إفريقيا - نموذج لعلاقات التَّبَعِيّة الغذائية: أصْدَر البنك العالمي عدّة تقارير، في بداية الألْفِيّة الثالثة، تُطالب حكومات العديد من الدّول المُقْتَرِضَة بإلغاء دعم القطاع الزراعي، وطالب حكومات مصر وتونس والمغرب والأردن (على سبيل المثال)، منذ سنة 2005، بالكف عن تربية المواشي، واستيراد اللحوم والحليب، والكف عن زراعة الحبوب والعديد من المواد الغذائية الأخرى، لأن البنك العالمي يعتبر "إن خسائرها المالية تفوق نَفْعَها"، واشترط صندوق النقد الدولي على الدّول المُقْتَرِضَة إلغاء دعم الغذاء، من الإنتاج إلى التّسْويق والتّوزيع، وخصخصة قطاع الزراعة وبيع الأراضي الزراعية للشركات الأجنبية، في عملية شبيهة بالمُؤامرة، لكي تتحكم الشركات متعددة الجنسية بالأمن الغذائي، لهذه البلدان، وتُشكل قارة إفريقيا نموذجًا لتنفيذ هذه المُؤامرة الخَطِيرة على أمْن وصحة الشّعوب، وعلى استقلال وأمْن البلدان...
تُخَصِّصُ أوروبا (كمجموعة وكدُول) وأمريكا الشمالية واليابان، وغيرها من الدول الرأسمالية المكتقدمة، مبالغ هامة لدعم قطاع الفلاحة، فيما تُلْغِي الدول الفقيرة الدّعم عن الإنتاج الفلاحي، بأمرٍ من صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي، مما خلق عدم توازن في الإنتاج، وفوائض إنتاج في الدول الغنية، وأصبحت أوروبا، منذ حوالي ثلاثة عُقُود، تُصَدِّرُ فائض إنتاج الألْبان (وهي مادة ضرورية لتحقيق الأمن الغذائي) إلى غرب إفريقيا، بأسعار منخفضة تُنافس الإنتاج المحلّي، وتمتلك المصانع الأوروبية إمكانيات تُمَكِّنُها من تجفيف وتعقيم وتَصْبِير الحليب، بعد استخراج المواد الدّسمة منه، لصناعة "الزبدة"، لأنها أغلى ثمنا، وأكثر ربحًا من الحليب، وتعويض المواد الدّسِمَة بدهون صناعية، وإرسال الحليب المُجَفّف إلى بلدان أخرى، ومن بينها بلدان إفريقيا، مما جعل سكّان المدن في الدول الإفريقية يحصلون على منتجات الألبان بأسعار منخفضة نسبيا، مقابل القضاء على الإنتاج المَحلِّي، ولكن الإتحاد الأوروبي بدأ منذ سنوات تصدير مسحوق الحليب، المُجَفّف والمعاد مزجُهُ بأسوأ أنواع الدهون النباتية، وخاصة زيت النخيل، ليباع في أسواق إفريقيا، بأسعار منخفضة، تنافس الحليب المحلي، غير المدعوم، ولكن هذا الحليب المجفف هو حليب مُزَيّف، أُعيد إنتاجه صناعيا في المُخْتَبرات والمصانع، وخضع لاستبدال الدّهون الطبيعية بدُهُون نباتية مُصَنَّعَة، وارتفعت صادرات أوروبا من هذا الحليب المُزَيّف نحو غرب إفريقيا بنحو 25%، بين سَنَتَيْ 2016 و 2018، لتصل إلى قرابة مليون طنًّا، وتستوعب سوق هذه المنطقة من إفريقيا، خاصة نيجيريا وغانا والسِّنغال وبُوركينا فاسّو وساحل العاج، نحو 35% من صادرات الدهون المُصَنّعة في أوروبا، والمُصَدّرَة باسم "حليب مُجَفّف"، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، وما لمو يُورده تقرير مكتب الإحصاء الأوروبي، هو مسحوق الحليب الذي تُنْتِجُهُ الشركات الأوروبي ممزوج بزيت النخيل، الذي تقل كُلْفَتُهُ ب12 مرة عن الدهون الطبيعية كالزّبدة، مما خفض سعر تكاليف الحليب المجفف الممزوج بزيت النّخيل، بنحو 30% عن سعر مسحوق الحليب "الطّبيعي"، أو ما يُسمّى "كامل الدّسم"، ثم أنشأت شركات من من فرنسا والدنمارك وليتوانيا وإيرلندا وبلجيكا وهولندا، وغيرها، وحَدات صغيرة في إفريقيا، ثم استحوذت على شركات محلية، وعمدت إلى شراء بعض الحليب المحلي (حوالي 20% من حاجتها، لتستخدم هذه العملية في دعايتها التي تدّعي إنها "تُساعد المُنْتِجِين المحلِّيِّين"، ولكن نشاطها الرئيسي يتمثل في تصنيع الحليب المجفف الممزوج بزيت النخيل، على عين المكان، مما خفض ثمن التكاليف بنحو 42%، وزاد من الضّغُوط على المُنْتِجِين المَحَلِّيِّين، في حين ارتفعت أرباح الشركات الأوروبية (المتواجدة في إفريقيا الغربية) بنحو 30% بين سَنَتَيْ 2016 و 2018، بحسب "جاك برتيلو"، (اختصاصي فرنسي في الإقتصاد الزراعي)، والباحث "كريستيان كورنو"، في مركز التعاون الدولي في مجال البحوث الزراعية من أجل التنمية (CIRAD)...
توسّع نشاط هذه الشركات الأوروبية إلى صناعة المُثَلّجات ( آيس كريم ) في غانا وساحل العاج وتوغو وبنين ونيجيريا، باستخدام الحليب المُزيّف وزيت النخيل، بينما أصبحت تبيع في أوروبا حليبًا تَصِفُهُ "عالي الجودة"، لأنه يحتوي على كميات أكبر من الحليب الطبيعي، وهو أغلى ثمنًا، بالتزامن مع الضغط على مُنْتِجي الألبان لخفض ثمن إنتاجهم بنسبة تجاوزت 20%، كما أصبحت تصنع وتبيع الجبن المصنوع من الحليب الإصطناعي، رغم الصور الجميلة على العُبُوات، والتي تُمثل طفلًا مع كوب من الحليب، أو بقرة، ومرعى، وهي وسائل تَمْويه، لتغطي البيانات الإجبارية عن تركيبة الإنتاج، الكتوبة بخط صغير جدًّا...
عرقَلَتْ هذه الشركات نَشْر الدّراسات العلمية بشأن الآثار المحتملة لاستهلاك هذه المُنْتجات، على تغذية ونُمُو الأطفال الرّضّع، وأشار بعض الباحثين إن الشركات الأوروبية لا تضع بيانات على العبوات المستهلَكَة في إفريقيا، رغم الأضرار التي قد تُصِيب الأطفال الرّضّع عند استهلاك بعض هذه المواد، بحسب توصيات وتحذيرات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية، وبالفعل حَظَرَت دُول أوروبية عديدة، ومنذ فترة طويلة إنتاج واستيراد بعض هذه المنتجات، "لحماية الصحة العامة" و "حماية المستهلك من الخداع"، ولكن الشركات الأوروبية تُصدِّرُ منتجات أوروبية، تحتوي على دُهُون ضارّة (محظورة في أوروبا)، إلى سوق غرب إفريقيا، التي يعيش حوالي 30% من سكانها (في المُتوسط) من تربية الماشية، وأدّت هذه المُنافسة إلى خلق صعوبات كبيرة لمنتجي الحليب المحليين، الذين كانوا يُلَبّون حوالي 50% من حاجة السوق لمشتقات الألبان، وتفاقمت مشكلة الأضرار بالبيئة التي يُسبِّبُها زيت النخيل، وإلحاق الضرر بالأمن الغذائي في المنطقة، مما اضطر التجتمع الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (ECOWAS) للوعد "بالعمل على تطوير سياسة إقليمية لحماية اللبن"، ولم يتحول الوعد إلى إجراءات عملية، لسبب بسيط وهو إن الدول الإفريقية تابعة ولا تمتلك هامشًا لمعارضة السياسات التجارية والزراعية للاتحاد الأوروبي، هذا إن تَوفّرت إرادة اتخاذ مثل هذه القرارات، بل حصل العكس تمامًا، بعد ارتفاع عدد المحلات التجارية الكبيرة (مراكز التّسوق أو محلات "سوبر ماركت" ) برؤوس أموال أجنبية، في المُدُن الكُبرى والمتوسطة، لتروج الإنتاج الرديء غذائيا، ولتغير طريقة الإستهلاك... عن مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) + منظمة "أوكسفام" + "بيطَرِيّون بلا حُدُود" 01/06/2019
تُخَصِّصُ أوروبا (كمجموعة وكدُول) وأمريكا الشمالية واليابان، وغيرها من الدول الرأسمالية المكتقدمة، مبالغ هامة لدعم قطاع الفلاحة، فيما تُلْغِي الدول الفقيرة الدّعم عن الإنتاج الفلاحي، بأمرٍ من صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي، مما خلق عدم توازن في الإنتاج، وفوائض إنتاج في الدول الغنية، وأصبحت أوروبا، منذ حوالي ثلاثة عُقُود، تُصَدِّرُ فائض إنتاج الألْبان (وهي مادة ضرورية لتحقيق الأمن الغذائي) إلى غرب إفريقيا، بأسعار منخفضة تُنافس الإنتاج المحلّي، وتمتلك المصانع الأوروبية إمكانيات تُمَكِّنُها من تجفيف وتعقيم وتَصْبِير الحليب، بعد استخراج المواد الدّسمة منه، لصناعة "الزبدة"، لأنها أغلى ثمنا، وأكثر ربحًا من الحليب، وتعويض المواد الدّسِمَة بدهون صناعية، وإرسال الحليب المُجَفّف إلى بلدان أخرى، ومن بينها بلدان إفريقيا، مما جعل سكّان المدن في الدول الإفريقية يحصلون على منتجات الألبان بأسعار منخفضة نسبيا، مقابل القضاء على الإنتاج المَحلِّي، ولكن الإتحاد الأوروبي بدأ منذ سنوات تصدير مسحوق الحليب، المُجَفّف والمعاد مزجُهُ بأسوأ أنواع الدهون النباتية، وخاصة زيت النخيل، ليباع في أسواق إفريقيا، بأسعار منخفضة، تنافس الحليب المحلي، غير المدعوم، ولكن هذا الحليب المجفف هو حليب مُزَيّف، أُعيد إنتاجه صناعيا في المُخْتَبرات والمصانع، وخضع لاستبدال الدّهون الطبيعية بدُهُون نباتية مُصَنَّعَة، وارتفعت صادرات أوروبا من هذا الحليب المُزَيّف نحو غرب إفريقيا بنحو 25%، بين سَنَتَيْ 2016 و 2018، لتصل إلى قرابة مليون طنًّا، وتستوعب سوق هذه المنطقة من إفريقيا، خاصة نيجيريا وغانا والسِّنغال وبُوركينا فاسّو وساحل العاج، نحو 35% من صادرات الدهون المُصَنّعة في أوروبا، والمُصَدّرَة باسم "حليب مُجَفّف"، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات)، وما لمو يُورده تقرير مكتب الإحصاء الأوروبي، هو مسحوق الحليب الذي تُنْتِجُهُ الشركات الأوروبي ممزوج بزيت النخيل، الذي تقل كُلْفَتُهُ ب12 مرة عن الدهون الطبيعية كالزّبدة، مما خفض سعر تكاليف الحليب المجفف الممزوج بزيت النّخيل، بنحو 30% عن سعر مسحوق الحليب "الطّبيعي"، أو ما يُسمّى "كامل الدّسم"، ثم أنشأت شركات من من فرنسا والدنمارك وليتوانيا وإيرلندا وبلجيكا وهولندا، وغيرها، وحَدات صغيرة في إفريقيا، ثم استحوذت على شركات محلية، وعمدت إلى شراء بعض الحليب المحلي (حوالي 20% من حاجتها، لتستخدم هذه العملية في دعايتها التي تدّعي إنها "تُساعد المُنْتِجِين المحلِّيِّين"، ولكن نشاطها الرئيسي يتمثل في تصنيع الحليب المجفف الممزوج بزيت النخيل، على عين المكان، مما خفض ثمن التكاليف بنحو 42%، وزاد من الضّغُوط على المُنْتِجِين المَحَلِّيِّين، في حين ارتفعت أرباح الشركات الأوروبية (المتواجدة في إفريقيا الغربية) بنحو 30% بين سَنَتَيْ 2016 و 2018، بحسب "جاك برتيلو"، (اختصاصي فرنسي في الإقتصاد الزراعي)، والباحث "كريستيان كورنو"، في مركز التعاون الدولي في مجال البحوث الزراعية من أجل التنمية (CIRAD)...
توسّع نشاط هذه الشركات الأوروبية إلى صناعة المُثَلّجات ( آيس كريم ) في غانا وساحل العاج وتوغو وبنين ونيجيريا، باستخدام الحليب المُزيّف وزيت النخيل، بينما أصبحت تبيع في أوروبا حليبًا تَصِفُهُ "عالي الجودة"، لأنه يحتوي على كميات أكبر من الحليب الطبيعي، وهو أغلى ثمنًا، بالتزامن مع الضغط على مُنْتِجي الألبان لخفض ثمن إنتاجهم بنسبة تجاوزت 20%، كما أصبحت تصنع وتبيع الجبن المصنوع من الحليب الإصطناعي، رغم الصور الجميلة على العُبُوات، والتي تُمثل طفلًا مع كوب من الحليب، أو بقرة، ومرعى، وهي وسائل تَمْويه، لتغطي البيانات الإجبارية عن تركيبة الإنتاج، الكتوبة بخط صغير جدًّا...
عرقَلَتْ هذه الشركات نَشْر الدّراسات العلمية بشأن الآثار المحتملة لاستهلاك هذه المُنْتجات، على تغذية ونُمُو الأطفال الرّضّع، وأشار بعض الباحثين إن الشركات الأوروبية لا تضع بيانات على العبوات المستهلَكَة في إفريقيا، رغم الأضرار التي قد تُصِيب الأطفال الرّضّع عند استهلاك بعض هذه المواد، بحسب توصيات وتحذيرات صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ومنظمة الصحة العالمية، وبالفعل حَظَرَت دُول أوروبية عديدة، ومنذ فترة طويلة إنتاج واستيراد بعض هذه المنتجات، "لحماية الصحة العامة" و "حماية المستهلك من الخداع"، ولكن الشركات الأوروبية تُصدِّرُ منتجات أوروبية، تحتوي على دُهُون ضارّة (محظورة في أوروبا)، إلى سوق غرب إفريقيا، التي يعيش حوالي 30% من سكانها (في المُتوسط) من تربية الماشية، وأدّت هذه المُنافسة إلى خلق صعوبات كبيرة لمنتجي الحليب المحليين، الذين كانوا يُلَبّون حوالي 50% من حاجة السوق لمشتقات الألبان، وتفاقمت مشكلة الأضرار بالبيئة التي يُسبِّبُها زيت النخيل، وإلحاق الضرر بالأمن الغذائي في المنطقة، مما اضطر التجتمع الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (ECOWAS) للوعد "بالعمل على تطوير سياسة إقليمية لحماية اللبن"، ولم يتحول الوعد إلى إجراءات عملية، لسبب بسيط وهو إن الدول الإفريقية تابعة ولا تمتلك هامشًا لمعارضة السياسات التجارية والزراعية للاتحاد الأوروبي، هذا إن تَوفّرت إرادة اتخاذ مثل هذه القرارات، بل حصل العكس تمامًا، بعد ارتفاع عدد المحلات التجارية الكبيرة (مراكز التّسوق أو محلات "سوبر ماركت" ) برؤوس أموال أجنبية، في المُدُن الكُبرى والمتوسطة، لتروج الإنتاج الرديء غذائيا، ولتغير طريقة الإستهلاك... عن مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) + منظمة "أوكسفام" + "بيطَرِيّون بلا حُدُود" 01/06/2019