بسم الله الرحمن الرحيم - 2-
الحلقة الثانية من سلسلة استعدوا للصيام بالصيام عن ذل المعاصي قبل الصيام في شهر الصيام :-
من الذل والهوان الذي تسببه المعصية ان يُصبح المسلم تابعا لا متبوعا ..
فالاصل في المسلم كفرد انه حامل ووارث للرسالة التي انزلها الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي ارسله الله للناس كافة ورحمة للعالمين .. وكذلك امة الاسلام بمجموعها وافرادها كونها خير امة اخرجت للناس تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر ، وبهذه الخيرية التي اناطها الله عز وجل بقيامها بالامر و النهي بوأها الله مكانة الصدارة بين الامم لتكون قيمة على سلوك الامم والشعوب فأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ولا يتسنى لها ذلك الا اذا امتلكت مقومات التمكين في الارض بوجود كيان لها قوي يسند افرادها ليقوموا بما اناط الله تعالى بهم ، فينشرون العدل في العلاقات الدولية ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويُغيثون الضعيف و يُنجدون المُستضعف وينتصفون لهم ممن ظلمهم ...وانظر معي لتجد هذه المعاني الراقية في قوله تعالى الذي يربط فيه خيرية هذه الامة بقيامها بواجبي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر : -(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110 ال عمران) .
وقال تعالى آمرا المؤمنين بالقتال في سبيله وتخليص المستضعفين من قبضة الظالمين في اي مكان يُظلمون فيه فقال سبحانه : - ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76 النساء) .
فاذا كان هذا الايجاب في حق المُستضعف المُستغيث من اي ملة كان !!
فما بالك بالمسلم اذا استضعفه الكفار والمشركون وضايقوه و حاصروه وآذوه !! فقد قال صلى الله عليه واله وسلم : : "انصر أخاك ظالمـًا أو مظلومـًا ، فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلومـًا ، أفرأيت إذا كان ظالمـًا كيف أنصره ؟ قال : تحجزه - أو تمنعه - من الظلم فإن ذلك نصرَه". (رواه البخاري).
وقال صلى الله عليه واله وسلم - : "ما من امرئٍ يخذل امرءًا مسلمـًا عند موطن تُنتهَك فيه حُرمتُه ، ويُنتَقَص فيه من عِرضه، إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نُصرته، وما من امرئٍ ينصر امرءًا مسلمـًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته إلاَّ نصره الله في موطن يحب فيه نصرته".(رواه أحمد ) . فمن نَصر نُصر ومن خَذل خُذل ...
وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع كان منها (نصرة المظلوم) ففي الحديث الشريف : "أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع ..، فذكر عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، وردّ السلام، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإبرار القسم".(رواه البخاري). والنصرة عند أهل اللغة هي: حسن المعونة. واستنصره على عدوه، أي سأله أن ينصره عليه. وتناصروا: أي نصر بعضهم بعضا. والنصرة اسم من نصر ينصر نصرا، أي أعان وقوى وأغاث وأنجد. والنصرة للمستضعف هي اجابة المستضعف ومد يد العون اليه لرفع الظلم عنه ولو كان ذلك بحرب من ظلمه ، ونُصرة الحق تأييده واظهاره ومظاهرته ...
ومن اجل القيام بذلك امر الله تعالى الامة بالاعداد والاستعداد الذي يحقق ارعاب العدو واعوانه من المنافقين والخونة المندسين في اوساط الامة وذلك بتوفير كل ممكن من ادوات والات الحرب وما يحقق القوة المرهبة الرادعة للاعداء فقال سبحانه :-
(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)الانفال)...
وعليه فان ضد النصرة الخذلان كما ان ضد النصر الهزيمة والانكسار ...
والخذلان سواءََ كان لمستضعفي المسلمين خاصة او غير المسلمين من البشر فهو اثم كبير وذنب عظيم وعار وشنار على من يمتلك القدرة على النصرة لمستحقيها فلا يفعل ويخذلهم ...
ومن الاسباب المؤدية الى الخذلان لمن يستحق النصرة:-
- موالاة الكافرين والمشركين ونصرتهم على المؤمنين والمسلمين او اعانتهم على ظُلم جزء من الامة او غير امة المسلمين من الامم ، وقد حرم الله تعالى علينا موالاة الكفار والمشركين فقال : {لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين} (النساء:144)، وقوله تعالى: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} (الممتحنة:1). وبين انه ليس من صفات ولا طباع المؤمنين موالاة الكافرين في قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء} (آل عمران:28).
- وبين لنا حرمة التواد والمحبة منا لهم فقال تعالى: - {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} (المجادلة:22) ، وذلك ان المودة والمحبة تقود الى التقليد والتشبه والمحاكاة في الفكر والمعتقد والسلوك و بالتالي الطباع والقيم فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: (من تشبّه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود) ..فالتشبه الناتج عن المودة للاخر هو اذابة للشخصية وتمييع للهوية و حرق لاستقلالية الكيان الذي يجب ان يكون انموذجا فريدا يقتدي به العالمين ويقلدوه ويتبعوه كاسوة صالحة للناس ، لا ان يُقلد ابناءه الاعداء ويتشبهون بهم فيكونون بذلك سواء ...
و جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- عن النبي ﷺ أنه قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، - وفي لفظ - شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال فمن؟) وفي هذا المعني أحاديث أخرى كلها تدل على وجوب الحذر من مشابهة أعداء الله من اليهود والنصارى ، وموافقتهم في افعالهم وعاداتهم وتقاليدهم التي يستبيحون بها ما حرم الله ، والحديث جاء بصيغ الخبر ليفيد التحذير والنهي عن اتباعهم ..
فايها الناس وقد اقبل رمضان صوموا عن مشابه الكفار وتقليدهم ، صوموا عن موالاة الكفار ، صوموا عن التبعية للكفار واهل الكتاب ، صوموا عن مناصرتهم و تأيدهم ، صوموا عن خذلان دينكم وعدم نصرته، صوموا عن خذلان ابناء امتكم واخوانكم في الدين ، صوموا عن خذلان وعدم نصرة المستضعفين في كل بقاع الارض، صوموا عن التقاعس و عدم القيام بالواجبات الموكولة اليكم من بارءكم ، صوموا عن تنازلكم وتخليكم عن مكانتكم العلية التي ارادها لكم ربكم ان تتبوؤها بين العالمين، حيث قال الله تعالى : - ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) البقرة/143 . وقَوْلُهُ تعالى: ﴿لِتَكُونُوا شُهَداءَ﴾ علة وسطيتهم اي افضليتهم، فالوسط هو العدل و الخيار و التقي النقي المُقدم بين الناس لتقبل شهادته .. والشهادة من الحضور ، فكيف سنشهد على الناس وقد تركنا امر دعوة الناس لدين الله الحق !! وتركنا امرهم بالمعروف من القول والفعل والخلق، وتركنا نهيهم عن المنكر من سوء العمل وسيء الفكر وسيء الخلق ؟؟!! فاصبحنا نحن وهم سواسية بل انحدرنا لنكون في ذيل الامم بدل صدارتها ولا حول ولا قوة الا بالله ...
اللهم اهل علينا رمضان وقد رزقتنا توبة نصوحا تردنا بها الى دينك الحق الذي ارتضيت ، وتنصر امتنا على من عاداها وتوحد كلمتها ورايتها وصفها ، وتنصر اهلنا في بيت المقدس واكنافه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الحلقة الثانية من سلسلة استعدوا للصيام بالصيام عن ذل المعاصي قبل الصيام في شهر الصيام :-
من الذل والهوان الذي تسببه المعصية ان يُصبح المسلم تابعا لا متبوعا ..
فالاصل في المسلم كفرد انه حامل ووارث للرسالة التي انزلها الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي ارسله الله للناس كافة ورحمة للعالمين .. وكذلك امة الاسلام بمجموعها وافرادها كونها خير امة اخرجت للناس تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر ، وبهذه الخيرية التي اناطها الله عز وجل بقيامها بالامر و النهي بوأها الله مكانة الصدارة بين الامم لتكون قيمة على سلوك الامم والشعوب فأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ولا يتسنى لها ذلك الا اذا امتلكت مقومات التمكين في الارض بوجود كيان لها قوي يسند افرادها ليقوموا بما اناط الله تعالى بهم ، فينشرون العدل في العلاقات الدولية ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويُغيثون الضعيف و يُنجدون المُستضعف وينتصفون لهم ممن ظلمهم ...وانظر معي لتجد هذه المعاني الراقية في قوله تعالى الذي يربط فيه خيرية هذه الامة بقيامها بواجبي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر : -(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110 ال عمران) .
وقال تعالى آمرا المؤمنين بالقتال في سبيله وتخليص المستضعفين من قبضة الظالمين في اي مكان يُظلمون فيه فقال سبحانه : - ( وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76 النساء) .
فاذا كان هذا الايجاب في حق المُستضعف المُستغيث من اي ملة كان !!
فما بالك بالمسلم اذا استضعفه الكفار والمشركون وضايقوه و حاصروه وآذوه !! فقد قال صلى الله عليه واله وسلم : : "انصر أخاك ظالمـًا أو مظلومـًا ، فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلومـًا ، أفرأيت إذا كان ظالمـًا كيف أنصره ؟ قال : تحجزه - أو تمنعه - من الظلم فإن ذلك نصرَه". (رواه البخاري).
وقال صلى الله عليه واله وسلم - : "ما من امرئٍ يخذل امرءًا مسلمـًا عند موطن تُنتهَك فيه حُرمتُه ، ويُنتَقَص فيه من عِرضه، إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نُصرته، وما من امرئٍ ينصر امرءًا مسلمـًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته إلاَّ نصره الله في موطن يحب فيه نصرته".(رواه أحمد ) . فمن نَصر نُصر ومن خَذل خُذل ...
وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع كان منها (نصرة المظلوم) ففي الحديث الشريف : "أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع ..، فذكر عيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، وردّ السلام، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإبرار القسم".(رواه البخاري). والنصرة عند أهل اللغة هي: حسن المعونة. واستنصره على عدوه، أي سأله أن ينصره عليه. وتناصروا: أي نصر بعضهم بعضا. والنصرة اسم من نصر ينصر نصرا، أي أعان وقوى وأغاث وأنجد. والنصرة للمستضعف هي اجابة المستضعف ومد يد العون اليه لرفع الظلم عنه ولو كان ذلك بحرب من ظلمه ، ونُصرة الحق تأييده واظهاره ومظاهرته ...
ومن اجل القيام بذلك امر الله تعالى الامة بالاعداد والاستعداد الذي يحقق ارعاب العدو واعوانه من المنافقين والخونة المندسين في اوساط الامة وذلك بتوفير كل ممكن من ادوات والات الحرب وما يحقق القوة المرهبة الرادعة للاعداء فقال سبحانه :-
(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)الانفال)...
وعليه فان ضد النصرة الخذلان كما ان ضد النصر الهزيمة والانكسار ...
والخذلان سواءََ كان لمستضعفي المسلمين خاصة او غير المسلمين من البشر فهو اثم كبير وذنب عظيم وعار وشنار على من يمتلك القدرة على النصرة لمستحقيها فلا يفعل ويخذلهم ...
ومن الاسباب المؤدية الى الخذلان لمن يستحق النصرة:-
- موالاة الكافرين والمشركين ونصرتهم على المؤمنين والمسلمين او اعانتهم على ظُلم جزء من الامة او غير امة المسلمين من الامم ، وقد حرم الله تعالى علينا موالاة الكفار والمشركين فقال : {لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين} (النساء:144)، وقوله تعالى: {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} (الممتحنة:1). وبين انه ليس من صفات ولا طباع المؤمنين موالاة الكافرين في قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء} (آل عمران:28).
- وبين لنا حرمة التواد والمحبة منا لهم فقال تعالى: - {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله} (المجادلة:22) ، وذلك ان المودة والمحبة تقود الى التقليد والتشبه والمحاكاة في الفكر والمعتقد والسلوك و بالتالي الطباع والقيم فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: (من تشبّه بقوم فهو منهم) رواه أبو داود) ..فالتشبه الناتج عن المودة للاخر هو اذابة للشخصية وتمييع للهوية و حرق لاستقلالية الكيان الذي يجب ان يكون انموذجا فريدا يقتدي به العالمين ويقلدوه ويتبعوه كاسوة صالحة للناس ، لا ان يُقلد ابناءه الاعداء ويتشبهون بهم فيكونون بذلك سواء ...
و جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه- عن النبي ﷺ أنه قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، - وفي لفظ - شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال فمن؟) وفي هذا المعني أحاديث أخرى كلها تدل على وجوب الحذر من مشابهة أعداء الله من اليهود والنصارى ، وموافقتهم في افعالهم وعاداتهم وتقاليدهم التي يستبيحون بها ما حرم الله ، والحديث جاء بصيغ الخبر ليفيد التحذير والنهي عن اتباعهم ..
فايها الناس وقد اقبل رمضان صوموا عن مشابه الكفار وتقليدهم ، صوموا عن موالاة الكفار ، صوموا عن التبعية للكفار واهل الكتاب ، صوموا عن مناصرتهم و تأيدهم ، صوموا عن خذلان دينكم وعدم نصرته، صوموا عن خذلان ابناء امتكم واخوانكم في الدين ، صوموا عن خذلان وعدم نصرة المستضعفين في كل بقاع الارض، صوموا عن التقاعس و عدم القيام بالواجبات الموكولة اليكم من بارءكم ، صوموا عن تنازلكم وتخليكم عن مكانتكم العلية التي ارادها لكم ربكم ان تتبوؤها بين العالمين، حيث قال الله تعالى : - ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ) البقرة/143 . وقَوْلُهُ تعالى: ﴿لِتَكُونُوا شُهَداءَ﴾ علة وسطيتهم اي افضليتهم، فالوسط هو العدل و الخيار و التقي النقي المُقدم بين الناس لتقبل شهادته .. والشهادة من الحضور ، فكيف سنشهد على الناس وقد تركنا امر دعوة الناس لدين الله الحق !! وتركنا امرهم بالمعروف من القول والفعل والخلق، وتركنا نهيهم عن المنكر من سوء العمل وسيء الفكر وسيء الخلق ؟؟!! فاصبحنا نحن وهم سواسية بل انحدرنا لنكون في ذيل الامم بدل صدارتها ولا حول ولا قوة الا بالله ...
اللهم اهل علينا رمضان وقد رزقتنا توبة نصوحا تردنا بها الى دينك الحق الذي ارتضيت ، وتنصر امتنا على من عاداها وتوحد كلمتها ورايتها وصفها ، وتنصر اهلنا في بيت المقدس واكنافه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..