بسم الله الرحمن الرحيم
3- الحلقة الثالثة من حكمة واثر العبادات التربوي على النفس والسلوك-3-
--رمضان شهر القرآن-- 1--
اختص الله تعالى شهر رمضان بتنزيله للقران فيه، فقد قال الله تعالى :-
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)البقرة).
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره {وقوله : ( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) هذا مدح للقرآن الذي أنزله الله هدى لقلوب العباد ممن آمن به وصدقه واتبعه ) وبينات ) أي : ودلائل وحجج بينة واضحة جلية لمن فهمها وتدبرها دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال ، والرشد المخالف للغي ، ومفرقا بين الحق والباطل ، والحلال ، والحرام .} .
ان القران الكريم بنص الاية نزل هدى للناس اي منهاج ارشاد ورشاد لهم وسداد ان اتبعوه، ففيه حجج وبراهين بينة تفرق بين الحق والباطل، وبين الهدى والضلال، وتبين الخطأ من الصواب والصحيح في الاعتقاد والتفكير المبني على المعتقد واحكام الافعال والاقوال وترشد اياته البنة الى السلوك الصحيح في كافة امور الحياة، وينتفع به الانسان من المحيا حتى الممات, فهو يرسم للانسان انموذجا للعيش الذي يرتضيه الله تعالى ويحقق الغاية التي من اجلها خلق الخلق سبحانه، كما بين ذلك سبحانه في الاية 56 من سورة الذاريات فقال:- ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ...
والقران نزل ليحكم بين الاحياء لا ليقرأ على الاموات، فهو يخاطب الاحياء ليُحيي قلوبهم ويُنير عقولهم، فيعطيهم ويرشدهم الى احكام تصرفاتهم واعمالهم وما ينبغي ان يكون عليه مسار تفكيرهم ،ولم ينزل ليخاطب الاموات،لان الميت لا يفعل ولا يعمل ، انتهت حياته فدخل في مرحلة المحاسبة عليها والحساب على اعماله وما قدم في حياته . فالذي ينتفع بالقران من كان حيا ، قال الله تعالى في سورة -يس-: ( لينذر من كان حيا ) أي : لينذر هذا القرآن البين كل حي على وجه الأرض ، كقوله : ( لأنذركم به ومن بلغ ) [ الأنعام : 19 ] . وعليه فإنما ينتفع بنذارته من هو على قيد الحياة و حي القلب ، مستنير البصيرة ، طالبا للحق رافضا للباطل ، فان عمي عن ذلك بعد البيان لمنهج الهدى فهو في الضلال المبين ، الذي يعمي بصيرته ومداركه عن ادراك الحق والتفريق بينه وبين الباطل ،قال عزَّ مِن قائل سبحانه: -
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج) .
فالانسان مكرم ومفضل عن كثير من الخلائق بالعقل والادراك والتفكير : - ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)الاسراء) .
والمصيبة الكبرى التي يغفل عنها الناس في الدنيا هي عمى البصيرة و القلب واغلاق العقل عن الادراك والتفكر !! فلذلك كان عقاب هذا شديدا في الدنيا بان يبقى في الضلال وفي الاخرة بان يكون من الخاسرين:- (وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)الاسراء) ،
وقال عز وجل :- ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (126) وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ (127) طه).
نسال الله تعالى الرحمة والهداية في الدنيا وحسن الماب في الاخرة، ونعوذ بالله من عمى البصر والبصيرة والضلال بعد الهدى ،ونساله تعالى ان يعزنا باتباع القران وان يرفع فينا راية التوحيد التي توحد الامة ، وان ينصرنا ويُثبت اقدامنا ، والى اللقاء في حلقة جديدة استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
.... خشية الاطالة يتبع ان شاء الله تكملة هذا الموضوع...
3- الحلقة الثالثة من حكمة واثر العبادات التربوي على النفس والسلوك-3-
--رمضان شهر القرآن-- 1--
اختص الله تعالى شهر رمضان بتنزيله للقران فيه، فقد قال الله تعالى :-
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)البقرة).
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره {وقوله : ( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) هذا مدح للقرآن الذي أنزله الله هدى لقلوب العباد ممن آمن به وصدقه واتبعه ) وبينات ) أي : ودلائل وحجج بينة واضحة جلية لمن فهمها وتدبرها دالة على صحة ما جاء به من الهدى المنافي للضلال ، والرشد المخالف للغي ، ومفرقا بين الحق والباطل ، والحلال ، والحرام .} .
ان القران الكريم بنص الاية نزل هدى للناس اي منهاج ارشاد ورشاد لهم وسداد ان اتبعوه، ففيه حجج وبراهين بينة تفرق بين الحق والباطل، وبين الهدى والضلال، وتبين الخطأ من الصواب والصحيح في الاعتقاد والتفكير المبني على المعتقد واحكام الافعال والاقوال وترشد اياته البنة الى السلوك الصحيح في كافة امور الحياة، وينتفع به الانسان من المحيا حتى الممات, فهو يرسم للانسان انموذجا للعيش الذي يرتضيه الله تعالى ويحقق الغاية التي من اجلها خلق الخلق سبحانه، كما بين ذلك سبحانه في الاية 56 من سورة الذاريات فقال:- ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ...
والقران نزل ليحكم بين الاحياء لا ليقرأ على الاموات، فهو يخاطب الاحياء ليُحيي قلوبهم ويُنير عقولهم، فيعطيهم ويرشدهم الى احكام تصرفاتهم واعمالهم وما ينبغي ان يكون عليه مسار تفكيرهم ،ولم ينزل ليخاطب الاموات،لان الميت لا يفعل ولا يعمل ، انتهت حياته فدخل في مرحلة المحاسبة عليها والحساب على اعماله وما قدم في حياته . فالذي ينتفع بالقران من كان حيا ، قال الله تعالى في سورة -يس-: ( لينذر من كان حيا ) أي : لينذر هذا القرآن البين كل حي على وجه الأرض ، كقوله : ( لأنذركم به ومن بلغ ) [ الأنعام : 19 ] . وعليه فإنما ينتفع بنذارته من هو على قيد الحياة و حي القلب ، مستنير البصيرة ، طالبا للحق رافضا للباطل ، فان عمي عن ذلك بعد البيان لمنهج الهدى فهو في الضلال المبين ، الذي يعمي بصيرته ومداركه عن ادراك الحق والتفريق بينه وبين الباطل ،قال عزَّ مِن قائل سبحانه: -
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج) .
فالانسان مكرم ومفضل عن كثير من الخلائق بالعقل والادراك والتفكير : - ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)الاسراء) .
والمصيبة الكبرى التي يغفل عنها الناس في الدنيا هي عمى البصيرة و القلب واغلاق العقل عن الادراك والتفكر !! فلذلك كان عقاب هذا شديدا في الدنيا بان يبقى في الضلال وفي الاخرة بان يكون من الخاسرين:- (وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72)الاسراء) ،
وقال عز وجل :- ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (126) وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ (127) طه).
نسال الله تعالى الرحمة والهداية في الدنيا وحسن الماب في الاخرة، ونعوذ بالله من عمى البصر والبصيرة والضلال بعد الهدى ،ونساله تعالى ان يعزنا باتباع القران وان يرفع فينا راية التوحيد التي توحد الامة ، وان ينصرنا ويُثبت اقدامنا ، والى اللقاء في حلقة جديدة استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
.... خشية الاطالة يتبع ان شاء الله تكملة هذا الموضوع...