33- الحلقة الثالثة والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
____ صلاة العيد، احكام وحكمة :-
يعتبر العيد في الاسلام مناسبة لإظهار الفرح في الدين، حيث شرع الاسلام عيدين للمسلمين يحتفون بهما عبادة لله واظهارا للفرح لان كلاهما جاء بعد اداء عبادة عظيمة، وكل واحدة منهما ركن من اركان الاسلام، الا وهما الصيام وحج البيت العتيق ، وإظهار للسرور بين الناس، فإفراح الناس عبادة يحبها الله - تعالى -، لقوله صلى الله عليه وسلم : - (أَحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ)، [صحيح الترهيب والترغيب] ،ويكون ذلك بالزيارة، أو الهدية، أو بالسؤال عنه وعن أحواله من خلال الاتصال بالتلفون اليوم، وهذه الأعمال في سائر السنة والشرع إلا أنها تتأكد في يوم العيد. الذي يذكر الناس بارحامها واخوانها في الله ...
ويُستحب للرجال عند الخروج لمصلى العيد لبس احسن الثياب عندهم والاغتسال والتطيب ،اما النساء فيخرجن تفلات كما في حديث ابي داوود اي غير متطيبات بطيب ...
ويبدأ يوم العيد بالتكبير والذكر تعظيما وتمجيدا لله تعالى، من بعد اداء صلاة الفجر لحين ارتفاع الشمس مقدار رمحين في الافق الشرقي ، ثم يُنادى بصلاة العيد جامعة ... حيث يجتمع لها المسلمون في الساحات العامة ، وحث النبي صلوات ربي وسلامه عليه واله على الخروج لها ..
وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه واله وسلم صلاة العيد في مصلى العيد وهو ليس المسجد النبوي، وإنما كان أرض خلاء، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بإخراج النساء يشهدن الصلاة، ويسمعن الذكر حتى الحيض منهن فقد جاء في الحديث عن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أمرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت: يا رسول الله ، إحدانا لا يكون لها جلباب، قال لتلبسها أختها من جلبابها) رواه البخاري ومسلم.
وجاء في رواية أخرى (والحيّض يكن خلف الناس يكبرن مع الناس) رواه مسلم، والعواتق أي الشابات، والحيّض: جمع حائض، ذوات الخدور: ربات البيوت.
وحديث ام عطية رضي الله عنها حجة لمن قال بوجوب صلاة العيد ...
قال الامام الشوكانيُّ رحمه الله : (اعلم أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لازَمَ هذه الصَّلاة في العيدين، ولم يتركْها في عيد من الأعياد، وأمَر الناس بالخروج إليها، حتى أمَر بخروج النساء العواتقِ وذواتِ الخدورِ والحُيَّض، وأمَر الحُيَّض أن يعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، حتى أمر مَن لا جلبابَ لها أن تُلبِسَها صاحبتُها من جلبابها، وهذا كله يدلُّ على أنَّ هذه الصلاة واجبةٌ وجوبًا مؤكَّدًا على الأعيان لا على الكفاية، ويَزيد ذلك تأكيدًا: أنه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ الناس بالخروجِ لقضائها في اليومِ الثاني مع اللَّبس كما تقدَّم، وهذا شأنُ الواجبات لا غيرها) ((السيل الجرار)) (ص: 192).
و قال الامام الصَّنعانيُّ رحمه الله تعالى :- (صلاةُ العيد مُجمَع على شرعيَّتها، مُختلَفٌ فيها على أقوال ثلاثة: الأول: وجوبها عينًا عند الهادي وأبي حنيفة، وهو الظاهرُ من مداومته صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والخلفاء من بعدِه، وأمْرِه بإخراج النِّساء، وكذلك ما سلَفَ من حديثِ أمرهم بالغُدوِّ إلى مصلَّاهم، فالأمرُ أصلُه الوجوب، ومن الأدلَّة قوله تعالى:- ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )(الكوثر: 2) على مَن يقول المرادُ به صلاةُ النحر، وكذلك قولُه تعالى:_ (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (الأعلى: 14- 15) ؛ فسَّرها الأكثر بزكاة الفِطر وصلاة عِيدِه) ((سبل السلام)).
فصلاة العيد شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، التي حث عليها الشرع المطهر، وسنة مؤكدة عند جماهير العلماء، بل اعتبرها البعض واجبة كما مر انفا، لذا كان حرياً بالمسلم أن يحافظ على هذه الشعيرة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، فيخرج إليها الرجال والنساء والصغار، ومن السنة أن يخرجوا مشياً على الأقدام ان كان المصلى قريبا منه، اظهارا لعظم هذه الشعيرة ..ومن السنة ان يسبقها اخراج زكاة الفطر التي اوجبها شرعنا الحنيف على الانفس .. فيتفقد المسلم المحتاجين من اخوانه في الايمان ، و يُفرج عنهم كرباتهم، ويسد احتياجاتهم ويُشبع جوعاتهم ... وذلك حتى يكون الجميع من اهل التزكي والتطهر بغض النظر عن الوضع المالي للانسان !!
وقد قال الله تعالىفي سورة البقرة :- ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185 البقرة) . فلذلك كان التكبير يوم العيد وليلته،ومن ادلة التكبير والذكر في ايام الاضحى قوله تعالى: «فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله» «البقرة: 200»، ومن التكبير والتعظيم اداء صلاة العيد والحرص على حضورها،حيث تفتح الركعة الاولى بسبع تكبيرات غير تكبيرة الاحرام ثم تفتتح الثانية بخمس تكبيرات غير تكبيرة الرفع من السجود، والتي يُسن بعدها الاستماع لخطبتي العيد ، ويؤذن بعدم حضور الخطبتي والاقتصار فقط على حضور الصلاة لكل صاحب مهنة لا يستغني عنها المسلمون في يوم عيدهم كالجزار والتجار والخباز وما شابه ...
فايام العيد عندنا في الاسلام ايام عبادة وذكر وتعظيم لله تعالى،وتصغير لشياطين الانس والجن ومناهجهم ، وليست ايام انفلات من العبادة والطاعة كما يفعل كثير من الجهلة في هذه الايام العظيمة ، فَيُفرٍحون الشياطين باتباع وتداول ما اعدوا لهم من ملهيات ومغريات ومنكرات ، ويسهون ويلهون عن ذكر الله واقامة شرائعه واتباع احكامه بحجة انه عيد !!
ان العيد وصلاته وذكره وتكبيره شعيرة من شعائر الاسلام، تعكس على نفسك وسلوكك الفرح بطاعة الله وهدايته لك لطاعته ، وتوفيقه لك ولاخوانك المؤمنين من اقامة اركان الاسلام، الذي يجمعكم اخوة في دين الله اخوة لا ينبغي ان تنفصم عراها ....
و ختاما اسال الله تعالى ان يفرج الكرب عن اهلنا واخواننا في غزة العزة وفي عموم فلسطين وبيت المقدس واكنافه المباركة،وان يُفرحنا بنصره على الظالمين والمعتدين وكل من عادى الدين... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-04-06, 3:28 am عدل 1 مرات