الأردن بين استمرار الأزمة وتغيير النهج
حلقة 1
المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
لماذا وكيف يدخل الأردن، منذ فترة التأسيس ولحد اليوم، بشكل دوري في أزمات؟
فما أن يخرج من أزمة حتى يدخل في أزمة أخرى.
الجواب، بكل بساطة يكمن في: نهج الحكم وفي بنية النظام وفي البنية الاقتصادية الاجتماعية الاستهلاكية غير المنتجة.
الأزمة تكمن في بنية الدولة المستهلكة وبنية المجتمع المستهلك.
النهج هذا، هو من يتسبب في هذه الأزمات الدورية المتتالية؟
فما هو هذا النهج؟
النهج هو الخيار الذي تتبناه القيادة السياسية والقيادة الاقتصادية، لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، ، بفعل قوة قد تكون شرائح داخلية (قوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف النخب) وقد تكون بفعل قوة من الخارج ( الطغمة المالية العالمية) وفي الحالة الأردنية يرجح فعل العامل الخارجي، بمساعدة فعل قوى تابعة محلية.
أي دولة وأي مجتمع في العالم يعتمد في تسيير أموره على المنح والمساعدات الخارجية، سيخضع قراره بالمحصلة لإرادة ومصالح المانح والمتبرع، من يدفع للزمّار يحدد اللحن.
لماذا ؟ تعتمد بعض الدول وبعض المجتمعات على المنح والمساعدات الخارجية في إدارة شؤونها، وقد تكون ولكن لفترة محددة، وهذا بالتأكيد نتيجة العوز في مجالات مختلفة؟
هل الأردن بحاجة فعلاً لهذه المنح والمساعدات؟
الجواب الحقيقي والفعلي وبحسب المعطيات، الأردن ليس بحاجة لهذه المنح والمساعدات، كونه يمتلك ثروات طبيعية هائلة، ومقدرات وطنية عظيمة، وكفاءات وخبرات مشهود لها، ولدية أموال ضخمة محتجزة في البنوك وفي الصناديق السيادية وصناديق النقابات العمالية والمهنية، وفي عقارات غير منتجة وفي السوق المالي المضارب، على العكس من مقولات الندب والنوح، لو استثمرت هذه العناصر متكاملة لأصبح الأردن دولة مانحة وليس دولة مستجدية.
فرضت سياسة الاعتماد على المنح والمساعدات على البلاد منذ تأسيس الإمارة ولحد اليوم فرضاً بقوة الانتداب، ثم تحولت مع مرور الزمن إلى نهج، وبسبب غياب الإرادة الوطنية لدى القيادة السياسية والقيادة الاجتماعية في التحرر من هذا النهج، وبسبب غياب الوعي الحقيقي لدى المجتمع: القوى السياسية والاجتماعية والنخب، أصبح مقولة مقدسة لدى الحكم ولدى العامة.
هل نحن بحاجة إلى منح ومساعدات؟ الجواب:
الأردن ليس بحاجة لهذه المنح والمساعدات إطلاقاً، بل على العكس تماماً، لو تمكّنا من تحرير إرادتنا وتحرير ثرواتنا الطبيعية، وتمكّنا من تحويلها إلى خيرات، لكنا بلا منازع نحن المانحين للمساعدات، وليس الواقفين على أبواب الدول المانحة مستجديين.
وكنا ليس المستجدين لهذه المنح والمساعدات، وليس الخانعين لقرار المانحين، بل لكنا أصحاب اليد العليا.
أن المطروح ليس شعارات تطلق في الهواء، بل هي معطيات موضوعية وحقيقية، كما هو بلا رتوش، أن ثرواتنا الطبيعية المتوفرة تحت سطح الأرض الأردنية، والكفاءات والخبرات والقدرات الأردنية مشهود لها ولا تحتاج إلى برهان.
الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية والكفاءات والخبرات والأموال عملياً وفعلياً متوفرة، فما الذي يمنع من تفعيل هذه العناصر، ومن خلالها خلق الثروة الوطنية،
لكم الإجابة ولديكم الحل، فما هو الحل؟
الجواب عندكم.
" كلكم للوطن والوطن لكم"
حلقة 2
عودٌ على بدء!!!
فرض الانتداب البريطاني الأول، نهج الاعتماد على المنح والمساعدات على الأردن، لأجل إدارة شؤون الدولة والمجتمع، من خلال معاهدة الانتداب، مع فترة التأسيس، ومن ثم أستمر الانتداب الثاني الأمريكي بهذا النهج، من خلال النقطة الرابعة سابقاً، ولاحقاً من خلال صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة الخارجية، وبالاعتماد على سياسية " القاتل الاقتصادي والقاتل الاجتماعي".
القاتل الاقتصادي يعمل على إغراق الدول والمجتمعات بالمديونية: ديون خارجية وديون داخلية.
القاتل الاجتماعي يعمل على تحميل الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وتحميل الفقراء والمعوزين والمعذبين في الأرض، وزر أزمة خانقة لم يكن لهم يد فيها، بينما يتم إعفاء مسببيها من وزر تداعياتها.
أذن أس المشكلة وجوهرها في الحالة الأردنية، يكمن بالضبط في نهج التبعية والاستهلاك وخلق الديون، ومن خلال حجز إحداث التنمية الوطنية المتمحورة حول الذات الوطنية، وحجز إي إمكانية لتنمية قدراتنا وثرواتنا وكفاءاتنا واستثماراتنا الوطنية، وهي هائلة وغير متصورة من قبل الكثير من أبناء مجتمعنا، إبقائنا على هذه الحالة هو الهدف الرئيس للطغمة المالية العالمية، وقوى التبعية المحلية،
لماذا؟ يتساءل كثير من أبناء البلد.
الجواب ببساطة، يكمن في الموقع الجغرافي للأردن في هذه المنطقة، منطقة تضارب المصالح الدولية والإقليمية، موقع في غاية الأهمية ، وحيث يندرج ضمن مجموعة من العقد الجيوسياسي الهامة المنتشرة على الكرة الأرضية، والمحددة لنتائج الصراع في المنطقة خاصة وعلى الصعيد العالمي عامة، لذلك يجب أن يبقى فقيراً معوزاً متوتراً مرعوباً لضمان استمرار الهيمنة علية.
وطالما أن نهج الحجز هذا، حجز أي إمكانية لإحداث تطور قوى إنتاج وطني، وحجز أي تطور اقتصادي وطني في البلاد، غير مكلف لصاحب القرار، الطغمة المالية العالمية وأتباعها من صهاينة ومجموعات التبعية المحلية والعربية: في الحكم وفي السوق وفي صفوف النخب، غير مكلف لمن يأمر به ولمن يأتمر به، فسيبقى هذا الحال مستمراً، إلى أن تتغير موازين القوى على أرض الواقع.
فهل يمكن تغيير موازين القوى هذه؟ الجواب نعم يمكن.
نظرة على معطيات الواقع القائم، وتحليل واقعي علمي وموضوعي لطبيعة النهج القائم، يظهر أنه مأزوم وعاجز عن تأمين خروج هادئ وسلمي من الأزمة، وذلك بسبب المعطيات التالية:
اعتماد نهج الاستهلاك بديلاً عن نهج الإنتاج، وما ينجم عن ذلك من مديونية مستدامة ومتنامية، تقع كامل تداعياتها ووزرها على كاهل الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة وعلى كاهل الفقراء والمعدمين والمعوزين والمعذبين في الأرض، وهو ظلم ما بعده ظلم وقهر واستعباد.
الاعتماد على المساعدات الخارجية في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وما ينجم عنه من مصادرة القرار الوطني المستقل.
حجز بناء اقتصاد وطني منتج، أي حجز بناء قوى الإنتاج الوطني، وإبقاء المجتمع على حالة البدائية: العشائرية والقبلية والطائفية والمذهبية والإثنية...الخ وتسيد ثقافة التخلف والسماح بتعميم القيم الظلامية.
المشكلة الحقيقية تكمن في أن، معادلة التبعية بين التابع والمتبوع، بين الطغمة المالية العالمية وأتباعها في الداخل وفي المحيط، مستقرة منذ تأسيس الإمارة، مستقرة لصالح الطغمة المالية العالمية وقوى التبعية المحلية، وعلى حساب الدولة والمجتمع وعلى حساب الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وعلى حساب لقمة عيش الفقراء والمعوزين والمعذبين في الأرض، وستبقى كذلك طالما أن ردت فعل المجتمع على الأزمات المتتالية، محسوبة بدقة ومعروفة تماماً لدى قوى التبعية في الحكم وفي المركز صاحب القرار، ولسنا هنا بحاجة إلى سرد الأحداث وصيرورتها غير المنتجة، ألتي لم تؤدي إلى الخروج من الأزمة، بل زادت من حدّتها، منذ أن تأسست المعارضة عام 1928 في المؤتمر الوطني الأول، مرورا بحكومة سليمان النابلسي عام 1956، ألتي لم تصمد أمام قرار حلها بعد أقل من عام، إلى هبة نيسان 1989 ثم انتفاضة الخبز عام 1996 ثم صيرورة حراكات 2011 ، أي كافة الحراكات الشعبية ونتائجها لحد اليوم، ألتي لم تراكم بما يكفي لحل الأزمة، وحل معادلة التبعية، وستبقى الأزمة مستعصية على الحل إلى أن يتم تغيير المعادلة.
هل يمكن الانفكاك من هذه الحلقة الجهنمية : كسر نهج التبعية والاستهلاك وما ينجم عنه من أزمات متتالية يدفع ثمنها الدولة والمجتمع، على حدٍ سواء، حيث يتم تحميل الدولة مديونية قاتلة، من جهة، ومن جهة أخرى، تحميل المجتمع ثمن التبعية، من لقمة عيشه وصحته وجيبه، عبر ضرائب عالية وأسعار فاحشة، تنتج باستمرار متاولية تردي مستوى المعيشة، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، ورفع يد الدولة عن التدخل في آلية السوق " البقرة المقدسة " للطغمة المالية وأتباعها؟
التبعية، تعني وضع مصالح الطغمة المالية العالمية فوق المصالح الوطنية للدولة والمجتمع، حيث يتم تحميل الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة تكاليف هذا الدور، وحيث المستفيد الفعلي من هذا الدور، المركز وأتباعه، معفى من هذه التكاليف، عبد يدفع للسيد مقابل عبوديته.
هل يمكن الاستمرار في دفع هذا الثمن، الجواب عندكم.
" كلكم للوطن والوطن لكم"
حلقة 1
المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
لماذا وكيف يدخل الأردن، منذ فترة التأسيس ولحد اليوم، بشكل دوري في أزمات؟
فما أن يخرج من أزمة حتى يدخل في أزمة أخرى.
الجواب، بكل بساطة يكمن في: نهج الحكم وفي بنية النظام وفي البنية الاقتصادية الاجتماعية الاستهلاكية غير المنتجة.
الأزمة تكمن في بنية الدولة المستهلكة وبنية المجتمع المستهلك.
النهج هذا، هو من يتسبب في هذه الأزمات الدورية المتتالية؟
فما هو هذا النهج؟
النهج هو الخيار الذي تتبناه القيادة السياسية والقيادة الاقتصادية، لإدارة شؤون الدولة والمجتمع، ، بفعل قوة قد تكون شرائح داخلية (قوى التبعية في الحكم وفي السوق وفي صفوف النخب) وقد تكون بفعل قوة من الخارج ( الطغمة المالية العالمية) وفي الحالة الأردنية يرجح فعل العامل الخارجي، بمساعدة فعل قوى تابعة محلية.
أي دولة وأي مجتمع في العالم يعتمد في تسيير أموره على المنح والمساعدات الخارجية، سيخضع قراره بالمحصلة لإرادة ومصالح المانح والمتبرع، من يدفع للزمّار يحدد اللحن.
لماذا ؟ تعتمد بعض الدول وبعض المجتمعات على المنح والمساعدات الخارجية في إدارة شؤونها، وقد تكون ولكن لفترة محددة، وهذا بالتأكيد نتيجة العوز في مجالات مختلفة؟
هل الأردن بحاجة فعلاً لهذه المنح والمساعدات؟
الجواب الحقيقي والفعلي وبحسب المعطيات، الأردن ليس بحاجة لهذه المنح والمساعدات، كونه يمتلك ثروات طبيعية هائلة، ومقدرات وطنية عظيمة، وكفاءات وخبرات مشهود لها، ولدية أموال ضخمة محتجزة في البنوك وفي الصناديق السيادية وصناديق النقابات العمالية والمهنية، وفي عقارات غير منتجة وفي السوق المالي المضارب، على العكس من مقولات الندب والنوح، لو استثمرت هذه العناصر متكاملة لأصبح الأردن دولة مانحة وليس دولة مستجدية.
فرضت سياسة الاعتماد على المنح والمساعدات على البلاد منذ تأسيس الإمارة ولحد اليوم فرضاً بقوة الانتداب، ثم تحولت مع مرور الزمن إلى نهج، وبسبب غياب الإرادة الوطنية لدى القيادة السياسية والقيادة الاجتماعية في التحرر من هذا النهج، وبسبب غياب الوعي الحقيقي لدى المجتمع: القوى السياسية والاجتماعية والنخب، أصبح مقولة مقدسة لدى الحكم ولدى العامة.
هل نحن بحاجة إلى منح ومساعدات؟ الجواب:
الأردن ليس بحاجة لهذه المنح والمساعدات إطلاقاً، بل على العكس تماماً، لو تمكّنا من تحرير إرادتنا وتحرير ثرواتنا الطبيعية، وتمكّنا من تحويلها إلى خيرات، لكنا بلا منازع نحن المانحين للمساعدات، وليس الواقفين على أبواب الدول المانحة مستجديين.
وكنا ليس المستجدين لهذه المنح والمساعدات، وليس الخانعين لقرار المانحين، بل لكنا أصحاب اليد العليا.
أن المطروح ليس شعارات تطلق في الهواء، بل هي معطيات موضوعية وحقيقية، كما هو بلا رتوش، أن ثرواتنا الطبيعية المتوفرة تحت سطح الأرض الأردنية، والكفاءات والخبرات والقدرات الأردنية مشهود لها ولا تحتاج إلى برهان.
الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية والكفاءات والخبرات والأموال عملياً وفعلياً متوفرة، فما الذي يمنع من تفعيل هذه العناصر، ومن خلالها خلق الثروة الوطنية،
لكم الإجابة ولديكم الحل، فما هو الحل؟
الجواب عندكم.
" كلكم للوطن والوطن لكم"
حلقة 2
عودٌ على بدء!!!
فرض الانتداب البريطاني الأول، نهج الاعتماد على المنح والمساعدات على الأردن، لأجل إدارة شؤون الدولة والمجتمع، من خلال معاهدة الانتداب، مع فترة التأسيس، ومن ثم أستمر الانتداب الثاني الأمريكي بهذا النهج، من خلال النقطة الرابعة سابقاً، ولاحقاً من خلال صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة الخارجية، وبالاعتماد على سياسية " القاتل الاقتصادي والقاتل الاجتماعي".
القاتل الاقتصادي يعمل على إغراق الدول والمجتمعات بالمديونية: ديون خارجية وديون داخلية.
القاتل الاجتماعي يعمل على تحميل الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وتحميل الفقراء والمعوزين والمعذبين في الأرض، وزر أزمة خانقة لم يكن لهم يد فيها، بينما يتم إعفاء مسببيها من وزر تداعياتها.
أذن أس المشكلة وجوهرها في الحالة الأردنية، يكمن بالضبط في نهج التبعية والاستهلاك وخلق الديون، ومن خلال حجز إحداث التنمية الوطنية المتمحورة حول الذات الوطنية، وحجز إي إمكانية لتنمية قدراتنا وثرواتنا وكفاءاتنا واستثماراتنا الوطنية، وهي هائلة وغير متصورة من قبل الكثير من أبناء مجتمعنا، إبقائنا على هذه الحالة هو الهدف الرئيس للطغمة المالية العالمية، وقوى التبعية المحلية،
لماذا؟ يتساءل كثير من أبناء البلد.
الجواب ببساطة، يكمن في الموقع الجغرافي للأردن في هذه المنطقة، منطقة تضارب المصالح الدولية والإقليمية، موقع في غاية الأهمية ، وحيث يندرج ضمن مجموعة من العقد الجيوسياسي الهامة المنتشرة على الكرة الأرضية، والمحددة لنتائج الصراع في المنطقة خاصة وعلى الصعيد العالمي عامة، لذلك يجب أن يبقى فقيراً معوزاً متوتراً مرعوباً لضمان استمرار الهيمنة علية.
وطالما أن نهج الحجز هذا، حجز أي إمكانية لإحداث تطور قوى إنتاج وطني، وحجز أي تطور اقتصادي وطني في البلاد، غير مكلف لصاحب القرار، الطغمة المالية العالمية وأتباعها من صهاينة ومجموعات التبعية المحلية والعربية: في الحكم وفي السوق وفي صفوف النخب، غير مكلف لمن يأمر به ولمن يأتمر به، فسيبقى هذا الحال مستمراً، إلى أن تتغير موازين القوى على أرض الواقع.
فهل يمكن تغيير موازين القوى هذه؟ الجواب نعم يمكن.
نظرة على معطيات الواقع القائم، وتحليل واقعي علمي وموضوعي لطبيعة النهج القائم، يظهر أنه مأزوم وعاجز عن تأمين خروج هادئ وسلمي من الأزمة، وذلك بسبب المعطيات التالية:
اعتماد نهج الاستهلاك بديلاً عن نهج الإنتاج، وما ينجم عن ذلك من مديونية مستدامة ومتنامية، تقع كامل تداعياتها ووزرها على كاهل الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة وعلى كاهل الفقراء والمعدمين والمعوزين والمعذبين في الأرض، وهو ظلم ما بعده ظلم وقهر واستعباد.
الاعتماد على المساعدات الخارجية في إدارة شؤون الدولة والمجتمع، وما ينجم عنه من مصادرة القرار الوطني المستقل.
حجز بناء اقتصاد وطني منتج، أي حجز بناء قوى الإنتاج الوطني، وإبقاء المجتمع على حالة البدائية: العشائرية والقبلية والطائفية والمذهبية والإثنية...الخ وتسيد ثقافة التخلف والسماح بتعميم القيم الظلامية.
المشكلة الحقيقية تكمن في أن، معادلة التبعية بين التابع والمتبوع، بين الطغمة المالية العالمية وأتباعها في الداخل وفي المحيط، مستقرة منذ تأسيس الإمارة، مستقرة لصالح الطغمة المالية العالمية وقوى التبعية المحلية، وعلى حساب الدولة والمجتمع وعلى حساب الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة، وعلى حساب لقمة عيش الفقراء والمعوزين والمعذبين في الأرض، وستبقى كذلك طالما أن ردت فعل المجتمع على الأزمات المتتالية، محسوبة بدقة ومعروفة تماماً لدى قوى التبعية في الحكم وفي المركز صاحب القرار، ولسنا هنا بحاجة إلى سرد الأحداث وصيرورتها غير المنتجة، ألتي لم تؤدي إلى الخروج من الأزمة، بل زادت من حدّتها، منذ أن تأسست المعارضة عام 1928 في المؤتمر الوطني الأول، مرورا بحكومة سليمان النابلسي عام 1956، ألتي لم تصمد أمام قرار حلها بعد أقل من عام، إلى هبة نيسان 1989 ثم انتفاضة الخبز عام 1996 ثم صيرورة حراكات 2011 ، أي كافة الحراكات الشعبية ونتائجها لحد اليوم، ألتي لم تراكم بما يكفي لحل الأزمة، وحل معادلة التبعية، وستبقى الأزمة مستعصية على الحل إلى أن يتم تغيير المعادلة.
هل يمكن الانفكاك من هذه الحلقة الجهنمية : كسر نهج التبعية والاستهلاك وما ينجم عنه من أزمات متتالية يدفع ثمنها الدولة والمجتمع، على حدٍ سواء، حيث يتم تحميل الدولة مديونية قاتلة، من جهة، ومن جهة أخرى، تحميل المجتمع ثمن التبعية، من لقمة عيشه وصحته وجيبه، عبر ضرائب عالية وأسعار فاحشة، تنتج باستمرار متاولية تردي مستوى المعيشة، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، ورفع يد الدولة عن التدخل في آلية السوق " البقرة المقدسة " للطغمة المالية وأتباعها؟
التبعية، تعني وضع مصالح الطغمة المالية العالمية فوق المصالح الوطنية للدولة والمجتمع، حيث يتم تحميل الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة تكاليف هذا الدور، وحيث المستفيد الفعلي من هذا الدور، المركز وأتباعه، معفى من هذه التكاليف، عبد يدفع للسيد مقابل عبوديته.
هل يمكن الاستمرار في دفع هذا الثمن، الجواب عندكم.
" كلكم للوطن والوطن لكم"