بسم الله الرحمن الرحيم -3-
3- الحلقة الثالثة من سلسلة استعدوا للصيام بالصيام عن ذل المعاصي قبل الصيام في شهرالصيام
الصيام والتوبة عن ذل معصية الدعوة الى جهنم :
ان من ابناء امتنا اليوم من يستعد لاستقبال شهر رمضان ، ويتفكر في صيامه وربما قيامه ، ولكنه يقف داعية على ابوب جهنم من حيث يدري او من حيث لا يدري .. قال الله تعالى : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (5المدثر) فيه قراءتان معروفتان متواترتان فقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة:- ( والرِّجْزَ ) بكسر الراء ، و قرأه بعض المكيين و المدنيين : - ( وَالرُّجْزَ ) بضم الراء ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، فمن ضمّ الراء وجهه إلى الأوثان، وقال: معنى الكلام: والأوثان فاهجر عبادتها، واترك خدمتها، ومن كسر الراء وجَّهه إلى العذاب، وقال: معناه: والعذاب فاهجر، أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر.
وقال الله تعالى :- (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23الجاثية).
وقوله تعالى ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) معنى ذلك: أفرأيت من اتخذ دينه بهواه, فلا يهوى شيئا إلا ركبه, لأنه لا يؤمن بالله, ولا يحرِّم ما حَرَّمَ, ولا يحلل ما حَللَ, إنما دينه ما هوته نفسه واشتهته واحبته فيعمل به.فاتخذ من هوى نفسه معبودا مطاعا يلبي رغباتها وشهواتها ، فيحرم ما كرهت ويحل ما احبت واشتهت دون خوف من الله تعالى او وجل... ولخطور اتباع الهوى قال الله تعالى موصيا نبيه داوود عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والتسليم :- (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)(26 ص) .
وقال تعالى ناهيا عن اتباع الهوى وما تشتهي الانفس في القضاء والفصل في التخاصم حتى لو كان من ستقضي عليه من ذوي القرابة - فقال سبحانه:- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135النساء). فيأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ، أي بالعدل ، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا يصرفهم عنه صارف ، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه .وقد بشر الله تعالى من ينهى النفس عن الهوى فقال:- (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعات: 40 ـ 41).
والمصيبة الكبرى ان تجد من يدعوا الى اتباع الهوى وما تشتهي الانفس ويطلب من الناس ان يتبعوه على ذلك فقال سبحانه "وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" (ص: 26).وقد حذر الله تعالى الامة من اتباع دعاة الهوى ممن غفلوا عن ذكر الله تعالى ومخافته بتحذيره لنبيا سلام ربي عليه وصواته فقال تعالى:- (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)(الكهف: 28).
وقد حذرنا رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه من طاعة الدعاة الذين على ابواب فيقذفون فيها من اطاعهم وتبعهم، وذلك في الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري وغيره من اهل الحديث ، عن حذيفة بن اليمان قال:- «كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بهذا الخَيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: وهلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وفيهِ دَخَنٌ، قُلتُ: وما دَخَنُهُ؟ قالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ منهمْ وتُنْكِرُ، قُلتُ: فَهلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقالَ: هُمْ مِن جِلْدَتِنَا، ويَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا، قُلتُ: فَما تَأْمُرُنِي إنْ أَدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ، قُلتُ: فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ؟ قالَ: فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أَنْ تَعَضَّ بأَصْلِ شَجَرَةٍ، حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأَنْتَ علَى ذلكَ. »
ومن ابشع انواع اتباع الهوى التقليد الاعمى عن عدم وعي ولا ادراك ولا علم ، فيسير المتبع المقلد خلف الناعقين سير الانعام خلف حاديها او الناعق لها ، وقد حذرنا رسولنا الكريم من تقليد من قبلنا فقال فيما رواه البخاري عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قالَ: فَمَنْ؟).
وفي الختام حذرنا الله تعالى في كتابه العزيز من اتباع واقتفاء ما ليس لنا به علم ، والعلم هنا ما قاله الله تعالى وما قاله رسوله صلى الله عليه واله وسلم كونه المبلغ عن ربه ما يوحى اليه فقال سبحانه :- (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف:33] فالتقول على الله بغير علم بما انزل واوحى من الفواحش والاثم ، كما هو العمل بغير علم واقتفاء واتباع الناس تقليدا حيث قال سبحانه:- ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (36الاسراء).
وعليه صوموا ايها الناس عن عبادة الهوى فقد دلّ عليه قوله تعالى : [color:6534=0000ff]{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ( النساء : 56 ) . وقال نبينا صلوات ربي وسلامه عليه لا يُؤمِنُ أحدُكُم حتَّى يكونَ هواهُ تَبَعًا لما جئتُ بهِ ). أخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) ، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) واللفظ لهما، والبيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) باختلاف يسير، والمعنى: لا يؤمن الإيمان الكامل حتى يكون هواه يعني: إرادته وميله في طاعة الله، ومع شرع الله، لا مع المعاصي،ولا مع الهوى وما تشتهي النفس ،بل يطبع النفس بمفاهيم الايمان وقيمه المنبثقة عنه ليصبح هوى النفس وطبعها يحب ما يحبه الله تعالى ويبغض ما يبغضه الله تعالى ، ويصبح هذا طبعه وديدنه . فتصوم نفسه وتمتنع وتنقطع عن محبة المعاصي واشتهائها ويتحول الى هوى ومحبة ما جاء به النبي من امر فيأتمر، وما جاء به من نهي فينتهي ...
الالهم بلغنا رمضان وانت راض عنا واعنا على صيامه حق الصيام وانصر امة الاسلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
3- الحلقة الثالثة من سلسلة استعدوا للصيام بالصيام عن ذل المعاصي قبل الصيام في شهرالصيام
الصيام والتوبة عن ذل معصية الدعوة الى جهنم :
ان من ابناء امتنا اليوم من يستعد لاستقبال شهر رمضان ، ويتفكر في صيامه وربما قيامه ، ولكنه يقف داعية على ابوب جهنم من حيث يدري او من حيث لا يدري .. قال الله تعالى : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (5المدثر) فيه قراءتان معروفتان متواترتان فقرأه بعض قرّاء المدينة وعامة قرّاء الكوفة:- ( والرِّجْزَ ) بكسر الراء ، و قرأه بعض المكيين و المدنيين : - ( وَالرُّجْزَ ) بضم الراء ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، فمن ضمّ الراء وجهه إلى الأوثان، وقال: معنى الكلام: والأوثان فاهجر عبادتها، واترك خدمتها، ومن كسر الراء وجَّهه إلى العذاب، وقال: معناه: والعذاب فاهجر، أي ما أوجب لك العذاب من الأعمال فاهجر.
وقال الله تعالى :- (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23الجاثية).
وقوله تعالى ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) معنى ذلك: أفرأيت من اتخذ دينه بهواه, فلا يهوى شيئا إلا ركبه, لأنه لا يؤمن بالله, ولا يحرِّم ما حَرَّمَ, ولا يحلل ما حَللَ, إنما دينه ما هوته نفسه واشتهته واحبته فيعمل به.فاتخذ من هوى نفسه معبودا مطاعا يلبي رغباتها وشهواتها ، فيحرم ما كرهت ويحل ما احبت واشتهت دون خوف من الله تعالى او وجل... ولخطور اتباع الهوى قال الله تعالى موصيا نبيه داوود عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والتسليم :- (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)(26 ص) .
وقال تعالى ناهيا عن اتباع الهوى وما تشتهي الانفس في القضاء والفصل في التخاصم حتى لو كان من ستقضي عليه من ذوي القرابة - فقال سبحانه:- ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135النساء). فيأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط ، أي بالعدل ، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا يصرفهم عنه صارف ، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه .وقد بشر الله تعالى من ينهى النفس عن الهوى فقال:- (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعات: 40 ـ 41).
والمصيبة الكبرى ان تجد من يدعوا الى اتباع الهوى وما تشتهي الانفس ويطلب من الناس ان يتبعوه على ذلك فقال سبحانه "وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" (ص: 26).وقد حذر الله تعالى الامة من اتباع دعاة الهوى ممن غفلوا عن ذكر الله تعالى ومخافته بتحذيره لنبيا سلام ربي عليه وصواته فقال تعالى:- (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)(الكهف: 28).
وقد حذرنا رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه من طاعة الدعاة الذين على ابواب فيقذفون فيها من اطاعهم وتبعهم، وذلك في الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري وغيره من اهل الحديث ، عن حذيفة بن اليمان قال:- «كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بهذا الخَيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، قُلتُ: وهلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ: نَعَمْ، وفيهِ دَخَنٌ، قُلتُ: وما دَخَنُهُ؟ قالَ: قَوْمٌ يَهْدُونَ بغيرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ منهمْ وتُنْكِرُ، قُلتُ: فَهلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ، دُعَاةٌ إلى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَن أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقالَ: هُمْ مِن جِلْدَتِنَا، ويَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا، قُلتُ: فَما تَأْمُرُنِي إنْ أَدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ، قُلتُ: فإنْ لَمْ يَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ ولَا إمَامٌ؟ قالَ: فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، ولو أَنْ تَعَضَّ بأَصْلِ شَجَرَةٍ، حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وأَنْتَ علَى ذلكَ. »
ومن ابشع انواع اتباع الهوى التقليد الاعمى عن عدم وعي ولا ادراك ولا علم ، فيسير المتبع المقلد خلف الناعقين سير الانعام خلف حاديها او الناعق لها ، وقد حذرنا رسولنا الكريم من تقليد من قبلنا فقال فيما رواه البخاري عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَن قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بذِرَاعٍ، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ، قُلْنَا: يا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قالَ: فَمَنْ؟).
وفي الختام حذرنا الله تعالى في كتابه العزيز من اتباع واقتفاء ما ليس لنا به علم ، والعلم هنا ما قاله الله تعالى وما قاله رسوله صلى الله عليه واله وسلم كونه المبلغ عن ربه ما يوحى اليه فقال سبحانه :- (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف:33] فالتقول على الله بغير علم بما انزل واوحى من الفواحش والاثم ، كما هو العمل بغير علم واقتفاء واتباع الناس تقليدا حيث قال سبحانه:- ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (36الاسراء).
وعليه صوموا ايها الناس عن عبادة الهوى فقد دلّ عليه قوله تعالى : [color:6534=0000ff]{ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } ( النساء : 56 ) . وقال نبينا صلوات ربي وسلامه عليه لا يُؤمِنُ أحدُكُم حتَّى يكونَ هواهُ تَبَعًا لما جئتُ بهِ ). أخرجه ابن أبي عاصم في ((السنة)) ، والخطيب في ((تاريخ بغداد)) واللفظ لهما، والبيهقي في ((المدخل إلى السنن الكبرى)) باختلاف يسير، والمعنى: لا يؤمن الإيمان الكامل حتى يكون هواه يعني: إرادته وميله في طاعة الله، ومع شرع الله، لا مع المعاصي،ولا مع الهوى وما تشتهي النفس ،بل يطبع النفس بمفاهيم الايمان وقيمه المنبثقة عنه ليصبح هوى النفس وطبعها يحب ما يحبه الله تعالى ويبغض ما يبغضه الله تعالى ، ويصبح هذا طبعه وديدنه . فتصوم نفسه وتمتنع وتنقطع عن محبة المعاصي واشتهائها ويتحول الى هوى ومحبة ما جاء به النبي من امر فيأتمر، وما جاء به من نهي فينتهي ...
الالهم بلغنا رمضان وانت راض عنا واعنا على صيامه حق الصيام وانصر امة الاسلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .