مطلحات خبثة تخدم فكرا هداما (2)
النزعة الفردية -- individualism
الفردية في لغتنا من الفرد وهو الوتر ويطلق دون قيد على الله كونه الواحد المتفرد في وجوده فلا ثاني له ولا نوع ولا جنس فهو متميز في وجوده سبحانه .
والفرد في لغة العرب هو الواحد من الجماعة وهو ايضا نصف الزوج وسمي فردا لانه انفرد من الجماعة او انفصل عن زوجه لتميزه بصفات او اعمال يخصها الخطاب وكأن الايحاء اللغوي والوضع اللغوي لايجعل الانفراد اصلا في حياة الانسان فالاصل في هذا الكائن ان يكون ضمن مجموعات بشرية اقلها الاسرة ثم العشيرة ثم القبيلة ثم الشعب ...
وبحسب المفهوم الشائع بين الناس فإن لفظة فرد التي مجموعها أفراد تشير إلى الأشخاص. ويشكل مجموع الأفراد نواة المجتمع.
وفي المجتمع العربي الذي كان قبل الاسلام فان الفرد ينظر اليه كواحد من قبيلته وعشيرته
وكذلك هو لا يرى نفسه بدونهم شيئا وكانت القبيلة تعتز بافرادها وتحتفل بفرسانها وشعرائها ونوابغها من الخطباء واهل الراي والمشورة وتخلد بطولاتهم ومواقفهم وتسجلهم في ذاكرتها ليكونوا احاديث الاجيال وموضع القدوة ورموز البطولة فتزداد مناقب احسابهم فيزدادون فخرا بانسابهم ويتيهون بها على غيرهم ويتفاخرون بما صنع ابائهم واجدادهم وابناؤهم....
ولما جاء الاسلام برسالته المبدئية العالمية حافظ على هذه النزعة الجماعية ووسع مداركها ودائرتها لتشمل ليس فقط صلات الدم والانساب والاحساب بل لتشمل اخوة الدين والعقيدة ولتستوعب كل المؤمنين بغض النظر عن المنابت والاصول - ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون-. ثم يجعل الايمان حاصرا للاخوة فيه وبه فيقول لهم ربهم - انما المؤمنون اخوة -.
عمل الاسلام على الاعتناء بالفرد على اعتبار انه انسان مفطور على ان يعيش في مجموعات بشرية وعالج له اساليب واحكام عيشه مع البشر ابتداءا من ابويه وجيرانه وذوي قرباه وارحامه في حال كونهم كفار او مؤمنين ورتب له حقوقا وعليه حقوقا تجاه الجماعة البشرية التي يعيش في وسطها وطلب من كل فرد بعينه ان يكون رقيبا على الاسلام منهج الحياة الذي ارتضاه الرب ورتبه حارسا على الاسلام ومنهجه وتعاليمه عقيدة وشريعة وفكرا وسلوكا فخاطب النبي الكريم كل فرد من افراد الامة بقوله - انت - وحين يقول انت فالخطاب ينصرف لكل سامع او قاريء او مبلغ - انت على ثغرة من ثغر الاسلام فلا يؤتين من قبلك -.
فجعل كل فرد في الامة مسؤولا عن هذا الدين . وجعل اكثر الاحكام الشرعية تطبيقها منوط بالامة وذلك ليبقى افراد الامة على تواصل وتعاون ليختاروا من ينوب عنهم في اداء الفروض الجماعية او ما يسميه فقهائنا الكفائية.
وبناءا على ما سبق من عجالة فان الفرد في ثقافتنا لا ينفصل عن الجماعة ولا الجماعة تنفصل عن الفرد الا اذا لا سمح الله ارتد وخرج من الملة.
اما مصطلح الفردية او النزعة الفردية individualism او مصطلح الشخصانية فانها مذهب فكري عندهم يرى أن غاية المجتمع رعاية مصلحة الفرد ، والسماح له بتدبير شؤونه بنفسه
لذلك يقدسون الحرية المطلقة للفرد وخصوصيته في الاعتقاد والتصرف والتفكير ويروا عدم التدخل في شؤونه وبالتالي هو المسؤول عن تصرفاته وعن خه او صوابه وهو ادرى بما ينفعه ويحقق مصالحه والعلاقات الفردية عندهم هدمت وقضت على الترابط الاسري وهناك مذهب مقارب للفردية وهو الشخصانية ويعرف بأنه مذهب أخلاقي واجتماعي مبني على القول إن للشخص الإنساني قيمة مطلقة وهو مذهب الفيلسوف مونيه .. وبالتدقيق والنظر في اسباب ظهور هذه المذاهب الفلسفية في الغرب نجد ان وراءها الاسباب التالية:
1- رد فعل للطغيان الكنسي واستعباده للبشر في اوروبا في العصور الوسطى المظلمة بظلم الكنيسة لهم.
2- رد فعل لاستبداد الإقطاعيين بالأفراد وسلبهم حقوقهم وحرياتهم وجعلهم عبيدا للاقطاعيين ولطبقة الاكليروس ولطبقة النبلاء ..
3- الانقلاب الثوري الصناعي الذي حدث في عصر النهضة الأوربية بعد خلاصها من استبداد الكنيسة وغفلوا انهم وقعوا في استبداد الفردية التي هوت بالمجتمع الاوروبي فقضت على مفاهيم الاخلاق والترابط الاسري والقيم الانسانية الفطرية للبشر.
4 تشجيع الرأسمالية للنزعة الفردية . وكان من شعاراتهم التيي رفعوها. لان الراسمالية لن تنموا ولن تؤتي نظمها وقوانينها اكلها الا في مجتمعات متفككة لا ترابط بينهم ولا التقاء الا بالمصالح الشخصية والفردية فقط.
ان اذناب الغرب والمهووسين بثقافته يرددون بوعي او بلا وعي قولهم بناء الذات..بناء النفس..بناء الفرد..تحقيق الذات..
ان الغرب كما اوجد له نوابا من ابناء جلدتنا يحرسون مصالحه في بلاد الاسلام كذلك اوجد لفكره مروجين وعماة ابصار وبصيرة في عالمنا الاسلامي ككل والعرب على وجه الخصوص وروجوا لهذه الفكرة من جملة الافكار المسمومة التي روجوها وللاسف استجاب له الكثيرون بلا وعي ولا تبصر فاخذوا ينادون بالنزعة الفردية والشخصانية في كتاباتهم وما يسمونه ادبا من الكتابات الروائية والقصص والشعر بل ان بعضهم يحاول ان يجد له مستند من القران ليروج هذا الفكر الضال المنحرف فقالوا ان الله تعالى يقول : ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا )195مريم). في حين ان الاية حددت متى ، انه يوم القيامة وهذا زيادة في مسؤولية الفرد عن الجماعة ومسيرة عيشه في المجتمع. فهل كان مرضيا ربه فيهم ام كانت مسيرته في مجتمعه مغضبة للرب جل وعلا؟!
وختاما نقول ان النزعة الفردية مقتضاها نظرة تمردية على المجتمع تبيح للفرد العمل على هواه وفعل ما يحلوا له من قبائح يستحليها فيحلها بغض النظر عن نظرة المجتمع ومشاعره
يقول مالك بن نبي رحمه الله :"إن المجتمع الذي يعمل فيه كل فرد ما يحلو له ليس مجتمعاً ، ولكنه إما مجتمع في بداية تكونه ، وإما مجتمع بدأ حركة الانسحاب من التاريخ فهو بقية مجتمع ".
فتنبهوا ايها الناس لاستعمال المصطلحات والالفاظ فاننا محاسبون على ما نلفظ ونقول
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)ق18) ولو فقهنا هذه الآية فقط لما تجرأ أحدنا أن يلفظ اويكتب كلمة واحدة إلاّ بعد تمحيص وتفكير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
النزعة الفردية -- individualism
الفردية في لغتنا من الفرد وهو الوتر ويطلق دون قيد على الله كونه الواحد المتفرد في وجوده فلا ثاني له ولا نوع ولا جنس فهو متميز في وجوده سبحانه .
والفرد في لغة العرب هو الواحد من الجماعة وهو ايضا نصف الزوج وسمي فردا لانه انفرد من الجماعة او انفصل عن زوجه لتميزه بصفات او اعمال يخصها الخطاب وكأن الايحاء اللغوي والوضع اللغوي لايجعل الانفراد اصلا في حياة الانسان فالاصل في هذا الكائن ان يكون ضمن مجموعات بشرية اقلها الاسرة ثم العشيرة ثم القبيلة ثم الشعب ...
وبحسب المفهوم الشائع بين الناس فإن لفظة فرد التي مجموعها أفراد تشير إلى الأشخاص. ويشكل مجموع الأفراد نواة المجتمع.
وفي المجتمع العربي الذي كان قبل الاسلام فان الفرد ينظر اليه كواحد من قبيلته وعشيرته
وكذلك هو لا يرى نفسه بدونهم شيئا وكانت القبيلة تعتز بافرادها وتحتفل بفرسانها وشعرائها ونوابغها من الخطباء واهل الراي والمشورة وتخلد بطولاتهم ومواقفهم وتسجلهم في ذاكرتها ليكونوا احاديث الاجيال وموضع القدوة ورموز البطولة فتزداد مناقب احسابهم فيزدادون فخرا بانسابهم ويتيهون بها على غيرهم ويتفاخرون بما صنع ابائهم واجدادهم وابناؤهم....
ولما جاء الاسلام برسالته المبدئية العالمية حافظ على هذه النزعة الجماعية ووسع مداركها ودائرتها لتشمل ليس فقط صلات الدم والانساب والاحساب بل لتشمل اخوة الدين والعقيدة ولتستوعب كل المؤمنين بغض النظر عن المنابت والاصول - ان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون-. ثم يجعل الايمان حاصرا للاخوة فيه وبه فيقول لهم ربهم - انما المؤمنون اخوة -.
عمل الاسلام على الاعتناء بالفرد على اعتبار انه انسان مفطور على ان يعيش في مجموعات بشرية وعالج له اساليب واحكام عيشه مع البشر ابتداءا من ابويه وجيرانه وذوي قرباه وارحامه في حال كونهم كفار او مؤمنين ورتب له حقوقا وعليه حقوقا تجاه الجماعة البشرية التي يعيش في وسطها وطلب من كل فرد بعينه ان يكون رقيبا على الاسلام منهج الحياة الذي ارتضاه الرب ورتبه حارسا على الاسلام ومنهجه وتعاليمه عقيدة وشريعة وفكرا وسلوكا فخاطب النبي الكريم كل فرد من افراد الامة بقوله - انت - وحين يقول انت فالخطاب ينصرف لكل سامع او قاريء او مبلغ - انت على ثغرة من ثغر الاسلام فلا يؤتين من قبلك -.
فجعل كل فرد في الامة مسؤولا عن هذا الدين . وجعل اكثر الاحكام الشرعية تطبيقها منوط بالامة وذلك ليبقى افراد الامة على تواصل وتعاون ليختاروا من ينوب عنهم في اداء الفروض الجماعية او ما يسميه فقهائنا الكفائية.
وبناءا على ما سبق من عجالة فان الفرد في ثقافتنا لا ينفصل عن الجماعة ولا الجماعة تنفصل عن الفرد الا اذا لا سمح الله ارتد وخرج من الملة.
اما مصطلح الفردية او النزعة الفردية individualism او مصطلح الشخصانية فانها مذهب فكري عندهم يرى أن غاية المجتمع رعاية مصلحة الفرد ، والسماح له بتدبير شؤونه بنفسه
لذلك يقدسون الحرية المطلقة للفرد وخصوصيته في الاعتقاد والتصرف والتفكير ويروا عدم التدخل في شؤونه وبالتالي هو المسؤول عن تصرفاته وعن خه او صوابه وهو ادرى بما ينفعه ويحقق مصالحه والعلاقات الفردية عندهم هدمت وقضت على الترابط الاسري وهناك مذهب مقارب للفردية وهو الشخصانية ويعرف بأنه مذهب أخلاقي واجتماعي مبني على القول إن للشخص الإنساني قيمة مطلقة وهو مذهب الفيلسوف مونيه .. وبالتدقيق والنظر في اسباب ظهور هذه المذاهب الفلسفية في الغرب نجد ان وراءها الاسباب التالية:
1- رد فعل للطغيان الكنسي واستعباده للبشر في اوروبا في العصور الوسطى المظلمة بظلم الكنيسة لهم.
2- رد فعل لاستبداد الإقطاعيين بالأفراد وسلبهم حقوقهم وحرياتهم وجعلهم عبيدا للاقطاعيين ولطبقة الاكليروس ولطبقة النبلاء ..
3- الانقلاب الثوري الصناعي الذي حدث في عصر النهضة الأوربية بعد خلاصها من استبداد الكنيسة وغفلوا انهم وقعوا في استبداد الفردية التي هوت بالمجتمع الاوروبي فقضت على مفاهيم الاخلاق والترابط الاسري والقيم الانسانية الفطرية للبشر.
4 تشجيع الرأسمالية للنزعة الفردية . وكان من شعاراتهم التيي رفعوها. لان الراسمالية لن تنموا ولن تؤتي نظمها وقوانينها اكلها الا في مجتمعات متفككة لا ترابط بينهم ولا التقاء الا بالمصالح الشخصية والفردية فقط.
ان اذناب الغرب والمهووسين بثقافته يرددون بوعي او بلا وعي قولهم بناء الذات..بناء النفس..بناء الفرد..تحقيق الذات..
ان الغرب كما اوجد له نوابا من ابناء جلدتنا يحرسون مصالحه في بلاد الاسلام كذلك اوجد لفكره مروجين وعماة ابصار وبصيرة في عالمنا الاسلامي ككل والعرب على وجه الخصوص وروجوا لهذه الفكرة من جملة الافكار المسمومة التي روجوها وللاسف استجاب له الكثيرون بلا وعي ولا تبصر فاخذوا ينادون بالنزعة الفردية والشخصانية في كتاباتهم وما يسمونه ادبا من الكتابات الروائية والقصص والشعر بل ان بعضهم يحاول ان يجد له مستند من القران ليروج هذا الفكر الضال المنحرف فقالوا ان الله تعالى يقول : ( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا )195مريم). في حين ان الاية حددت متى ، انه يوم القيامة وهذا زيادة في مسؤولية الفرد عن الجماعة ومسيرة عيشه في المجتمع. فهل كان مرضيا ربه فيهم ام كانت مسيرته في مجتمعه مغضبة للرب جل وعلا؟!
وختاما نقول ان النزعة الفردية مقتضاها نظرة تمردية على المجتمع تبيح للفرد العمل على هواه وفعل ما يحلوا له من قبائح يستحليها فيحلها بغض النظر عن نظرة المجتمع ومشاعره
يقول مالك بن نبي رحمه الله :"إن المجتمع الذي يعمل فيه كل فرد ما يحلو له ليس مجتمعاً ، ولكنه إما مجتمع في بداية تكونه ، وإما مجتمع بدأ حركة الانسحاب من التاريخ فهو بقية مجتمع ".
فتنبهوا ايها الناس لاستعمال المصطلحات والالفاظ فاننا محاسبون على ما نلفظ ونقول
(( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)ق18) ولو فقهنا هذه الآية فقط لما تجرأ أحدنا أن يلفظ اويكتب كلمة واحدة إلاّ بعد تمحيص وتفكير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.