حديث الصباح اسعد الله صباحكم بكل خير وبر ونصر ونصرة وتمكين
معركة الوعي !!
معركة الوعي اليوم من أهم المعارك، فمن خلالها 1-يتميز الصديق من العدو، 2- ومن خلالها تعرف من خلفك ومن امامك ومن يحيط بك من كل الجهات والاتجاهات، 3- ومن خلالها تعرف اين تصوب بندقيتك وتوجه سلاحك..
ولأهمية معركة الوعي عاش النبي- صلى الله عليه واله وسلم-ثلاثة عشر سنة يبني ويثبت الفكرة ويوضح العقيدة ويصفيها في نفوس اتباعه من كل شائبة، لم يحمل فيها سوطا ولا سيفا!! ، بينما كان تطبيق الفكرة وما انبثق عن العقيدة من احكام فقط مدته عشر سنوات، وحرس البناء والكيان العقائدي وحماه بالاقناع داخليا وبالسيف خارجيا!! وهذا يتطلب وقفة تدبر امام مدرسة السيرة مطولة !!!
فلنتيقن انه لا نصرَ على الأرض قبل النصر في وضوح الفكرة ونقاء الاعتقاد .
و معركة الوعي موضوعاتها كثيرة، ومن اهمها الوعي على طبيعة الفكرة والمعتقد والمبدأ..ثم الوعي على طريقة تنفيذه..لان الطريقة يجب ان تكون من جنس الفكرة!! فلا يجوز في شرعنا السرقة او السلب او النهب بالتبرير انه من اجل غاية جميلة، وهي اطعام الفقراء والمحرومين!! فاطعام الفقراء والمحرومين كان غاية للصعاليك في الجاهلية..فيسلبون وينهبون ويغيرون على الممتلكات والتجار لينهبوا ما عندهم بحجة اطعام من حرم من الطعام!!
لكن فكرة الاسلام وعقيدته الموحى بها من رب العزة جعلت هذه الغاية جميلةً ومطلباً سامي التحقيق!! ولكن المطلب والمقصد الجميل لا يتحقق بالطريقة او الوسيلة الخطأ !! بل يتحقق بطريقة من جنس الفكرة ولا تصطدم معها !! فكما ان الفكرة من مشكاة الوحي فكذلك الطريقة للتنفيذ ينبغي ان تكون من نفس المشكاة!!فان لم تكن كذلك اساءت حينها للمصدر وجلبت ساعتها المذمة والنكوص عن المصدر والمشكاة،!!
فلذلك كان الوعي ضروريا اولا على الفكرة؛ وثانيا على طريقة تنفيذها؛ وثالثا على طبيعة الواقع الذي ستنفذ فيه؛ ورابعا مدى استعداد حاضنة الفكرة لتنفيذها وتطبيقها وتأهلهم لذلك ؛ وخامسا الوعي على المحيط ..!!
ومن هنا جاء الكتاب بالاحكام ومن الاحكام الامر باتباع النبي وطاعته كونه المبين لطريقة التنفيذ الموحى بها ممن اوحى الكتاب ..
فلذلك وجدنا ان الله تعالى هيأ الصحب الكرام ومن خلال قصة سيدنا يوسف لهذا الامر حيث يقول:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف:40].
فعبارة { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ} جعلت كل علماء الاصول يفتتحون كتبهم في هذا العلم ببيان من هو الحاكم ؛ الذي يحكم على افعال العباد ؟!!
ثم بين لهم القران ان الطريقة في تنفيذ الاحكام انما هي وحي لا يجوز فيه اتباع الهوى والمزاج!!فقال سبحانه :-{وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)المائدة}.
ثم نفى الايمان والاسلام عمن لم يرض بحكم الله وتحكيم رسوله والاستسلام والانصياع لذلك !! وذلك لان الحاكم المشرع هو الله تعالى والمنفذ المبين لطريقة التنفيذ بما يوحى اليه هو الرسول- صلوات ربي وسلامه عليه واله-فلذلك جاء قوله تعالى رابطا السلوك والاحساس والمشاعر بالايمان ومبينا ما هو حال وحجج المنافقين والمكذبين المخادعين فقال سبحانه :-{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)النساء}.
فلذلك كان من الوعي على منهج الفكرة واعتقادها واعتقاد طريقة تنفيذها؛ ان تنفضح اهداف ومخططات وحيل المنافقين واوليائهم الكفار والحرص من فتنتهم عما انزل الله لنا !!
ومن امور معركتنا اليوم وأهمها: الوعي المتعلق بمفهوم الأمة الإسلامية والترابط الأخوي بين أبنائها، وتقديم ذلك على ما يسمونه أخوّة القبيلة و الوطن والقومية وغيرها من الروابط المصطنعة المنحطة والتي يحاولون اليوم تقديمها على رابطة اخوة العقيدة والايمان ؛ لتستبدل الامة الذي هو ادنى بالذي هو خير!!!
ولولا ذلك الايمان وتلك العقيدة ورابطتها وتمايز معتنقيها بها عن غيرهم لما ترك النبي ﷺ وطنه ولا قاتل قبيلته وقومه؛ ولا هاجر إلى وطن آخر وإلى قوم خرين؛ احتضنوا دعوته ونصروا رسالته؛ فكانوا السابقين لنصرة هذا الدين وآووا من هاجر اليهم بهذا الدين العظيم ؛ والذي لن تنصروا ايها الناس حتى تنصروه؛ فان نصرة الدين فخر ومجد و نصر لكم و اسمعوا لخطاب ربكم سبحانه ونداءه لكم { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة}.
وقد يقع المؤمن في الخطأ ولكنه سرعان ما يفيق ويعود فعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: [لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين] متفق عليه.
جعلنا الله واياكم من انصار دينه وجند اعلاء كلمته والعاملين على جعل كلمته هي العليا وكلمة الكفر هي السفلى وتقبل الله منا ومنكم الدعاء لاهلنا في غزة وبيت المقدس بالثبات والنصر والنصرة والعز والتمكين...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-08-22, 5:21 am عدل 1 مرات