بسم الله الرحمن الرحيم
-2- الحلقة الثانية من سلسلة حكمة واثر العبادات على النفس والسلوك-2-
---- حكمة الصيام :-
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ 183البقرة ....
نعم اخواني وابنائي الاكارم ، ها هي الأيام تجري وتمضي بنا وتتوالى الشهور وتتعاقب السنون منقصة من اعمارنا، ويقترب منا شهر الخير والرحمة و البركات، شهر التوبة والمغفرة، فاللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين. نعم ها قد اقترب شهر ترتفع فيه الدرجات، شهر تغلق فيه أبواب النار وتفتح فيه أبواب الجنة ، شهر جهاد النفس وترويضها على الفطام عن مشتهاها ومبتغاها، لتصبر وتثابر على المُضي والاستمرار في مراقبة الله تعالى في السر والعلن ، والتزام امره واجتناب نهيه، لتُدرب بذلك على تحقيق تقوى الله العظيم المطلع على خائنة الاعين ومل تخفي الصدور، انه شهر رمضان المبارك ، شهر العز والانتصارات والمجاهدة والجهاد ، وليس من قبيل المصادفة ان يشرع الله تعالى فريضة الصيام , ثم يتبعها تشريع فريضة الجهاد والقتال في سبيله ، فقد فُرض الصيام على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة النبوية المشرفة وهو العام الذي شرع الله تعالى فيه الجهاد واذن للمسلمين بالقتال, و الذي يحتاج طبعا الى الصبر على الحرمان من النوم والراحة والجوع والعطش، والتنبه واليقظة الدائمة للمراقبة بمن يترصد للاعتداء من الاعداء أعوان الشياطين واتباعهم من البشر الغاوين .
فالأعداء يتصيدون و يتربصون ويتحينون الفرص، ويترصدون نقاط الضعف لاستغلالها للايقاع بالامة في مصائدهم وشباكهم التي ينصبونها ، ليهزموا الامة عسكريا واقتصاديا وفكريا وسياسيا، وكذلك معلمهم وملهمهم الشيطان, يترصد النفس البشريةلاغوائها، و للايقاع بالانسان في شراك الشهوات والهوى، وارتكاب القبائح من الافعال والاقوال المعبرة عن افكار الانهزام والضلال والفسق والفجور ، ليبقي الانسان في حالة ضعف و استسلام وانقياد لوسوسته واغضاب الله عز وجل، حيث توعد البشر كما اخبر عنه الله تعالى في القران المجيد حيث قال : (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) (ص) .
وهنا توعده الله تعالى ومن تبعه بالنار فقال تعالى : قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:84-85] .
فالعدو الشيطان قد وعده الله النار هو ومن تبعه من البشر الضالين الذين اغواهم فكانوا اعوانا له يضلون عباد الله عن عبادته وطاعته ، وحتم له ولهم دخول النار، فهو حريص غاية الحرص على إغواء بني آدم، وتزيين الباطل لهم حتى يكونوا معه في النار، وهكذا هو أيضاً شياطين الانس يتعاضدون مع ابليس وذريته لاغواء البشر وحرفهم عن جادة الحق والايمان. قال الله تعالى :-
(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)الانعام).
فابليس يعلم ان مصيره النار والعذاب الاليم، ولكنه يجاهد في اغواء بني آدم لثنيهم عن طاعة ربهم ليكونوا شركاء له في النار. وكذلك يفعل اعوانه واتباعه من شياطين الانس، رغم علمهم بان دين الله غالب ومنصور، الا انهم غرهم طول الامل كما غر معلمهم ابليس من قبل، فرأى ان اليوم الآخر بعيد فطلب امهاله، بدل التوبة وطلب الغفران .
فلذلك نقول ان الصيام مدرسة تعلم الانسان تقوى الله العظيم ومخالفة النفس والهوى ، وتعلمنا كيف نصبر عن عدم طاعة ابليس واتباعه واعوانه من شياطين الانس ونرفضهم ولا نقبل بمناهجهم ، فالصوم يعلم الانسان اردة الرفض وارادة القبول ، رفض ما نهى الله عنه وقبول ما امر الله به مهما كلف من مشقة وعناء.
فيتحرر المؤمن من تبعية شياطين الانس والجن، فيستقل بعبادة ربه واتباع شرعه ومنهجه فيسعد في الدنيا وينجو في الأخرى،قال تعالى :- (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشقَىٰ) [طه:123]،وقالسبحانه :- (قُلنَا اهبِطُواْ مِنهَا جَمِيعاۖ فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُون) [البقرة:38].
وفي الختام نسال ربنا: اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين ومنصورين على اعدئنا يارب العالمين وأغفر لنا وارحمنا وارزقنا وأنت خير الرازقين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
-2- الحلقة الثانية من سلسلة حكمة واثر العبادات على النفس والسلوك-2-
---- حكمة الصيام :-
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَىٰ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ 183البقرة ....
نعم اخواني وابنائي الاكارم ، ها هي الأيام تجري وتمضي بنا وتتوالى الشهور وتتعاقب السنون منقصة من اعمارنا، ويقترب منا شهر الخير والرحمة و البركات، شهر التوبة والمغفرة، فاللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين. نعم ها قد اقترب شهر ترتفع فيه الدرجات، شهر تغلق فيه أبواب النار وتفتح فيه أبواب الجنة ، شهر جهاد النفس وترويضها على الفطام عن مشتهاها ومبتغاها، لتصبر وتثابر على المُضي والاستمرار في مراقبة الله تعالى في السر والعلن ، والتزام امره واجتناب نهيه، لتُدرب بذلك على تحقيق تقوى الله العظيم المطلع على خائنة الاعين ومل تخفي الصدور، انه شهر رمضان المبارك ، شهر العز والانتصارات والمجاهدة والجهاد ، وليس من قبيل المصادفة ان يشرع الله تعالى فريضة الصيام , ثم يتبعها تشريع فريضة الجهاد والقتال في سبيله ، فقد فُرض الصيام على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة النبوية المشرفة وهو العام الذي شرع الله تعالى فيه الجهاد واذن للمسلمين بالقتال, و الذي يحتاج طبعا الى الصبر على الحرمان من النوم والراحة والجوع والعطش، والتنبه واليقظة الدائمة للمراقبة بمن يترصد للاعتداء من الاعداء أعوان الشياطين واتباعهم من البشر الغاوين .
فالأعداء يتصيدون و يتربصون ويتحينون الفرص، ويترصدون نقاط الضعف لاستغلالها للايقاع بالامة في مصائدهم وشباكهم التي ينصبونها ، ليهزموا الامة عسكريا واقتصاديا وفكريا وسياسيا، وكذلك معلمهم وملهمهم الشيطان, يترصد النفس البشريةلاغوائها، و للايقاع بالانسان في شراك الشهوات والهوى، وارتكاب القبائح من الافعال والاقوال المعبرة عن افكار الانهزام والضلال والفسق والفجور ، ليبقي الانسان في حالة ضعف و استسلام وانقياد لوسوسته واغضاب الله عز وجل، حيث توعد البشر كما اخبر عنه الله تعالى في القران المجيد حيث قال : (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) (ص) .
وهنا توعده الله تعالى ومن تبعه بالنار فقال تعالى : قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ [ص:84-85] .
فالعدو الشيطان قد وعده الله النار هو ومن تبعه من البشر الضالين الذين اغواهم فكانوا اعوانا له يضلون عباد الله عن عبادته وطاعته ، وحتم له ولهم دخول النار، فهو حريص غاية الحرص على إغواء بني آدم، وتزيين الباطل لهم حتى يكونوا معه في النار، وهكذا هو أيضاً شياطين الانس يتعاضدون مع ابليس وذريته لاغواء البشر وحرفهم عن جادة الحق والايمان. قال الله تعالى :-
(وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا ۚ وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)الانعام).
فابليس يعلم ان مصيره النار والعذاب الاليم، ولكنه يجاهد في اغواء بني آدم لثنيهم عن طاعة ربهم ليكونوا شركاء له في النار. وكذلك يفعل اعوانه واتباعه من شياطين الانس، رغم علمهم بان دين الله غالب ومنصور، الا انهم غرهم طول الامل كما غر معلمهم ابليس من قبل، فرأى ان اليوم الآخر بعيد فطلب امهاله، بدل التوبة وطلب الغفران .
فلذلك نقول ان الصيام مدرسة تعلم الانسان تقوى الله العظيم ومخالفة النفس والهوى ، وتعلمنا كيف نصبر عن عدم طاعة ابليس واتباعه واعوانه من شياطين الانس ونرفضهم ولا نقبل بمناهجهم ، فالصوم يعلم الانسان اردة الرفض وارادة القبول ، رفض ما نهى الله عنه وقبول ما امر الله به مهما كلف من مشقة وعناء.
فيتحرر المؤمن من تبعية شياطين الانس والجن، فيستقل بعبادة ربه واتباع شرعه ومنهجه فيسعد في الدنيا وينجو في الأخرى،قال تعالى :- (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشقَىٰ) [طه:123]،وقالسبحانه :- (قُلنَا اهبِطُواْ مِنهَا جَمِيعاۖ فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُون) [البقرة:38].
وفي الختام نسال ربنا: اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين ومنصورين على اعدئنا يارب العالمين وأغفر لنا وارحمنا وارزقنا وأنت خير الرازقين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .