اضطرّ روسيا إلى تخفيض أسعار الغاز المصدر إلى أوروبا في محاولة للحد من تدفّق الغاز الأمريكي، ومن تأثيرات تحول أوروبا منذ 2015 إلى الإعتماد على مصادر "الطاقة المتجددة"، مع العِلْم إن مبيعات الطاقة تُمَثِّلُ نحو نصف عائدات الدولة في روسيا... عن وكالة الطاقة الدولية - موقع "نيويورك تايمز" 31/10/17
هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداك • الرجوع الى صفحة بيانات التصميم