-----خواطر حول آفة التصحر الفكري :-
يطلق مصطلح التصحر عادة على يبوس خضرة الارض ونضوب ماءها وجفاف رطوبتها بعد خصوبتها وعطاءها من قبل. فتصبح الارض عارية جرداء بعد ان كانت مكتسية تزهو بخضرتها وتجود بثمارها وعطاءها و وفرة انتاجها.
وللتصحر عدة اسباب من اهمها الانقلاب والتحول المناخي، و قلة الامطار، والاهم انقطاع الغيث من السماء.
ان التصحر الذي يصيب امنا الارض التي منها خلقنا وفيها نعاد ومنها نخرج تارة اخرى ، كذلك يصيب ابناءها بني الانسان ، ذاك المخلوق المفكر العاقل،الذي تعتريه احوال امه الارض .
يعتبر الفكر والتفكير هو الروح الباعث للحياة في الامم والشعوب، والمفكرون واهل العلم هم القوة المحركة والدافعة لحركة الحياة في تلك الامم والشعوب ، واي اخفاق او ضعف يمس مفكري الامة نلحظه راسا على حركة تلك الامة في الحياة ، فاذا تصحرت عقليات المفكرين عاشت تلك الامة مرخلة تيه لا يخرجها منه الا ان يتداركها الله برحمته ونور هداه ...
ان اسوأ انواع التصحر التي تلحق بالانسان الضرر والاذى وتهدد مصيره ووجوده ككائن انسان، هو التصحر الفكري، الذي يؤدي الى اضمحلال المشاعر والاحاسيس ، ويقلب الفطرة والغرائز راسا على عقب، فيصير هذا المخلوق كائن غريب، لايانس ولا يؤنس، ولا يالف ولا يؤلف، فيصبح كائنا مسخا، فهو باضمحلال الفكر وهزل التفكير يصبح اضل من الانعام طريقا، واضل من الضواري سبيلا.
ان العقيدة الالهية انما جائت لانارة العقل وتغذية الفكر وانارة طريقة التفكير، و لتنظم الغرائز عند البشر، وتنظم متطلبات اشباعها، لا لتلغيها ولا لتقلبها او تحولها، بل لتوجهها بقيم، وتظبطها بمفاهيم، و تضع لها ضوابط تعالج سلوك الانسان لينطلق منها نحو مستوى حياة كريمة يليق بانسانيته ويرتقي به عن السلوك الحيواني البهيمي .
فغريزة الحفاظ على النوع مثلا، نجدها مشتركة بين الانسان والحيوان، وكل جنس او نوع يحرص على نوعه وجنسه، وجعل الله تعالى في الاحياء خاصية التكاثر ليحفظ النوع والجنس. وعندما يتصحر العقل البشري والنفس البشرية من الفكر والقيم والمفاهيم، نجد ان الانسان بضلاله وعدم هداه يسعى لافناء جنسه او اغلبية من جنسه ونوعه ليحفظ بقاء اقلية. فالحروب البيولوجية والكيماوية والنووية والاسلحة الفتاكة اسلحة الدمار الشامل التي ابتكرها الانسان ليفني اعداءه من جنسه ،من جهة، ومن جهة اخرى ابتكارات العقل البشري الشيطاني الضال، من شذوذ ومثلية لواطية او سحاقية، بل اننا نسمع عن تزاوج اليوم مشرعن بقوانين بين البشر والحيوانات .... وافكار سيداو المدمرة التي ترعاها الدول وتنشرها بقوانين محمية بين البشر...
لقد وصل طغيان الانسان على الفطرة وانقلابه على الغرائز وتشويهه لوجهتها التي غرزت في النفوس من اجلها الى يبتكر افكار الضلال التي لا تقل خطورتها عن اسلحة فناء وجوده من الاسلحة النووية والاسلحة الكيماوية والاسلحة البيولوجية او ما يعرف باسلحة الدمار الشامل التي تفتك باهل الارض
الذين جعلهم ربهم خلائف فيها ليصنعوا عليها جنة الدنيا ليحظوا بجنة الخلد بعد الموت.
لقد قلب الانسان بمفاهيم الراسمالية العفنة غريزة حب التملك، التي الاصل فيها ان تخدم غريزة البقاء عنده، لتكون مصدر الهام للانتاج والبذل والعطاء والحركة في الحياة،لتصبح عنده اليوم مصدر الطمع والاحتكار والجشع والحرمان والحسد للاخرين، حتى لو ادى ذلك الى حرمان الاخر من حق الحياة، الذي لا وجود لطعم لحياة الانسانية الا بوجود الاخر الانيس واشتراكه في الحياة معه .
ولقد شوه الانسان بالراسمالية العفنة وعلمانيتها القذرة غريزة التدين، التي الاصل فيها ان تقود الانسان الى ربه وخالقه بالفطرة، ليؤله نفسه لنفسه و لجنسه ، ويتخذ عباد الله عبيدا واماءً لاشباع نزواته ورغباته، شاذا بذلك عن منهج ربه وفطرته، الذي ما خلق الانس والجن الا ليعبدوه.
التصحر الفكري يا قوم جعل النفس البشرية جرداء قاحلة من كل قيم ومعاني الانسانية، فصير البشر كالانعام بل اضل سبيلا....
ولا خصوبة ولا ربيع للعقل البشري الا اذا اصابه غيث السماء - الوحي - المتمثل في كتاب الله تعالى وسنة نبيه وما ارشدا اليه، لبناء العقلية المنتجة المخصبة ، والنفسية المؤمنة المستقيمة على الفطرة ونور الهدى ....
اللهم انا نسالك الهدى والاستقامة على ما تحب وترضى وكيف ما ترضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2022-11-24, 7:08 pm عدل 3 مرات