بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة الثانية =2= من سلسلة كيف نعقل ؟
ما زال حديثنا مستمرا عن اللوازم التي يلزم وجودها لاجراء العملية العقلية ( التفكير ) ، واستئنافا لما سبق ،فان العقل بحاجة الى وجود الواقع الذي يقع تأثيره على الحواس ، فلا عقل في غير واقع ، فالتفكير في غير الواقع هو الوهم والخيال .
حيث ان الوهم يتطرق الى عملية التفكير من خلال امرين :
1- من خلال الخطأ في نقل الاحساس : كرؤية السراب وتوهمه انه ماءَ ..( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ).
2- من خلال الخطأ في تفسير الواقع ، ووقوع الدماغ تحت تأثير الحاجة والفاقة ، فالعطشان فسر السراب ماءَ ، فلما ركض اليه لم يجده شيئا ، تماما كحال الامة ، التي فسرت امام تخلفها ما رأته من تقدم صناعي في الغرب بانهم قدوة حضارية فلما ذهبوا اليه اسقط في ايديهم ووجدوهم اضل سبيلا ( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ).ذلك بانهم سيطرت على تفكيرهم الدوافع الشهوانية الغريزية دون موجه فكري يرتقي بهم عن مستوى السوك الحيواني .
اذاَ لابد لادراك الواقع من احساس صحيح به ، فلذلك قال العلماء قديما ( الحكم على الواقع فرع عن تصوره ) ولا يتصور الواقع تصورا صحيحا ، اي لا يدرك ادراكا صحيحا بنقل الحواس له نقلا صحيحا ، فالفتوى مثلا تعطى بحسب سؤال المستفتي ، وبحسب شرحه للواقع .
ولا بد كذلك من صحة ودقة المعلومات السابقة المخزنة في ذاكرة المفكر ، الذي سيحكم على الواقع ، لان تفسير الدماغ للواقع ، واصدار حكم عليه لا بد وان يتأثر سلباَ او ايجاباَ بالمعلومات السابقة ، فحتى تصدر احكاماَ صحيحة وتفسيرات صحيحة ، لابد من صحة المعلومات السابقة في الدماغ ، ومن هنا جاءت اهمية وجود المقياس ، الذي يتبناه العقل ، ويتخذه اساساَ لبناء عملية التفكير ، واجراء العملية العقلية ليقيس الافكار بها ، ومن خلاله ينظر للاشياء والقيم والمفاهيم ، وبالتالي به يبنى العقل ، وعلى اساسه ينطلق التفكير ، وتحدد المفاهيم والقيم ، وتحدد الغايات والمقاصد والنوايا ، حيث بها يوجه السلوك البشري ، وهذا ما يعرف بالعقيدة العقلية ، وتسميتها بالعقيدة العقلية آتِ من وجهين :
1- الوجه الاول من حيث ثبوتها بالعقل وقناعة العقل بها ، ومصادقة الواقع لها ، اي انها في اساس ثبوتها العقلي لا تصطدم بحقائق الوجود ، فتكون عقلية من هذا الجانب ..صدقها العقل وصادقها الواقع .
2- الوجه الثاني في تسميتها عقلية فهو آتِ من حيث بناؤها للعقل والتفكير ، بحيث تكون هي المكون العقلي ومنطلق التفكير ، فيستند الفكر في وجوده اليها منسجماَ بجزئياته ومفرداته مع كلياتها وقواعدها الفكرية ، فتصبح هي المنظار الذي ينظر من خلاله صاحبها للوجود ككلِ متكامل ، وكمفرداتِ متفرقة .
فلذلك وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول في حديثه الشريف : (اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ )..ومن مصاديق هذا في القرءان الكريم قوله تعالى ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ] .
كما لا بد في عملية الفكير من وجود الدماغ الصالح للربط والتفسير ، فلا يصلح دماغ لا يجيد الربط بين ما عنده من مخزون معلوماتي وما يستجد في حياته من وقائع واحداث لا يقوى على ربطها ، ولا يقوى على تفسيرها ، واتخاذ الاجراء المناسب حيالها ، والا لاصبح البهيم مفكراَ. فسبحان من اهل دماغ الانسان للتفكير ، وميزه بهذه القدرة والقوة عن سائر المخلوقات الارضية ، فلله الحمد والمنة .
ولنا لقاء آخر في هذه السلسلة ان شاء الله . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الحلقة الثانية =2= من سلسلة كيف نعقل ؟
ما زال حديثنا مستمرا عن اللوازم التي يلزم وجودها لاجراء العملية العقلية ( التفكير ) ، واستئنافا لما سبق ،فان العقل بحاجة الى وجود الواقع الذي يقع تأثيره على الحواس ، فلا عقل في غير واقع ، فالتفكير في غير الواقع هو الوهم والخيال .
حيث ان الوهم يتطرق الى عملية التفكير من خلال امرين :
1- من خلال الخطأ في نقل الاحساس : كرؤية السراب وتوهمه انه ماءَ ..( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ).
2- من خلال الخطأ في تفسير الواقع ، ووقوع الدماغ تحت تأثير الحاجة والفاقة ، فالعطشان فسر السراب ماءَ ، فلما ركض اليه لم يجده شيئا ، تماما كحال الامة ، التي فسرت امام تخلفها ما رأته من تقدم صناعي في الغرب بانهم قدوة حضارية فلما ذهبوا اليه اسقط في ايديهم ووجدوهم اضل سبيلا ( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ).ذلك بانهم سيطرت على تفكيرهم الدوافع الشهوانية الغريزية دون موجه فكري يرتقي بهم عن مستوى السوك الحيواني .
اذاَ لابد لادراك الواقع من احساس صحيح به ، فلذلك قال العلماء قديما ( الحكم على الواقع فرع عن تصوره ) ولا يتصور الواقع تصورا صحيحا ، اي لا يدرك ادراكا صحيحا بنقل الحواس له نقلا صحيحا ، فالفتوى مثلا تعطى بحسب سؤال المستفتي ، وبحسب شرحه للواقع .
ولا بد كذلك من صحة ودقة المعلومات السابقة المخزنة في ذاكرة المفكر ، الذي سيحكم على الواقع ، لان تفسير الدماغ للواقع ، واصدار حكم عليه لا بد وان يتأثر سلباَ او ايجاباَ بالمعلومات السابقة ، فحتى تصدر احكاماَ صحيحة وتفسيرات صحيحة ، لابد من صحة المعلومات السابقة في الدماغ ، ومن هنا جاءت اهمية وجود المقياس ، الذي يتبناه العقل ، ويتخذه اساساَ لبناء عملية التفكير ، واجراء العملية العقلية ليقيس الافكار بها ، ومن خلاله ينظر للاشياء والقيم والمفاهيم ، وبالتالي به يبنى العقل ، وعلى اساسه ينطلق التفكير ، وتحدد المفاهيم والقيم ، وتحدد الغايات والمقاصد والنوايا ، حيث بها يوجه السلوك البشري ، وهذا ما يعرف بالعقيدة العقلية ، وتسميتها بالعقيدة العقلية آتِ من وجهين :
1- الوجه الاول من حيث ثبوتها بالعقل وقناعة العقل بها ، ومصادقة الواقع لها ، اي انها في اساس ثبوتها العقلي لا تصطدم بحقائق الوجود ، فتكون عقلية من هذا الجانب ..صدقها العقل وصادقها الواقع .
2- الوجه الثاني في تسميتها عقلية فهو آتِ من حيث بناؤها للعقل والتفكير ، بحيث تكون هي المكون العقلي ومنطلق التفكير ، فيستند الفكر في وجوده اليها منسجماَ بجزئياته ومفرداته مع كلياتها وقواعدها الفكرية ، فتصبح هي المنظار الذي ينظر من خلاله صاحبها للوجود ككلِ متكامل ، وكمفرداتِ متفرقة .
فلذلك وجدنا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول في حديثه الشريف : (اتَّقُوا فِرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ ، فَإِنَّهُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ )..ومن مصاديق هذا في القرءان الكريم قوله تعالى ( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ المِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ] .
كما لا بد في عملية الفكير من وجود الدماغ الصالح للربط والتفسير ، فلا يصلح دماغ لا يجيد الربط بين ما عنده من مخزون معلوماتي وما يستجد في حياته من وقائع واحداث لا يقوى على ربطها ، ولا يقوى على تفسيرها ، واتخاذ الاجراء المناسب حيالها ، والا لاصبح البهيم مفكراَ. فسبحان من اهل دماغ الانسان للتفكير ، وميزه بهذه القدرة والقوة عن سائر المخلوقات الارضية ، فلله الحمد والمنة .
ولنا لقاء آخر في هذه السلسلة ان شاء الله . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .