**********(بسم الله الرحمن الرحيم )***********
=========الثوابت الاساسية للرسالة الاسلامية ==========
لقد بنيت رسالة الاسلام على ثوابت اساسية نظمت منهج التفكير عند الانسان واعطته اطر التصور و منهج الرؤيا وادوات القياس وقيمه المادية والمعنوية وبنت له المفاهيم الموجهة للاشباع والمنظمة للسلوك لينهض في حياته ويستمر في احسن تقويم فطر عليه وكي لا يرتد في اسفل سافلين ان اتبع الهوى وقادته الشهوات واستهوته الشياطين.
لذلك وجدنا من مهمات النبي الكريم الموكولة اليه تزكية الناس والنفوس والتزكية تعني التنمية والطهارة ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ))الجمعه 2
ومن اجل تطهير الانسان من كل اشكال الاستذلال والاستعباد لاي قيم تنحرف به عن مساره القويم المستقيم الذي خلق عليه ليحقق مهمة الاستخلاف في الارض بعمارتها بطاعة ربه وعبوديته وحده وفق ما يوحى اليه من ربه وليس وفق هواه او هوى مستبد مستعبد لعباد الله يستحل الحرمات ويغتصب الثروات ويستاثر بالخيرات ويحرم عباد الله مما بث الله تعالى لهم من ارزاق ليلتقطوها من الارض فيحرم عليهم ويحل لهم ما يشاء هواه فيعمل فيهم بالاثم والعدوان فذاك صنم لا بد من تكسيره وتطهير النفوس من هيبته وتزكيتها بالخلاص من كل اشكال العبودية والطاعة الا لمن خلقها فهو احق بالعبادة والطاعة ومنهجه احق بالولاء والانتماء والاتباع فيعيش الانسان حرا
في ارادته ومالكا لخياره وسالكا طريق الهدى والرشاد شاكرا لله انعمه التي وهب واعطى متقويا بها على طاعة ربه عاملا على حفظ ما اوكل اليه ربه من مهمات ليحافظ على ان لاينافس منهج ربه مناهج الاصنام واهلها التي حطمت البشرية وقيمها الانسانية واحلتها دار البوار.ولضمان نهضة الانسان وعدم هبوطه في فكره وبالتالي سلوكه فان الاسلام وضع لنا ثوابت اساسية لا ينبغي لمؤمن ان يحيد عنها او يتجاهلها والا عليه اعادة النظر في فهمه لدينه واسس ايمانه فمفاهيم الايمان وقيمه وكذا احكام الاسلام انما جاءت لتعتق الانسان حتى من عبادة نفسه هو واتباع هواه فكيف بعبادته بالانقياد والطاعة لهوى غيره ممن طغت نفوسهم ولا يرجون لقاء الله ومردوا على الكفر والنفاق يبغونها عوجا فاعماه طغيانه وكفره عن سنن منطق الكون والحياة فرفض ايايات الله وطلب تبديلها وتغييرها بما يوافق هوى نفسه الممتلئة بالامراض ويريد ان تكون تلك النفس الخبيثة هي وما يعتمل فيها من امراض وتشوهات مقياس يفرضه على البشرية(وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ ۙ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ ۚ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )يونس 15
واول هذه الثوابت الرسالية:-
1-ان العقيدة الاسلامية ربطت الايمان بالله ووحدانيته والاعتراف له بانه الخالق بعبوديته واتباع تشريعه وان العبادة له لا تتحقق كاملة الا باتباع شرعه وليس لاحد غيره ان يشرع لعباده الذي هو وحده اعلم بما ولما خلقهم ومن هنا جاء الربط في الفران الكريم بين الامر اي التشريع وبين الخلق اي الايجاد والتشريع موجه مسيطر على الارادة وطالما انك مخلوق لخالق فعليك الاتباع والاستجابة لتوجيه قوى ارادتك كما يشاء هو لك لينسجم ويستقيم وجودك مع سائر وجود مفردات الخلق والكون ولكي لاتصبح نشازا في كون وملكوت خاضع كله لنظام دقيق محكم من لدن حكيم عليم.
(مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يوسف
(﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ﴾
[سورة الطور الآية: 35-36]
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )الاعراف 54
فله سبحانه الامر والحكم والارادة والمشيئة النافذة لانه صاحب الخلق فاذا اصدمت ارادتك مع ارادته ومشيئته كان لك الدمار والهوان في الدارين((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى))[طه:124-126]،
من هذا الاستسلام والانقياد والخضوع بوصفه التزام عقائدي ويقين ثابت يرفض المسلم المؤمن كل اشكال الاستبداد البشري او الاستعباد او فكرة التفويض الالهي للبشر فلا فرعونية ولا هرقلية ولا كسروية ولا طبقة اكليروس ولا سحرة فرعون ولا قارونية راس مالية فالكل خلق الله خاضع لارادته وعدله واحكامه والجميع خاضع للمحاسبة على اساس شريعته تقويما وخضوعا للاله واحد وليس الهة متعددة فتستقيم الحياة وامورالخلق مع سنن وقوانين الايجاد والخلق.
( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ۚ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)الزمر 29
نعم اخي الانسان هكذا تفعل بك قوى الاستعباد والشر يتشاكسون على تبعيتك لهم ويتناحرون على استرقاقك لتكون غنيمة سبيهم وانت الانسان نفسك من تحقق لهم
مآربهم يوم تكون جندي هذه المعركة الخاسئة التي انت فيها الاداة والغنيمة لتكون العبد المأسور المقهور المسلوب.وهكذايقوم مبدأنا:-ايمان بالله .عبودية الانسان له وحده .لاعبودية لغيره.تسليم امر الحكم والتشريع لله وحده .وينطلق بهذه المفاهيم هذا الانسان ليبني حضارته على هذه الاسس وتكون قاعدته الفكرية التي لايضل بها ولا يشقى وينهض ولايهوي ويهبط مهاوي السفول والردى.
2 -الثابت الثاني من ثوابت رسالتنا الايمان بوحدة وتساوي النوع الانساني ذكرا او انثى عربي او اعجمي اسود ام ابيض شرقي ام غربي كلهم لادم وادم من تراب ولا تفاضل بين البشر الا بالتقوى والتقوى امر غيبي لايعلمه احد على وجه الجزم واليقين ومهمة حامل الرسالة توجيهها لانقاذ البشر من هلاك الدنيا وعذاب الاخرة.حيث ان البشر ينتمون جميعا ينتمون الىاصل بشري واحد وهم شركاء في الانسانية ومتساوون في طبيعة تركيبهم وتكوينهم الخلقي وطبيعتهم التكوينية فيشتركون في المشاعر والميول والاحتياجات الفطرية الاساسية والدوافع السلوكية وانطلاقا من هذه المفاهيم والقيم والمسلمات الفكرية رفض الاسلام كل اشكال التمييز والفوارق والحدود والقيود التي فرضها الانسان على نفسه مستوحيا لها من من مفاهيم الجاهلية وقيم الاستعلاء و الانانية الفردية والاجتماعية الداعية لتفوق نوع على سائر الانواع ليفرض نفسه وصيا مستغلا لغباد الله بالاثم والعدوان.وشرع الاسلام الجهاد والقتال لازالة كل تلك الحدود والقيود والعوائق التي تحول بين الناس وبين ان يكونوا عباد الله اخوانا.
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
ألنساء-1-
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17)الحجرات
3-من الثوابت الاساسية لرسالتنا تكريم الاسلام للانسان بصفته الانسانية وانه هو المستهدف بخطاب الرسالة وانه فضله الله وكرمه على سائر الخلائق وسخر له كل ما في الكون من اموال ومتع وملذات وشمس وانهار وبحار ونبات لخدمته ووضعها سبحانه تحت تصرفه ليستغلها حسب ما اباح له وارشده وشرع وقنن.
( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)70 الاسراء
والانسان بعد ان منح هذه الخصائص والامتيازات والمؤهلات اصبح مسؤولا عن رعايتها وحفظها وصيانتها لانه بها اكتسب صفته الانسانية السامية فكلف بانشاء عالم فكري وسلوكي على هذه الارض يوازي بخيره امتداد الخير والعطاء الذي يفيض به الوجود من حوله
اذا وعى الانسان قيمته ومكانته التي جعلها الله له وهياه لحمل امانة اعمار الوجود على هذا الكويكب البسيط وعرف مسؤوليته الوجودية الكبرى فعليه ان يسخر امكانياته وطاقاته وقدراته من اجل الحفاظ على انسانيته والسير في طريق تكاملها وفق منهج الحياة المبدئية التي خطتها له الحكمة والعناية الالاهية بدقة واتقان كي لا يخسر انسانيته وقيمته وكرامتهحين يتبع مناهج الجاهلية ويخضع لحساباتها وتقويمها تلك الحسابات التي تعاملت مع الانسان على انه الة انتاج واداة تنفيذ وانجاز لاشباع شرهها
وجشعها وارضاء نزوات وشهوات متنفذيها
وللحديث بقية ان شاء الله وعلى الخير وبالهدى دوما نلقاكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته