بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا افعل ان رايت هلال شوال ولم يفطر الناس؟
لما كان الشهر القمري الذي جاء الإسلام باعتباره وتعلق العبادات من صوم وحج وصدقة وعدة المعتدات به ، فيكون تسعة وعشرين يومًا ويكون ثلاثين يومًا، وهذا يقتضي و يستوجب أنَّ الصيام في رمضان لا ينقص عن حده الأدنى، كما لا يزيد عن حده الأعلى، اما تسع وعشرون يوما ادناه، واما ثلاثون يوما اعلاه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشّهر تسعٌ وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدّة ثلاثين ". رواه البخاري.
وفي لفظ: "الشهر هكذا وهكذا وهكذا\". فضرب بيده وعقد إبهامه في الثالثة، "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين". رواه مسلم.
وعن أبي هريرة مرفوعاً: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمّ عليكم فعدوا ثلاثين" رواه مسلم.
اما من راى الهلال ولم يلتفت الناس لرؤيته او لم يستطع الاخبار عنه وقت الحاجة للاخبار به، فالصواب في حقِّه أنّه لا يفطر حتى يفطر أهل البلد الذي هو فيه، ولا يكون بصيامه قد صام يوم العيد المأمور بفطره، وذلك لأنّ الفطر إنما يكون بفطر المسلمين. وذلك لما ثبت بالنصوص الشرعية:-
فعن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس". رواه الترمذي. وقال الشوكاني في نيل الاوطار رجاله كلهم ثقات.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنّه قال: "صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون". رواه أبو داود والترمذي.
فلو اخطأ الناس في تحديد يوم الاضحى ووقفة عرفة فليس عليهم اعادة لحجهم باتفاق لنص الحديث..
و يستفاد من الحديثين الشريفين أن كل إنسان يقيم في بلد يلزمه الصوم مع أهلها، وكذا الفطر معهم ، وهذا فيه تحقيق لمقصد من مقاصد الصوم: وهو اجتماع الكلمة والبعد عن الفرقة والاختلاف، وفيه إبعاد للاستنكار والنزاع والخصام الذي يرفضه الاسلام ويمقته. وخاصة بين اهل المصر الواحد من امصار المسلمين التي يقطنونها وبغض النظر عمن مصرها، فالاصل ان نحفظ وحدة جماعة المسلمين اينما وجدوا، مع السعي لحفظ وحدتهم في العالم اجمع.
فمن رأى هلالَ شَوَّال لوَحدِه؛ فإنَّه لا يُفطِرُ حتى يُفطِرَ النَّاسُ، وهو مذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّة ، والمالكيَّة والحَنابِلة .
والاولى بالمفتي او قاضي القضاة في اي بلد ان يعتمد رؤية المسلم العدل في اي بقعة من بقاع الارض، وان يكونوا على صلة وتواصل لاثبات الرؤيا سواءً لاعلان الصوم او لاعلان الفطر، فالمسلمون اكفاء متساوون يسعى بذمتهم ادناهم، اي يشغل ذمتهم او يبرؤها اقلهم مكانة ومنزلة دنيوية، للحديث عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم. ويرد عليهم أقصاهم. وهم يَدٌ على من سواهم. ألا، لا يقتل مسلم بكافر، ولا ذو عَهْد في عهده" رواه أبو داود والنسائي. كما ورواه ذاته وبنصه ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
جعلنا الله واياكم ممن يحفظون ويحافظون على وحدة الكلمة والصف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وتقبل الله طاعاتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ملاحظة هامة:-
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إذا رأى هلال الصوم وحده، أو هلال الفطر وحده، فهل عليه أن يصوم برؤية نفسه؟ أو يفطر برؤية نفسه؟ أم لا يصوم ولا يفطر إلا مع الناس؟ على ثلاثة أقوال: هي ثلاث روايات عن أحمد أحدها: أن عليه أن يصوم، وأن يفطر سراً، وهو مذهب الشافعي.
والثاني: يصوم، ولا يفطر إلا مع الناس، وهو المشهور من مذهب أحمد ومالك وأبي حنيفة.
والثالث: يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون" رواه الترمذي، وقال حسن غريب، ورواه أبو داود، وابن ماجه، وذكر الفطر والأضحى فقط. … إلخ. (مجموع الفتاوى25/114-118) لابن تيمية.