خواطر الجمعة
في يوم الجمعة
يُسن لنا قراءة سورة الكهف لتذكرنا في كل اسبوع بدروسها ومواعظها وعبرها العظيمة ...
والكهف هو تجويف صخري في سفوح الجبال او قممها وسمى غارا ومغارة..ومنها ما يكون بفعل الانسان وجهده يتخذه مأوى له يقيه الحر والقر ويأمن فيه من عاديات الطالبين والمغيرين..ومنها ما يكون من فعل عوامل البيئة والاحوال الطبيعية..
وسورة الكهف ذكرت أربع قصص قرآنية هي أهل الكهف، صاحب الجنتين، موسى عليه السلام مع الخضر وذو القرنين.
وهذه القصص تشترك برابط واحد يربط بينها وهو كونها مظنة الفتنة.. فجمعت الفتن الأربعة في الحياة: فتنة الدين في (قصة أهل الكهف)، فتنة المال في قصة (صاحب الجنتين)، فتنة العلم في قصة (موسى عليه السلام والخضر) وفتنة السلطة في قصة (ذو القرنين).
وقصص سورة الكهف كل واحدة منها تتحدث عن إحدى هذه الفتن ثم يأتي بعدها تعقيب بالعصمة من تلك الفتنة:
1- فتنة الدين:-
قصة الفتية الذين هربوا بدينهم من الملك الظالم فآووا إلى الكهف حيث حدثت لهم معجزة إبقائهم فيه ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا وهم رقود نيام، وكانت القرية يوم افاقوا قد أصبحت كلها على التوحيد، ثم تأتي آيات تشير إلى كيفية العصمة من هذه الفتنة: “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا” (،28 29).انها الرفقة الصالحة والجماعة المؤمنة..
2- فتنة المال
وتتمثل في قصة صاحب الجنتين الذي آتاه الله من كل شيء من نعمه فكفر بأنعم الله وأنكر البعث فأهلك الله تعالى الجنتين، ثم تأتي العصمة من هذه الفتنة: “وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أملا” (الآيتان 45 و46)، والعصمة من فتنة المال تكون في فهم حقيقة الدنيا وتذكر الآخرة وربط اعمال الدنيا بالاخرة.
3- فتنة العلم
وتتمثل في قصة موسى عليه السلام مع الخضر وكان موسى عليه السلام قد ظنّت نفسه أنه أعلم أهل الأرض فأوحى له الله تعالى بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه فلم يصبر على ما فعله الخضر لأنه لم يدرك الحكمة في أفعاله وتعجل الحكم عليها وإنما أخذ بظاهرها فقط.
وتأتي آية العصمة من هذه الفتنة: (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) (69)،ومع ذلك لم يصبر عليه السلام وتعجل ..يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رحم الله أخي موسى، لو صبر لأرانا من عجائب علم الله عند الخضر عليه السلام ) والعصمة من فتنة العلم هي التواضع والصبر وعدم الغرور بالعلم ففوق كل ذي علم عليم
4- فتنة السلطة والحكم:-
وتتمثل في قصة ذي القرنين الذي كان ملكاً عادلاً يمتلك العلم وينتقل من مشرق الأرض إلى مغربها، كان يدعو إلى الله وينشر الخير حتى وصل لقوم خائفين من هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم وما زال السدّ قائماً إلى يومنا هذا، وتأتي آية العصمة: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أعمالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” (103 و104”، فالعصمة من فتنة السلطة هي الإخلاص لله في الإعمال ولا يعتبر الانسان نفسه يحسن صنعا الا اذا اتبع هدي الله تعالى وشريعته وتذكر دوما الآخرة..
علما بان هذه الامور الاربع ان عصم الانسان فيها الفتنة تجدها هي قوام حياة البشرية
والعجيب ان نبينا سلام الله عليه له قصة مع الكهف ..فاول ما نزل عليه الوحي بالرسالة ونبيء كان معتكفا في غار حراء بجبل النور..ويوم الهجرة آوى وصاحبه ابوبكر رضي الله عنه الى غار ثور وقطع عنه الوحي فترة فلم يحرز اجابة لسائل يساله حتى قالوا ان محمدا قد قلاه ربه وودعه اي تركه ثم عاد الوحي اليه بهذه السورة بعد الضحى..وبذل الصحابة والصحابيات اموالهم في سبيل الله والدعوة وكانوا يتنافسون في ذلك اشد التنافس وتسابق الانصار ليقتسموا مع اخوانهم ما عندهم من اموال وجنان نخيل ومتاع..وفي فترة وجيزة من الزمن فتحوا في ان واحد المشرق والمغرب ودانت لهم رقاب العرب والعجم يوم اقاموا شرع الله في الارض وحكمه..وما اجمل الكهف وما اجمل ان نؤوي الى كهف التوحيد الموصل لرحمة الله ونصرته..فاقرأوا الكهف وعيشوا معانيها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء”
وطابت جمعتكم وسائر ايامكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في يوم الجمعة
يُسن لنا قراءة سورة الكهف لتذكرنا في كل اسبوع بدروسها ومواعظها وعبرها العظيمة ...
والكهف هو تجويف صخري في سفوح الجبال او قممها وسمى غارا ومغارة..ومنها ما يكون بفعل الانسان وجهده يتخذه مأوى له يقيه الحر والقر ويأمن فيه من عاديات الطالبين والمغيرين..ومنها ما يكون من فعل عوامل البيئة والاحوال الطبيعية..
وسورة الكهف ذكرت أربع قصص قرآنية هي أهل الكهف، صاحب الجنتين، موسى عليه السلام مع الخضر وذو القرنين.
وهذه القصص تشترك برابط واحد يربط بينها وهو كونها مظنة الفتنة.. فجمعت الفتن الأربعة في الحياة: فتنة الدين في (قصة أهل الكهف)، فتنة المال في قصة (صاحب الجنتين)، فتنة العلم في قصة (موسى عليه السلام والخضر) وفتنة السلطة في قصة (ذو القرنين).
وقصص سورة الكهف كل واحدة منها تتحدث عن إحدى هذه الفتن ثم يأتي بعدها تعقيب بالعصمة من تلك الفتنة:
1- فتنة الدين:-
قصة الفتية الذين هربوا بدينهم من الملك الظالم فآووا إلى الكهف حيث حدثت لهم معجزة إبقائهم فيه ثلاثمائة سنة وازدادوا تسعا وهم رقود نيام، وكانت القرية يوم افاقوا قد أصبحت كلها على التوحيد، ثم تأتي آيات تشير إلى كيفية العصمة من هذه الفتنة: “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا” (،28 29).انها الرفقة الصالحة والجماعة المؤمنة..
2- فتنة المال
وتتمثل في قصة صاحب الجنتين الذي آتاه الله من كل شيء من نعمه فكفر بأنعم الله وأنكر البعث فأهلك الله تعالى الجنتين، ثم تأتي العصمة من هذه الفتنة: “وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أملا” (الآيتان 45 و46)، والعصمة من فتنة المال تكون في فهم حقيقة الدنيا وتذكر الآخرة وربط اعمال الدنيا بالاخرة.
3- فتنة العلم
وتتمثل في قصة موسى عليه السلام مع الخضر وكان موسى عليه السلام قد ظنّت نفسه أنه أعلم أهل الأرض فأوحى له الله تعالى بأن هناك من هو أعلم منه فذهب للقائه والتعلم منه فلم يصبر على ما فعله الخضر لأنه لم يدرك الحكمة في أفعاله وتعجل الحكم عليها وإنما أخذ بظاهرها فقط.
وتأتي آية العصمة من هذه الفتنة: (قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) (69)،ومع ذلك لم يصبر عليه السلام وتعجل ..يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( رحم الله أخي موسى، لو صبر لأرانا من عجائب علم الله عند الخضر عليه السلام ) والعصمة من فتنة العلم هي التواضع والصبر وعدم الغرور بالعلم ففوق كل ذي علم عليم
4- فتنة السلطة والحكم:-
وتتمثل في قصة ذي القرنين الذي كان ملكاً عادلاً يمتلك العلم وينتقل من مشرق الأرض إلى مغربها، كان يدعو إلى الله وينشر الخير حتى وصل لقوم خائفين من هجوم يأجوج ومأجوج فأعانهم على بناء سد لمنعهم عنهم وما زال السدّ قائماً إلى يومنا هذا، وتأتي آية العصمة: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أعمالا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا” (103 و104”، فالعصمة من فتنة السلطة هي الإخلاص لله في الإعمال ولا يعتبر الانسان نفسه يحسن صنعا الا اذا اتبع هدي الله تعالى وشريعته وتذكر دوما الآخرة..
علما بان هذه الامور الاربع ان عصم الانسان فيها الفتنة تجدها هي قوام حياة البشرية
والعجيب ان نبينا سلام الله عليه له قصة مع الكهف ..فاول ما نزل عليه الوحي بالرسالة ونبيء كان معتكفا في غار حراء بجبل النور..ويوم الهجرة آوى وصاحبه ابوبكر رضي الله عنه الى غار ثور وقطع عنه الوحي فترة فلم يحرز اجابة لسائل يساله حتى قالوا ان محمدا قد قلاه ربه وودعه اي تركه ثم عاد الوحي اليه بهذه السورة بعد الضحى..وبذل الصحابة والصحابيات اموالهم في سبيل الله والدعوة وكانوا يتنافسون في ذلك اشد التنافس وتسابق الانصار ليقتسموا مع اخوانهم ما عندهم من اموال وجنان نخيل ومتاع..وفي فترة وجيزة من الزمن فتحوا في ان واحد المشرق والمغرب ودانت لهم رقاب العرب والعجم يوم اقاموا شرع الله في الارض وحكمه..وما اجمل الكهف وما اجمل ان نؤوي الى كهف التوحيد الموصل لرحمة الله ونصرته..فاقرأوا الكهف وعيشوا معانيها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء”
وطابت جمعتكم وسائر ايامكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.