الصحة تجارة مُرْبِحة 1: تعمد شركات المُخْتَبَرات وتصنيع العقاقير إلى تجربة إنتاجها على الفقراء سواء في البلدان الفقيرة أو الغنية، قبل طَرْحِهِ في الأسواق، وسبق أن كتبنا على صفحات هذه النّشْرَة عن تجارب ذهب ضحيتها أطفال أو بالغُون في نيجيريا ومصر والهند وغيرها، وعندما يُكْتَشَفُ الأمر تُماطل الشركات ونادرًا ما نال المُتَضَرِّرُون تعويضات أو علاجًا ناجِعًا، أما عندما تكون الفضيحة في الدول الغنية فإن الأمر يختلف، حيث تتناول بعض وسائل الإعلام الموضوع وتتجند منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان والمستهلكين وغيرها، وتُواجه شركة "جونسون أند جونسون" منذ عدة سنوات نحو تسعة آلاف دعوى قضائية مرفوعة ضدّها تتعلق جميعها بوجود مادة "التلك" في بعض منتجاتها، والتي تسبب السرطان لأنها تحتوي على مادة "الاسبستوس" أو الحرير الصخري، وبذلت الشركة ما في وسعها للتنصل من مسؤوليتها، واستنجدت بعدد من الخبراء الذين شَكّكُوا في العلاقة السببية بين استخدام دقيق "التلك" والإصابة بالسرطان، لكن هيئة محلفين في ولاية ميزوري الأمريكية أمَرتْ (في حُكْمٍ من الدّرجة الأولى) شركة "جونسون أند جونسون" بتسديد تعويضات قدرها 4,69 مليار دولار إلى 22 سيدة أصبن بسرطان المبيض بعد استخدام منتجات للشركة أساسها مادة التلك ومن بينها "بودرة" الأطفال، ويعتبر هذا الحُكم هو الأهم منذ ظهور المزاعم بتسبب منتجات للشركة أساسها مادة "التلك" في الإصابة بالسرطان، واستمعت هيئة القضاة لفترة تزيد على خمسة أسابيع إلى شهادات 12 خبيرا من أطراف الدعوى، قبل إصدار الحكم، ووصف ناطق باسم "جونسون أند جونسون" الحكم بأنه ”جائر“ وستقدم الشركة مطلب طعن (تًشَكِّلُ هذه الفقرة مُتابَعَة لما نشرناه سابقًا حول نفس الموضوع)... رويترز 14/07/18
الصحة تجارة مُرْبِحَة 2: أطْلَقَتْ منظمات أمريكية حملة "مرضى من أجل أدوية بأسعار ميسورة"، ونَدّدت الحملة بالسياسة التي تنتهجها الشركات الإحتكارية الأمريكية عبر زيادة أسعار الأدوية مرتين في السنة (في بداية ومنتصف السنة)، مما يرفع أسعار التّأمين الصحي وتكاليف الرّعاية الصّحّية، في حين يتوجّب مَنْطِقِيًّا خفض أسعار الأدوية بمرور الزّمن، خُصُوصًا وإن معدل التضخم السنوي بقي دون 2% فيما ارتفع متوسط أسعار الأدوية بنسبة 9% سنويا خلال العقد الأخير، وأدّت الحملة إلى نقاش واسع، اضطرّت على إثره السّلطات للفت نظر شركات الأدوية، فأجّلت الشركات هذه الزيادات إلى آخر سنة 2018 (إلى أن تهْدَأَ الحملة؟)، وأعلنت شركة "فايزر"، وهي الأكبر في العالم تأجيل زيادة أسعار كانت أعلنتها ل100 دواء دفعة واحدة، ورفعت شركة "آبفي"، التي تصنع "هوميرا"، الدواء الأكثر مبيعا في العالم، متوسط سعر الجملة بنسبة 270%، بدون أي مُبَرِّر، وتعمد الشركات الكُبْرى للمُخْتَبَرات والعقاقير إلى القضاء على أي منافسة عبر شراء جميع الشركات التي يمكن أن تكون مُنافِسَة، كما تعمد الشركات إلى توجيه البحوث نحو ابتكار أدوية لا تواجه منافسة، لتتمكن من فرض سعر مرتفع، وعلى سبيل المثال فقد ارتفع سعر أحد عقاقير "إيدز" بنسبة خمسة آلاف بالمائة، وعلى سبيل المثال، استحوذت شركة "سيريكور" على شركة زايليرا" لترفع متوسط سعر الجملة لعقار "ميليبريد" -وهو "استيرويد" يستخدم منذ أكثر من ستين سنة لعلاج أمراض متعددة- بنسبة أربعة آلاف بالمائة خلال عقد واحد (من 0,4 دولار للقرص الواحد سنة 2008 إلى 16,87 دولارا بداية سنة 2018)، وتعمد بعض الشركات الإحتكارية إلى أساليب عصابات الإجرام أحيانًا (أساليب "المافيا")، ورفعت شركة "فايزر" دعوى قضائية ضد شركة "جونسون آند جونسون"، التي تصنع "ريميكيد" (عقار لعلاج التهاب المفاصل)، متهمة إياها بإجبار المُسْتشفيات على توقيع عقود لاستخدام "ريميكيد" مع حسم صغير في أدوية أخرى، بهدف إحباط عقار "إنفليكترا" من إنتاج منافستها "فايزر"، والمُتَمَثِّل في نسخة دواء "جَنِيس" أي أرخص ولكنه "شبيه حيويا" ب "ريميكيد"، فيما عرقلت معظم الشركات الإحتكارية الأمريكية والأوروبية إنتاج عقاقير "جَنِيسَة" في البرازيل وجنوب إفريقيا والهند... الأدوية "الجنيسة" هي نُسخة مُطابقة للعقار الأصلي، تحت إسم آخر، ولا يُمْكِنُ تصنيعها قبل مُدّة مُعَيّنة (متوسط 15 سنة) لتمكين الشركة الأولى "صاحبة الإمتياز" من تحقيق أرباح كافية لتشجيعها على مواصلة الأبحاث والإبتكار... عن "فايننشال تايمز" 13/07/18