الأديبة عزيزة بوقاعدة
تكتب نص الفجيعة، فتمنح زهرة الخلود لأبطاله
في روايتها:
أرواح بلا أجنحة ـ شهداء الورد ـ
الصادرة عن دار المثقف
الحادي عشر من شهر أبريل2018 ، يوم تجمهرت فيه كل ألوان الحزن و الآسى تحت سماء الجزائر المفجوعة بحادث سقوط الطائرة العسكرية (اليوشن)، فكان ألم الفقد أشدّ توهّجا على نفوس أهلكها الخبر، أحرقت ناره أفئدة عائلات 257 ضحية هذا الحادث المروع الذي أكل نبض حياتها..
و لأن الكتابة لا تنشأ إلاّ داخل المأساة كما يقال و لا تستمد طاقتها إلاّ من صهد الألم، إنطلق حرف الكاتبة عزيزة بوقاعدة صوب ميدان الفاجعة مشتعلا بحرائق الأرواح التي صعدت بلا أجنحة إلى السماء سعيدة بُمثواها الأخير.. بحياتها الأخرى التي رسمها القدر..
حرف موشح بسحائب الحزن، مثقل بهول العاصفة، جريح مجروح بعزف جنائزي على أوتار الحلم الهارب من عطر الزهور التي تُنشد البقاء يانعة.. حرف يجيئه من أكثر من مكان صراخ و عويل المفجوعين في أهلهم و أحبائهم.. يعتصر مداده ألما قد لا يدركه أشدّ الإدراك إلاّ صاحبته كون أحد ضحايا الحادث أقرب إليها (صهرها)،فيحمل الحرف جرحه
و يتوغّل في صهد المأساة ليؤرخ للمشهد حياة تُخلّد أسماء الجنود الذين رحلوا و كل ضحايا الحادث كما ذكرت الكاتبة في إهدائها: هذه الرواية أهديها إلى:
الطيور التي رحلت دون وداع.. إلى عائلاتهم التي غرقت في نهر الحزن.. إلى أسماء ذكرتُها و أخرى تجيء من حفاء المعنى.. إلى روح صهري الوسيم (فارس الشيخ نعمان)
إلى إياد أفضل خلف لأحسن سلف.
تلك الطيور هم جنود الجزائر، جمعهم في الحياة الواجب الوطني، فبذلوا جهودهم له بمحبة و إخلاص ثم قدّر لهم أن يجمعهم الموت فتتعانق أرواحهم مزهوة بنيل الشهادة.. هم أرواح بلا أجنحة.. هم شهداء الورد، و قد ظهر جليا تأثر الكاتبة بحياتهم التي لم يبخلوا بها حبا للوطن، فنجدها قد أتقنت اختيار عنوان الرواية أيما إتقان و بذلك أغدقت عليهم بما هم أهل له..
شهداء جعل منهم الحدث شخصيات لرواية (إبتدأت من النهاية) كما تقول الكاتبة، بل هم الحدث نفسه و قد شكّلت أرواحهم المحور الرئيسي الذي حرّك عملية السرد عبر همساتهم في فضاء يطوّقه الضباب.. جاء ميلاد الرواية يكابد فجيعة نهاية مؤلمة لتمنح الخلود لأبطالها.. فارس (صهر الكاتبة).. يوسف.. فاتح.. سامي رفقاء الواجب الوطني و شهدائه رحمهم الله، فاختارت أن يكون كل إسم عنوانا لفصل تحمله الرواية و بذلك جاءت في أربعة فصول يحضر فيها همس أرواح الشهداء التي كانت تقول الكثير.. تعبر عما يحتجن باعماقها.. ترحل تارة إلى ذويها و تقف على مشهد الفقد و ما خلّفه رحيلها و تدعوهم للتحلي بالصبر و تقبل مشيئة الخالق و تارة تعود للبحث عن بعضها البعض فتصادف في وسط ذلك الضباب عديد الأرواح التي كان أجلها في نفس المكان، فيسعون لمساعدتها في الوصول إلى روح إختفت من أمام ناظرها و تلتقي في النهاية الأرواح مع بعضها بعدما تنتصر على الشيطان الذي ظهر أمامها بأفكاره اللاذعة التي تسعى لطمس كل معالم الحب لهذا الوطن..
فتعبر الكاتبة عن فرحة لقاء الأرواح في النهابة:
... و من بعيد صدح بصوته الجهوري: فارس.. فاتح.. يوسف أيها الأصحاب هنيئا لنا.. أسرعنا إلى سامي نعانقه و نتبادل التهاني فاجتمعنا في دائرة المحبة.. هو المشهد الذي لم تلتقطه عدسة إنسان، حينها فتحت أبواب السماء و رأينا ما لم تره عين و سمعنا ما لم تسمعه أذن و ارتقينا.
الرواية قدّمت لها الدكتورة عائشة عويسات رحمها الله.. تقول ذرفت الدموع و ترحمت على جميع الشهداء..
لكنها ما كانت تدري أنها ستلتحق بهم ضحية مثلهم ( هم بسقوط الطائرة و هي بلسعة عقرب) رحمهم الله جميعا، كما نثر كلماته في مقدمة أيضا للرواية الكاتب و الإعلامي نور الدين لعراجي بنكهتي الألم الطاغي على النفس و الأمل الذي أشرق بولادة هذا النص. هكذا إستطاعت الكاتبة عزيزة بوقاعدة من خلال نصها الروائي (نص الفجيعة) الموسوم ب: "أرواح بلا أجنحة ـ شهداء الورد" أن تصنع التميز و تؤرخ لمشهد المأساة، فتمنح زهرة الخلود لأبطاله التي سيقف أمامها إياد يوما بل سيتصفح أوراقها بعمق عميق..
هنيئا للمبدعة عزيزة هذا الإنجاز المتميز.. هنيئا لنا كقُراء بما أبدعت كاتبتنا و للمكتبة الجزائرية هذا المنتج الإبداعي الهام..
فتيحة سبع.
تكتب نص الفجيعة، فتمنح زهرة الخلود لأبطاله
في روايتها:
أرواح بلا أجنحة ـ شهداء الورد ـ
الصادرة عن دار المثقف
الحادي عشر من شهر أبريل2018 ، يوم تجمهرت فيه كل ألوان الحزن و الآسى تحت سماء الجزائر المفجوعة بحادث سقوط الطائرة العسكرية (اليوشن)، فكان ألم الفقد أشدّ توهّجا على نفوس أهلكها الخبر، أحرقت ناره أفئدة عائلات 257 ضحية هذا الحادث المروع الذي أكل نبض حياتها..
و لأن الكتابة لا تنشأ إلاّ داخل المأساة كما يقال و لا تستمد طاقتها إلاّ من صهد الألم، إنطلق حرف الكاتبة عزيزة بوقاعدة صوب ميدان الفاجعة مشتعلا بحرائق الأرواح التي صعدت بلا أجنحة إلى السماء سعيدة بُمثواها الأخير.. بحياتها الأخرى التي رسمها القدر..
حرف موشح بسحائب الحزن، مثقل بهول العاصفة، جريح مجروح بعزف جنائزي على أوتار الحلم الهارب من عطر الزهور التي تُنشد البقاء يانعة.. حرف يجيئه من أكثر من مكان صراخ و عويل المفجوعين في أهلهم و أحبائهم.. يعتصر مداده ألما قد لا يدركه أشدّ الإدراك إلاّ صاحبته كون أحد ضحايا الحادث أقرب إليها (صهرها)،فيحمل الحرف جرحه
و يتوغّل في صهد المأساة ليؤرخ للمشهد حياة تُخلّد أسماء الجنود الذين رحلوا و كل ضحايا الحادث كما ذكرت الكاتبة في إهدائها: هذه الرواية أهديها إلى:
الطيور التي رحلت دون وداع.. إلى عائلاتهم التي غرقت في نهر الحزن.. إلى أسماء ذكرتُها و أخرى تجيء من حفاء المعنى.. إلى روح صهري الوسيم (فارس الشيخ نعمان)
إلى إياد أفضل خلف لأحسن سلف.
تلك الطيور هم جنود الجزائر، جمعهم في الحياة الواجب الوطني، فبذلوا جهودهم له بمحبة و إخلاص ثم قدّر لهم أن يجمعهم الموت فتتعانق أرواحهم مزهوة بنيل الشهادة.. هم أرواح بلا أجنحة.. هم شهداء الورد، و قد ظهر جليا تأثر الكاتبة بحياتهم التي لم يبخلوا بها حبا للوطن، فنجدها قد أتقنت اختيار عنوان الرواية أيما إتقان و بذلك أغدقت عليهم بما هم أهل له..
شهداء جعل منهم الحدث شخصيات لرواية (إبتدأت من النهاية) كما تقول الكاتبة، بل هم الحدث نفسه و قد شكّلت أرواحهم المحور الرئيسي الذي حرّك عملية السرد عبر همساتهم في فضاء يطوّقه الضباب.. جاء ميلاد الرواية يكابد فجيعة نهاية مؤلمة لتمنح الخلود لأبطالها.. فارس (صهر الكاتبة).. يوسف.. فاتح.. سامي رفقاء الواجب الوطني و شهدائه رحمهم الله، فاختارت أن يكون كل إسم عنوانا لفصل تحمله الرواية و بذلك جاءت في أربعة فصول يحضر فيها همس أرواح الشهداء التي كانت تقول الكثير.. تعبر عما يحتجن باعماقها.. ترحل تارة إلى ذويها و تقف على مشهد الفقد و ما خلّفه رحيلها و تدعوهم للتحلي بالصبر و تقبل مشيئة الخالق و تارة تعود للبحث عن بعضها البعض فتصادف في وسط ذلك الضباب عديد الأرواح التي كان أجلها في نفس المكان، فيسعون لمساعدتها في الوصول إلى روح إختفت من أمام ناظرها و تلتقي في النهاية الأرواح مع بعضها بعدما تنتصر على الشيطان الذي ظهر أمامها بأفكاره اللاذعة التي تسعى لطمس كل معالم الحب لهذا الوطن..
فتعبر الكاتبة عن فرحة لقاء الأرواح في النهابة:
... و من بعيد صدح بصوته الجهوري: فارس.. فاتح.. يوسف أيها الأصحاب هنيئا لنا.. أسرعنا إلى سامي نعانقه و نتبادل التهاني فاجتمعنا في دائرة المحبة.. هو المشهد الذي لم تلتقطه عدسة إنسان، حينها فتحت أبواب السماء و رأينا ما لم تره عين و سمعنا ما لم تسمعه أذن و ارتقينا.
الرواية قدّمت لها الدكتورة عائشة عويسات رحمها الله.. تقول ذرفت الدموع و ترحمت على جميع الشهداء..
لكنها ما كانت تدري أنها ستلتحق بهم ضحية مثلهم ( هم بسقوط الطائرة و هي بلسعة عقرب) رحمهم الله جميعا، كما نثر كلماته في مقدمة أيضا للرواية الكاتب و الإعلامي نور الدين لعراجي بنكهتي الألم الطاغي على النفس و الأمل الذي أشرق بولادة هذا النص. هكذا إستطاعت الكاتبة عزيزة بوقاعدة من خلال نصها الروائي (نص الفجيعة) الموسوم ب: "أرواح بلا أجنحة ـ شهداء الورد" أن تصنع التميز و تؤرخ لمشهد المأساة، فتمنح زهرة الخلود لأبطاله التي سيقف أمامها إياد يوما بل سيتصفح أوراقها بعمق عميق..
هنيئا للمبدعة عزيزة هذا الإنجاز المتميز.. هنيئا لنا كقُراء بما أبدعت كاتبتنا و للمكتبة الجزائرية هذا المنتج الإبداعي الهام..
فتيحة سبع.