حديث الجمعة بارك الله جمعكم وجمعتكم
=-=-= بسم الله الرحمن الرحبم =-=-=
-------- واقعنا المعاصر واخبار الكتاب والسنة والاثار :-
المعضلة الكبرى حينما يقع الفجور من خاصة الناس وليس من عامتهم، وتحدث المجاهرة بالمعاصي من قبل قادة الناس وكبارهم وأشرافهم، وهذا نذير خطر، وإشارة خوف ووجل، لأن هذا دليل على اقتراب موعد الهلاك والزوال والدمار، يقول علماء الاجتماع :- إن شيوع الترف وتفشي الانحراف الجنسي والتحلل الخلقي سبب لانهيار الحضارات ودمار الامم، وهذا ما نجده في السنة الكونية المستنبطة من كتاب الله -سبحانه وتعالى- حيث
قال الله تعالى في سورة الاسراء : ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء : 16]..............
= عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزعهُ مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأفْتوا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأضَلُّوا».متفق عليه
الانتزاع : من النزع، وهو الجذب والقلع.
و رؤوساً: جمع رأس، وهو السيد المقدم في القوم من الناس.
وفي الحديث اشارة الى شغور الساحة من العلماء الربانيين العارفين بالسياسة وفن القيادة، فيتخذ الناس لهم رؤوسا جهالا بفن القيادة وادارة شؤن الامة والمجتمع ، ويجهلون تنزيل احكام الكتاب والسنة على الوقائع والاحداث ، فيفتون بغير علم و لا معرفة ولا دراية ولا خبرة ، فيضلون عن مراد الله تعالى، ويُضلوا من تبعهم ، فهم الذين لم يكن عملهم الذي عملوه في حياتهم الدنيا على هدى واستقامة ، بل كان على جور وضلالة، وذلك أنهم عملوا بغير ما أمرهم الله به في الكتاب و السنة، بل كان عملهم على كفر منهم به، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، قال الله تعالى في سورة الكهف :- (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا (108) .
و يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء : 16]. إن هذه الآية العظيمة تبين أن الله -سبحانه وتعالى- إذا أراد أن يهلك قرية ويقضي على أهلها، وينزل عذابه عليهم، أمر مترفيها و مسرفيها وفجارها وطغاتها أن يطغوا فيها، ويفسدوا بين جنباتها، اي اصبح امر الفسق و الافساد الذي هو من طبعهم ميسرا لهم ، فإذا انتشر شرهم، وانفجر فجورهم، وسكت الناس عنهم ، ولم ينكروا عليهم، حل بالجميع عذاب الله، كما قال تعالى في آية أخرى ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ(67)﴾ [المؤمنون 64: 67].
إن الأمم التي تبطر معيشتها، وتعيش في الترف وتنهمك في الملذات، وتقارف الآثام والذنوب، لابد أن يصيبها العقاب ويحل عليها العذاب، يقول عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه وارضاه : “ توشك القرى أن تخرب وهي عامرة ، قيل: وكيف تخرب وهي عامرة ؟! قال: إذا علا فجّارها أبرارها، وساد القبيلة منافقوها” [ الجواب الكافي (53) ].
و هناك أثر عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو قوله : \" لن تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها \" وهذا الأثر رواه الطبرانيفي الجامع ، ويؤكد معناه ما روى عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِى مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ ، فَكَرِهَ مَا قَالَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ . قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ . قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَة. أخرجه أحمد في مسنده و\"البُخاري في صحيحه .
وايضا حديث أَبِي هُرَيْرَةَ , قال : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم :إِنًهَا. سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَة ، يُصَدَّقُ فِيَها الْكَاذِبُ ، وُيكَذَبُ فِيَها الصَّادِقُ ، وَيُؤتَمَنُ فِيَها الْخَائِن ، وُيخَوَّنُ فِيَها الأمِينُ ، وَينْطِقُ فِيَها الرُّوَيْبِضةُ . قِيلَ : وَمَا الرُّويبِضَةُ ؛ قَالَ : السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أمْرِ الْعَامَّة. أخرجه ابن ماجة و الحاكم و أحمد و الخرائطي في \" مكارم الأخلاق \"
والرويبضة هم الذين يتصدرون المجالس و المناصب والولايات العامة للامة، فيتكلمون ويتصرفون في أمور الناس دون أثارة من علم او فقه ، فقد صارت الصدارة لهؤلاء المتفيهقين والمتشدقين الذين يحملون الناس على فتاوى شاذة وغريبة ، غاية ما تؤدي إليه الإدبار عن الدين والنفور من الاسلام و المسلمين. وفي امثال هؤلاء قال صلى الله عليه وسلم \":إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي ، كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ .أخرجه أحمد
يقول ابن القيم رحمه الله: \"وقد رأى رجل ربيعة بن أبي عبد الرحمن يبكي فقال: ما يبكيك؟ فقال: استُفتِي من لا علم له, وظهر في الإسلام أمر عظيم، قال: ولًَبعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السُّرَّاق. قال بعض العلماء: فكيف لو رأى ربيعة زماننا وإقدام من لا علم عنده على الفتيا، وتوثّبه عليها، ومد باع التكلف إليها، وتسلقه بالجهل والجرأة عليها، مع قلة الخبرة وسوء السيرة وشؤم السريرة، وهو من بين أهل العلم منكر أو غريب، فليس له في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف نصيب, ولا يبدي جوابًا بإحسان وإن ساعد القدر فتواه كذلك يقول فلان بن فلان\".ابن القيم : إعلام الموقعين .
فصار في ايامنا اهل النفاق و التطبيل والتسحيج هم من يملكون ويتصرفون بامور الناس ، وبالتالي هم من يتقدمهم وينطقون باسمهم بما تنكره انفسهم وطباعهم ، وصاروا هم من يتحكم في امور العامة بالهوى ، فانتشر الفساد والافساد وعم اللاء وطم في البلاد والعباد .
وصار ارباب العلم والحكمة الصادقون المتقون هم المنبوذون والمبعدون و المنفيون والمطاردون المغيبون عن الساحة قسرا ، فتاهت سقينة الحياة في لجج الظلم والظلام والجهل ...
واسمع هذه الابيات من الحكمة لحكيم العرب في الجاهلية - الافوه الاودي المذحجي حيث يقول كما ورد في كتاب أبي علي القالي-(الأمالي، ج2، ص 221): :-
فينا معاشرُ لم يبنوا لقومهمِ *** وإن بنى قومهم ما أفسدوا عادوا
والبيتُ لا يُبتنَى إلا له عمد *** ولا عماد إذا لم ترس أوتادوا
فإن تُجمع أوتاد وأعمدة *** وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
وإن تجمع أقوام ذوو حسب *** اصطاد أمرهمُ بالرشد مُصطادُ
لا يصلُحُ الناس فوضى لاسَراة لهمُ * ** ولا سَراة إذا جهالهم سادُوا
تُلفَى الأمور بأهل الرشد ما صلحتْ *** وإن تولتْ فَبِالأشرار تنقادُ
إذا تولَّى سَراةُ القوم أمرهمُ *** نما على ذاك أمرُ القوم فَازْدادوا
وختاما اسال الله تعالى صلاح الحال والمآل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
و
=-=-= بسم الله الرحمن الرحبم =-=-=
-------- واقعنا المعاصر واخبار الكتاب والسنة والاثار :-
المعضلة الكبرى حينما يقع الفجور من خاصة الناس وليس من عامتهم، وتحدث المجاهرة بالمعاصي من قبل قادة الناس وكبارهم وأشرافهم، وهذا نذير خطر، وإشارة خوف ووجل، لأن هذا دليل على اقتراب موعد الهلاك والزوال والدمار، يقول علماء الاجتماع :- إن شيوع الترف وتفشي الانحراف الجنسي والتحلل الخلقي سبب لانهيار الحضارات ودمار الامم، وهذا ما نجده في السنة الكونية المستنبطة من كتاب الله -سبحانه وتعالى- حيث
قال الله تعالى في سورة الاسراء : ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء : 16]..............
= عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزعهُ مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأفْتوا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأضَلُّوا».متفق عليه
الانتزاع : من النزع، وهو الجذب والقلع.
و رؤوساً: جمع رأس، وهو السيد المقدم في القوم من الناس.
وفي الحديث اشارة الى شغور الساحة من العلماء الربانيين العارفين بالسياسة وفن القيادة، فيتخذ الناس لهم رؤوسا جهالا بفن القيادة وادارة شؤن الامة والمجتمع ، ويجهلون تنزيل احكام الكتاب والسنة على الوقائع والاحداث ، فيفتون بغير علم و لا معرفة ولا دراية ولا خبرة ، فيضلون عن مراد الله تعالى، ويُضلوا من تبعهم ، فهم الذين لم يكن عملهم الذي عملوه في حياتهم الدنيا على هدى واستقامة ، بل كان على جور وضلالة، وذلك أنهم عملوا بغير ما أمرهم الله به في الكتاب و السنة، بل كان عملهم على كفر منهم به، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، قال الله تعالى في سورة الكهف :- (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا (108) .
و يقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء : 16]. إن هذه الآية العظيمة تبين أن الله -سبحانه وتعالى- إذا أراد أن يهلك قرية ويقضي على أهلها، وينزل عذابه عليهم، أمر مترفيها و مسرفيها وفجارها وطغاتها أن يطغوا فيها، ويفسدوا بين جنباتها، اي اصبح امر الفسق و الافساد الذي هو من طبعهم ميسرا لهم ، فإذا انتشر شرهم، وانفجر فجورهم، وسكت الناس عنهم ، ولم ينكروا عليهم، حل بالجميع عذاب الله، كما قال تعالى في آية أخرى ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ (64) لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ (65) قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ(67)﴾ [المؤمنون 64: 67].
إن الأمم التي تبطر معيشتها، وتعيش في الترف وتنهمك في الملذات، وتقارف الآثام والذنوب، لابد أن يصيبها العقاب ويحل عليها العذاب، يقول عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه وارضاه : “ توشك القرى أن تخرب وهي عامرة ، قيل: وكيف تخرب وهي عامرة ؟! قال: إذا علا فجّارها أبرارها، وساد القبيلة منافقوها” [ الجواب الكافي (53) ].
و هناك أثر عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو قوله : \" لن تقوم الساعة حتى يسود كل قبيلة منافقوها \" وهذا الأثر رواه الطبرانيفي الجامع ، ويؤكد معناه ما روى عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :بَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِى مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ جَاءَهُ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ سَمِعَ مَا قَالَ ، فَكَرِهَ مَا قَالَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ لَمْ يَسْمَعْ ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ . قَالَ هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ . قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا قَالَ إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَة. أخرجه أحمد في مسنده و\"البُخاري في صحيحه .
وايضا حديث أَبِي هُرَيْرَةَ , قال : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم :إِنًهَا. سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَة ، يُصَدَّقُ فِيَها الْكَاذِبُ ، وُيكَذَبُ فِيَها الصَّادِقُ ، وَيُؤتَمَنُ فِيَها الْخَائِن ، وُيخَوَّنُ فِيَها الأمِينُ ، وَينْطِقُ فِيَها الرُّوَيْبِضةُ . قِيلَ : وَمَا الرُّويبِضَةُ ؛ قَالَ : السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أمْرِ الْعَامَّة. أخرجه ابن ماجة و الحاكم و أحمد و الخرائطي في \" مكارم الأخلاق \"
والرويبضة هم الذين يتصدرون المجالس و المناصب والولايات العامة للامة، فيتكلمون ويتصرفون في أمور الناس دون أثارة من علم او فقه ، فقد صارت الصدارة لهؤلاء المتفيهقين والمتشدقين الذين يحملون الناس على فتاوى شاذة وغريبة ، غاية ما تؤدي إليه الإدبار عن الدين والنفور من الاسلام و المسلمين. وفي امثال هؤلاء قال صلى الله عليه وسلم \":إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي ، كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ .أخرجه أحمد
يقول ابن القيم رحمه الله: \"وقد رأى رجل ربيعة بن أبي عبد الرحمن يبكي فقال: ما يبكيك؟ فقال: استُفتِي من لا علم له, وظهر في الإسلام أمر عظيم، قال: ولًَبعض من يفتي ها هنا أحق بالسجن من السُّرَّاق. قال بعض العلماء: فكيف لو رأى ربيعة زماننا وإقدام من لا علم عنده على الفتيا، وتوثّبه عليها، ومد باع التكلف إليها، وتسلقه بالجهل والجرأة عليها، مع قلة الخبرة وسوء السيرة وشؤم السريرة، وهو من بين أهل العلم منكر أو غريب، فليس له في معرفة الكتاب والسنة وآثار السلف نصيب, ولا يبدي جوابًا بإحسان وإن ساعد القدر فتواه كذلك يقول فلان بن فلان\".ابن القيم : إعلام الموقعين .
فصار في ايامنا اهل النفاق و التطبيل والتسحيج هم من يملكون ويتصرفون بامور الناس ، وبالتالي هم من يتقدمهم وينطقون باسمهم بما تنكره انفسهم وطباعهم ، وصاروا هم من يتحكم في امور العامة بالهوى ، فانتشر الفساد والافساد وعم اللاء وطم في البلاد والعباد .
وصار ارباب العلم والحكمة الصادقون المتقون هم المنبوذون والمبعدون و المنفيون والمطاردون المغيبون عن الساحة قسرا ، فتاهت سقينة الحياة في لجج الظلم والظلام والجهل ...
واسمع هذه الابيات من الحكمة لحكيم العرب في الجاهلية - الافوه الاودي المذحجي حيث يقول كما ورد في كتاب أبي علي القالي-(الأمالي، ج2، ص 221): :-
فينا معاشرُ لم يبنوا لقومهمِ *** وإن بنى قومهم ما أفسدوا عادوا
والبيتُ لا يُبتنَى إلا له عمد *** ولا عماد إذا لم ترس أوتادوا
فإن تُجمع أوتاد وأعمدة *** وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
وإن تجمع أقوام ذوو حسب *** اصطاد أمرهمُ بالرشد مُصطادُ
لا يصلُحُ الناس فوضى لاسَراة لهمُ * ** ولا سَراة إذا جهالهم سادُوا
تُلفَى الأمور بأهل الرشد ما صلحتْ *** وإن تولتْ فَبِالأشرار تنقادُ
إذا تولَّى سَراةُ القوم أمرهمُ *** نما على ذاك أمرُ القوم فَازْدادوا
وختاما اسال الله تعالى صلاح الحال والمآل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
و