بسم الله الرحمن الرحيم
الواقع وسلوك الانسان
بينا في منشورنا السابق ان الواقع في اللغة من الوقوع وهو ما يقع على حس الانسان ويدركه العقل من خلال الحواس
والواقع في حياة الانسان وافعاله في الاصل هو فكرة ذات تصور ذهني فتتجسد سلوكا وحدثا فتصبح واقعا والا بقيت خيالا.
والناس امام الواقع اصناف ، فمنهم من يعتبره مصدرا للتفكير فيتعاملون معه على انه قدر محتوم فيتكيفون معه ويتاقلمون مع معطياته بطيبها وسيئها فيقبلون به حيث كان .
ومنهم من يرى ان الواقع ملهما للتفكير وموضعا له ، و يوجب صب التفكير عليه لتغييره او اصلاح مافسد منه ، وهؤلاء هم دعاة التغيير والتجديد والمصلحون.
وفساد الواقع او صلاحه يقاس في الاسلام بمقياس العقيدة باعتبارها القاعدة الفكرية التي ينبثق منها الفكر، وبها يقاس فيقبل او يرفض، والاحكام الشرعية التي بها تقاس الافعال، وتحكم عليها حسنا او قبحا وبالتالي منعا او اذنا، وتحكم على الاشياء ايضا بالحسن او القبح . وبناءً غلى ذلك تتحدد وجهة نظر الانسان للوقائع واحداثها، وتتكون عنده المفاهيم عنها وتتولد عنده القيم لها، وبالتالي يتحدد موقفه تجاهها رفضاً وقبولاً، وذلك ان ملك حرية الاختيار التي فطر الله الناس عليها، وحرم سلبها من الانسان ، حيث ان فقدت هدرت كرامته وانسانبته، وجعلها مناط الاختبار في الاختيار ، فاما يكون شاكراً واما كفوراً.
والناس امام التغير مابين رافض وقابل ، فمن ربط منافعه ومصالحه ومصيره بالواقع ولو كان فاسدا، تشبث به وعض عليه بالنواجذ، وحارب بكل قواه قوى التغيير ووقف في وجه رياحها ليصدها او يغير اتجاهها ومجراها. ذلك ان الواقع اسر عقله وفكره وقيد بحدوده مفاهيمه وقيمه فارتبطت به ارتباط الرسن بالوتد، فكل من حاول الانفلات من دائرته شده الرسن الى مربط الوتد. فهو يرفض كل تغيير يخرج الانسان من دائرة ذاك القيد ليبقيه ضمن السيطرة والتقييد ليظل خادما مطيعا في زمرة عبيد الواقع الذي بتغييره تذهب المصالح وتنقطع المنافع التي لا يرى حصولها الا ببقاء ما كان على ما كان.
ان طول الامد على التعايش مع الواقع يجعله موروثا تقليديا للاجيال، وتستمرءه النفوس بالالفة، فتابى الخروج عن الاستسلام والانقياد له بعجره وبجره، وهذا ما يكرسه ويحافظ عليه منتفعوا الواقع.
ونجد في الواقع ان قوى التغيير الساعية له على ثلاثة اقسام ، قسم يركب موجة التغيير ليحافظ على الواقع من الاجتثاث، لانه متحالف معه فيسعى ويوجه المسعى للترقيع والتجميل، وقسم يرى ان الواقع ليس كله فاسد فيسعى لاصلاح ما فسد ويبقي على ما هو صالحا،اي يرفض ما فسد ويحافظ على ما صلح منه، وقسم ثالث يرى ان الفاسد لا يتولد منه الا الفساد، وان التجميل تزييف وتزوير ، فيرى التغيير الجذري هو الحل.
والمتامل في واقع امة الاسلام اليوم يجد ان هذه الامة التي كان ارتباطها بعقيدة دينها ارتباط الروح بالجسد، وحبها لاحكام شرعها لا يضاهى، قد غزيت عسكريا في عقر دارها وغزيت فكريا في مفاهيمها وافكارها بما يشوش على عقيدتها ونقاء فكرتها.وتغيرت كثير من قيمها ومفاهيمها، ونهبت خيراتها وثرواتها ،واستسلم ابناؤها للواقع المفروض عليهم فرضا، وكثير منهم من ينتظر افعال القدر والقادم من الغيب، وتحقق وعود الكتاب والسنة في اظهار الله ونصره لهذا الدين، في حين لا يحركون ساكنا. ان وعود الكتاب والسنة حق بلا شك، ولكنها لا تتحقق الا لامة عاملة وليس لامة خاملة منتظرة للغيب، ان الاجيال العاملة فتحت مشارق الارض ومغاربها، وان الاجيال الخاملة جثم على قلوبها المستعمر البغيض، وجرعها سموم ذله وسموم فكره.
ان الوعود في الكتاب والسنة والبشارات الاصل فيها دوافع للعمل لا للانتظار، فلا انتشار للدين بلا دعوة ودعاة، ولا ظهور له على اديان الارض وانظمتها بلا امة مجاهدة تعد وتستعد . فتؤخذ تلك الاخبار على انها تفيد الطلب والعمل ، فتعمل لتنال شرف تحقيقها .
لقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه رضوان الله عليهم يوم كانوا مستضعفين في مكة ويحملون لواء الدعوة بان يسير الرجل من صنعاء اليمن الى حضر موت ، والتي كانت موئلا وملاذا لقراصنة البر والبحر ، لا يخش الا الله والذئب على غنمه ، وقد تحقق هذا الوعد على ايديهم بالفتوحات واخضاع تلك البلاد لاحكام الاسلام، التي بطبعها توفر الامن والامان للناس وتقطع دابر الجريمة ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الواقع وسلوك الانسان
بينا في منشورنا السابق ان الواقع في اللغة من الوقوع وهو ما يقع على حس الانسان ويدركه العقل من خلال الحواس
والواقع في حياة الانسان وافعاله في الاصل هو فكرة ذات تصور ذهني فتتجسد سلوكا وحدثا فتصبح واقعا والا بقيت خيالا.
والناس امام الواقع اصناف ، فمنهم من يعتبره مصدرا للتفكير فيتعاملون معه على انه قدر محتوم فيتكيفون معه ويتاقلمون مع معطياته بطيبها وسيئها فيقبلون به حيث كان .
ومنهم من يرى ان الواقع ملهما للتفكير وموضعا له ، و يوجب صب التفكير عليه لتغييره او اصلاح مافسد منه ، وهؤلاء هم دعاة التغيير والتجديد والمصلحون.
وفساد الواقع او صلاحه يقاس في الاسلام بمقياس العقيدة باعتبارها القاعدة الفكرية التي ينبثق منها الفكر، وبها يقاس فيقبل او يرفض، والاحكام الشرعية التي بها تقاس الافعال، وتحكم عليها حسنا او قبحا وبالتالي منعا او اذنا، وتحكم على الاشياء ايضا بالحسن او القبح . وبناءً غلى ذلك تتحدد وجهة نظر الانسان للوقائع واحداثها، وتتكون عنده المفاهيم عنها وتتولد عنده القيم لها، وبالتالي يتحدد موقفه تجاهها رفضاً وقبولاً، وذلك ان ملك حرية الاختيار التي فطر الله الناس عليها، وحرم سلبها من الانسان ، حيث ان فقدت هدرت كرامته وانسانبته، وجعلها مناط الاختبار في الاختيار ، فاما يكون شاكراً واما كفوراً.
والناس امام التغير مابين رافض وقابل ، فمن ربط منافعه ومصالحه ومصيره بالواقع ولو كان فاسدا، تشبث به وعض عليه بالنواجذ، وحارب بكل قواه قوى التغيير ووقف في وجه رياحها ليصدها او يغير اتجاهها ومجراها. ذلك ان الواقع اسر عقله وفكره وقيد بحدوده مفاهيمه وقيمه فارتبطت به ارتباط الرسن بالوتد، فكل من حاول الانفلات من دائرته شده الرسن الى مربط الوتد. فهو يرفض كل تغيير يخرج الانسان من دائرة ذاك القيد ليبقيه ضمن السيطرة والتقييد ليظل خادما مطيعا في زمرة عبيد الواقع الذي بتغييره تذهب المصالح وتنقطع المنافع التي لا يرى حصولها الا ببقاء ما كان على ما كان.
ان طول الامد على التعايش مع الواقع يجعله موروثا تقليديا للاجيال، وتستمرءه النفوس بالالفة، فتابى الخروج عن الاستسلام والانقياد له بعجره وبجره، وهذا ما يكرسه ويحافظ عليه منتفعوا الواقع.
ونجد في الواقع ان قوى التغيير الساعية له على ثلاثة اقسام ، قسم يركب موجة التغيير ليحافظ على الواقع من الاجتثاث، لانه متحالف معه فيسعى ويوجه المسعى للترقيع والتجميل، وقسم يرى ان الواقع ليس كله فاسد فيسعى لاصلاح ما فسد ويبقي على ما هو صالحا،اي يرفض ما فسد ويحافظ على ما صلح منه، وقسم ثالث يرى ان الفاسد لا يتولد منه الا الفساد، وان التجميل تزييف وتزوير ، فيرى التغيير الجذري هو الحل.
والمتامل في واقع امة الاسلام اليوم يجد ان هذه الامة التي كان ارتباطها بعقيدة دينها ارتباط الروح بالجسد، وحبها لاحكام شرعها لا يضاهى، قد غزيت عسكريا في عقر دارها وغزيت فكريا في مفاهيمها وافكارها بما يشوش على عقيدتها ونقاء فكرتها.وتغيرت كثير من قيمها ومفاهيمها، ونهبت خيراتها وثرواتها ،واستسلم ابناؤها للواقع المفروض عليهم فرضا، وكثير منهم من ينتظر افعال القدر والقادم من الغيب، وتحقق وعود الكتاب والسنة في اظهار الله ونصره لهذا الدين، في حين لا يحركون ساكنا. ان وعود الكتاب والسنة حق بلا شك، ولكنها لا تتحقق الا لامة عاملة وليس لامة خاملة منتظرة للغيب، ان الاجيال العاملة فتحت مشارق الارض ومغاربها، وان الاجيال الخاملة جثم على قلوبها المستعمر البغيض، وجرعها سموم ذله وسموم فكره.
ان الوعود في الكتاب والسنة والبشارات الاصل فيها دوافع للعمل لا للانتظار، فلا انتشار للدين بلا دعوة ودعاة، ولا ظهور له على اديان الارض وانظمتها بلا امة مجاهدة تعد وتستعد . فتؤخذ تلك الاخبار على انها تفيد الطلب والعمل ، فتعمل لتنال شرف تحقيقها .
لقد وعد النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه رضوان الله عليهم يوم كانوا مستضعفين في مكة ويحملون لواء الدعوة بان يسير الرجل من صنعاء اليمن الى حضر موت ، والتي كانت موئلا وملاذا لقراصنة البر والبحر ، لا يخش الا الله والذئب على غنمه ، وقد تحقق هذا الوعد على ايديهم بالفتوحات واخضاع تلك البلاد لاحكام الاسلام، التي بطبعها توفر الامن والامان للناس وتقطع دابر الجريمة ....
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته