بسم الله الرحمن الرحيم
نظرة في التجديد...والثبات... في دين الله تعالى
ان تجدد الحياة ومظاهرها امر معلوم في الكون بداهة . فالناظر الى الايام والسنين والفصول يجدها متجددة على الدوام .وكذلك حركة الوجود والكواكب مستمرة ولا تتوقف. فكل شيء في الوجود دائب الحركة والجريان، واستمرارية الحركة دليل على استمرارية الوجود فلو توقفت الحركة كان الموت والسكون.
ومن الملاحظ بديهة ان هذه الحركة وهذا التجديد في الكون وموجوداته انما تخضع لنظام ثابت، و وفق قوانين صارمة ثابتة لا تتغير. فالتغيير في الوجود والتجديد يخضع لنظام ثابت لا يتغير، فلا مجال في هذا النظام الرباني الكوني للصدفة العمياء ولا للفوضى الحمقاء .
انما تجري الاحداث وفق اقدار مقدورة، لها اسبابها ومسبباتها بارادة حكيم خبير وعلي كل شيء قدير فعال لما يريد يبديء ويعيد فسبحان الخالق المجيد.
لقد استسلمت مفردات الخلق في الكون لخالقها واتته طائعة لامره وما فرضه عليها من نظام وسنن استقام وجودها بها، ويتجدد الوجود وفق نواميسها، فما كان له ان يتخلف عنها لحظة، والا لما استقام بقاؤه وكان حتما فناؤه. قال الله تعالى:- { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل } سورة [ الحجر : 85 ].
وانظر قوله تعالى : { إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار } في سورة [ ص : 2628 ] .
وايضا قوله تعالى : { أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين } في سورة [ الدخان37-40. يقول ابن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير :-((والمقصود من ذلك إيقاظ العقول إلى الاستدلال بما في خلق السماوات والأرض وما بينهما من دقائق المناسبات وإعطاء كلّ مخلوق ما به قِوامه ، فإذا كانت تلك سنةَ الله في خلق العوالم ظَرفِها ومظروفها ، استدل بذلك على أن تلك السنة لا تتخلف في ترتب المسببات على أسبابها فيما يأتيه جنس المكلفين من الأعمال ، فإذا ما لاح لهم تخلف سبب عن سببه أيقنوا أنه تخلف مؤقت فإذا علمهم الله على لسان شرائعه بأنه ادخر الجزاء الكامل على الأعمال إلى يوم آخر آمنوا به ، وإذا علّمهم أنهم لا يفوتون ذلك بالموت بل إن لهم حياةً آخِرة وأن الله باعثهم بعد الموت أيقنوا بها ، وإذا علمهم أنه ربما عجل لهم بعض الجزاء في الحياة الدنيا أيقنوا به .
ولذلك كثر تعقيب ذكر نظام خلق السماوات والأرض بذكر الجزاء الآجل والبعث وإهلاك بعض الأمم الظالمة ، أو تعقيب ذكر البعث والجزاء الآجل والعاجل بذكر نظام خلق السماوات والأرض .
وحسبك تعقيب ذلك بالتفريع بالفاء في قوله تعالى : { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار } الآيات ختام سورة [ آل عمران 190-191 ].اه من التحرير والتنوير)).
ان الحق ثابت لا يتغير والحق استقامة ومن مقتضيات الاستقامة السير في الاتجاه الصحيح بثبات نحو الغاية والهدف ومن هنا جاءت صفة الثبات للتشريع الاسلامي للبشر للمضي في حياتهم باستقامة حتى يصلوا الى الغاية المطلوبة منهم ولهم وهي نوال رضوان الله تعالى وتحقيق السعادة لهم بها في الدارين الاولى والاخرة .
ان الاسلام حين يعالج الاحكام ينظرلطبيعة الخلق للمخلوق وما يلزمه ليستقيم به.. فغرائز الانسان هي نفسها، وكذا حاجاته العضوية من عهد ادم الى ان يرث الله الارض ومن عليها ...
فحين يعالج الله تعالى قضايا الانسان انما وضع له ثوابت لا تتغير، لانه عالج الغرائزالثابتة في نفسه ومظاهرها، وعالج الاشباع والحاجات الثابتة في الانسان ، ووجهها لتستقيم ووضع لها حدودا كي لا تطغى، وتبقى تعيش في توازن واتزان، وربط هذا التشريع بالجزاء والحساب والعقاب والثواب ، في الدنياوالاخرة ، وبمرضاته سبحانه وغضبه، مما يولد الالتزام والتقوى التي هي بمثابة الرقابة الداخلية الآمرة الناهية، وبذلك يرتبط فعل الانسان وتنظيم سلوكه وتصرفاته بالله تعالى ورضاه واليوم الاخر ورجاءه ورهبته..( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50).المائدة.
فالثابت هو النص التشريعي المعالج لاصل الدافع البشري للسلوك ، سواءًً كان الدافع البشري غرائزيا ام حاجةًً عضوية لنفسه، والمتغير والمتجدد انما هو وسائل الاشباع التي تخضع لقواعد ونصوص وعلل ثابتة لا يملك احد تغييرها ويستنبط احكامها اهل العلم الذين اتاهم الله دقة الفهم والفقه في الدين والذين لن يخلوا منهم عصر من العصور بضمانة الله تعالى لحفظ دينه والتزامه باظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نظرة في التجديد...والثبات... في دين الله تعالى
ان تجدد الحياة ومظاهرها امر معلوم في الكون بداهة . فالناظر الى الايام والسنين والفصول يجدها متجددة على الدوام .وكذلك حركة الوجود والكواكب مستمرة ولا تتوقف. فكل شيء في الوجود دائب الحركة والجريان، واستمرارية الحركة دليل على استمرارية الوجود فلو توقفت الحركة كان الموت والسكون.
ومن الملاحظ بديهة ان هذه الحركة وهذا التجديد في الكون وموجوداته انما تخضع لنظام ثابت، و وفق قوانين صارمة ثابتة لا تتغير. فالتغيير في الوجود والتجديد يخضع لنظام ثابت لا يتغير، فلا مجال في هذا النظام الرباني الكوني للصدفة العمياء ولا للفوضى الحمقاء .
انما تجري الاحداث وفق اقدار مقدورة، لها اسبابها ومسبباتها بارادة حكيم خبير وعلي كل شيء قدير فعال لما يريد يبديء ويعيد فسبحان الخالق المجيد.
لقد استسلمت مفردات الخلق في الكون لخالقها واتته طائعة لامره وما فرضه عليها من نظام وسنن استقام وجودها بها، ويتجدد الوجود وفق نواميسها، فما كان له ان يتخلف عنها لحظة، والا لما استقام بقاؤه وكان حتما فناؤه. قال الله تعالى:- { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل } سورة [ الحجر : 85 ].
وانظر قوله تعالى : { إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلاً ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار } في سورة [ ص : 2628 ] .
وايضا قوله تعالى : { أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين } في سورة [ الدخان37-40. يقول ابن عاشور رحمه الله في تفسيره التحرير والتنوير :-((والمقصود من ذلك إيقاظ العقول إلى الاستدلال بما في خلق السماوات والأرض وما بينهما من دقائق المناسبات وإعطاء كلّ مخلوق ما به قِوامه ، فإذا كانت تلك سنةَ الله في خلق العوالم ظَرفِها ومظروفها ، استدل بذلك على أن تلك السنة لا تتخلف في ترتب المسببات على أسبابها فيما يأتيه جنس المكلفين من الأعمال ، فإذا ما لاح لهم تخلف سبب عن سببه أيقنوا أنه تخلف مؤقت فإذا علمهم الله على لسان شرائعه بأنه ادخر الجزاء الكامل على الأعمال إلى يوم آخر آمنوا به ، وإذا علّمهم أنهم لا يفوتون ذلك بالموت بل إن لهم حياةً آخِرة وأن الله باعثهم بعد الموت أيقنوا بها ، وإذا علمهم أنه ربما عجل لهم بعض الجزاء في الحياة الدنيا أيقنوا به .
ولذلك كثر تعقيب ذكر نظام خلق السماوات والأرض بذكر الجزاء الآجل والبعث وإهلاك بعض الأمم الظالمة ، أو تعقيب ذكر البعث والجزاء الآجل والعاجل بذكر نظام خلق السماوات والأرض .
وحسبك تعقيب ذلك بالتفريع بالفاء في قوله تعالى : { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار } الآيات ختام سورة [ آل عمران 190-191 ].اه من التحرير والتنوير)).
ان الحق ثابت لا يتغير والحق استقامة ومن مقتضيات الاستقامة السير في الاتجاه الصحيح بثبات نحو الغاية والهدف ومن هنا جاءت صفة الثبات للتشريع الاسلامي للبشر للمضي في حياتهم باستقامة حتى يصلوا الى الغاية المطلوبة منهم ولهم وهي نوال رضوان الله تعالى وتحقيق السعادة لهم بها في الدارين الاولى والاخرة .
ان الاسلام حين يعالج الاحكام ينظرلطبيعة الخلق للمخلوق وما يلزمه ليستقيم به.. فغرائز الانسان هي نفسها، وكذا حاجاته العضوية من عهد ادم الى ان يرث الله الارض ومن عليها ...
فحين يعالج الله تعالى قضايا الانسان انما وضع له ثوابت لا تتغير، لانه عالج الغرائزالثابتة في نفسه ومظاهرها، وعالج الاشباع والحاجات الثابتة في الانسان ، ووجهها لتستقيم ووضع لها حدودا كي لا تطغى، وتبقى تعيش في توازن واتزان، وربط هذا التشريع بالجزاء والحساب والعقاب والثواب ، في الدنياوالاخرة ، وبمرضاته سبحانه وغضبه، مما يولد الالتزام والتقوى التي هي بمثابة الرقابة الداخلية الآمرة الناهية، وبذلك يرتبط فعل الانسان وتنظيم سلوكه وتصرفاته بالله تعالى ورضاه واليوم الاخر ورجاءه ورهبته..( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50).المائدة.
فالثابت هو النص التشريعي المعالج لاصل الدافع البشري للسلوك ، سواءًً كان الدافع البشري غرائزيا ام حاجةًً عضوية لنفسه، والمتغير والمتجدد انما هو وسائل الاشباع التي تخضع لقواعد ونصوص وعلل ثابتة لا يملك احد تغييرها ويستنبط احكامها اهل العلم الذين اتاهم الله دقة الفهم والفقه في الدين والذين لن يخلوا منهم عصر من العصور بضمانة الله تعالى لحفظ دينه والتزامه باظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.