انقلاب 8 شباط 1963
"انقلاب/البعثيين/من اشهرهم احمد حسن البكر/ بالتحالف مع القوميين والاسلامين /من اشهرهم عبد السلام عارف/على الزعيم عبدالكريم قاسم في الثامن من شباط عام 1963".
رغم مرور اكثر من نصف قرن على ذلك الانقلاب لا زال العراقيون منقسمون حول وصف الزعيم عبدالكريم..هل هو زعيم عظيم ام هو مجرم لئيم ...اي نفس الحال تجاه صدام بعد مرور عقد ونيف على زوال نظامه!
واستطيع القول ان السبب الاهم لهذا الاختلاف هو ان المسلمين بشكل عام/ منذ زمن طويل/لا يقيمون الاحداث والاشخاص بناء مقياس الاسلام،ولا يزنونهم بميزان الاسلام،وانما يحكِّمون المشاعر والعواطف/الهوى/النفعية والمصالح !
....
تمهيد لابد منه لتوضيح الصورة:
وصل عبد الكريم قاسم الى الحكم على اثر نجاحه مع بعض زملائه من الضباط في انقلاب على النظام الملكي في صبيحة يوم 14 تموز، عام 1958وكان قاسم وعبدالسلام عارف اشهر قادة ذلك الانقلاب الدموي .
وعندما تم لهما السيطرة على الاوضاع،أذاعوا بيان الثورة وأعلنت الجمهورية العراقية وانتهى النظام الملكي.
وبدا الانقلاب على قاسم في التاسعة صباحا من 8شباط/رمضان/عام 1963 وانتهى في البوم التالي..
ومن الطريف ان الانقلابيين التشليين اعادوا تنفيذ سيناريو انقلاب شباط العراقي بحذافيره،الى حد مدهش،في انقلاب 73 في شيلي ضد الليندي،
ومما قراته انه على اثر نجاح الانقلاب على الزعيم قاسم وجه الرئيس الأميركي جون كيندي لنظيره السوفييتي خروتشوف بأنه سيحرق بغداد إذا استولى الشيوعيون على السلطة!..الايدل هذا على علاقة الامريكان بالانقلاب؟!
طبعا كان من المتوقع ان يحاول الشيوعيون ذلك بعد زوال نظام حليفهم عبدالكريم.
بعض الملاحظات على ذلك الانقلاب
1. كان اول انقلاب يقع في رمضان،وفي النهار وليس في الليل،وهذا مما سهل الامر على الانقلابيين،لان عبدالكريم لم يصدق امكانية حصول الانقلاب في هذا التوقيت.اذ ان قيام الانقلاب في الساعة 9 صباحاً أمر غير متوقع،حيث جرت العادة بوقوع الانقلابات العسكرية في الساعات الأولى من الفجر,
2. تاتي اهمية هذا الانقلاب من كونه اول وصول حقيقي للبعثيين في العراق الى السلطة..وقد استمر تسلطهم على العراق حتى احتلال الامريكان لبغداد،وسقوط صدام2003/ ثم اعدامه بعد الذي جر على العراق كل الويلات والنكبات بسبب غطرسته وجنون عظمته!
كان من اهم اسباب نجاح ذلك الانقلاب ثقة قاسم المفرطة بنفسه وبحب الناس في العراق له،ولهذا استخف بالانقلابيين،وظن ان فشلهم حتمي وهزيمتهم سهلة.ونقلاً عن شهود عيان ان الطرقات امتلات بآلالاف الذين جاؤوا إلى وزارة الدفاع حيث/كان قاسم محاصرا/وهم يهتفون بحياة الزعيم/ ماكو زعيم الا كريم/ويطالبونه بالسلاح للدفاع عن الثورة،هاتفين{باسم العامل والفلاح،يا كريم اعطينا سلاح}،وكان الزعيم عبد الكريم يرد عليهم{إنهم مجرد عصابة مأجورة لا قيمة لها،وسوف نقضي عليهم في الحال}!وكان عند مروره بشارع الجمهورية والجماهير المؤيدة له تملأ الشوارع وتهتف بإسمه وهو يخرج رأسه من شباك السيارة رافعا اصبعيه إلى الاعلى وهويصيح(( بعد ساعتين أقضي عليهم ))
3. من اخطاء قاسم تركه،جهاز الدولة والاجهزة الامنية والجيش،دون تغيير جدي،مما جعل هذا الجهاز حصنا وامكانية مدخرة للثورة المضادة.وهذا ما حصل من الاخوان في مصر حين لم يجتثوا فلول نظام حسني مبارك/وعلى راسهم قادة الجيش المصري/وعلى راس هؤلاء السيسي!
4. وصف الانقلابيون الزعيم قاسم بالشعوبي والعائق امام قيام الوحدة!
والسؤال هل حقق من جاء بعده/عبد السلام عارف وشقيقه عبد الرحمن وأحمد حسن البكر وصدام حسين شيئا مما اتهموا قاسم بتعطيله؟
ام انها كانت مجرد شعارات كاذبة خادعةللوصول إلى سدة الحكم في العراق.
5. الارجح ان الامريكان هم من اوعزوا لعملائهم بالقيام بالانقلاب على قاسم، وكان العقل المخطط له هو ويليام ليكلاند،الذي كان بمنصب ملحق في السفارة الامريكية في بغداد.فقد ثبت تآمرامريكابنشاط في وقت سابق لقتل عبد الكريم قاسم،وبعثت لجنة متخصصة في الـ"سي أي أي" ذات مرة بمنديل مطرز،مسموم،الى قاسم،لكن اما ان المحاولة فشلت او ان المنديل لم يصل الى الهدف المقصود.
ومن الاشارات والقرائن التي تؤكد الدور الامريكي في الانقلاب على قاسم:
اعتراف القيادي البعثي/الذي شارك في ذلك الانقلاب صالح السعدي/الذي ادلى به لمجلة الطليعة المصرية في منتصف الستينات" نحن جئنا الى السلطة بقطار أمريكي".
في نيسان/1958أوضح الن دلاس Allen Dulles مدير وكالة المخابرات المركزية(سي آي أي) في شهادته امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بأن الوضع في العراق هو"أشد الأوضاع خطورةً في العالم،وان القوى الشيوعية على وشك السيطره على العراق بشكل تام".واحتدمت النقاشات المحمومة حول العراق في وكالة المخابرات المركزية ومجلس الأمن القومي وبلغت ذروتها القصوى.واقتُرح أن تُتَخذ إجراءات عديدة خلال السنوات الاربع اللاحقة،ومن بينها على أقل تقدير غزو العراق،كما هو مدوّن في الوثيقة الرسمية المنشورة.
........
اكتفي بهذا لعدم الاطالة ولاتاحة المجال لبعض الكلام عن انقلاب البعثيين السوريين اشقاء العراقيين في الشام..الذين ريما قاموا بانقلابهم في ذلك العام 1963 مقلدين او مقتدين او متشجعين بانقلاب اشقائهم في العراق!