حديث الصباح اسعد الله صباحكم بكل خير وبر
ظاهرة صناعة الدين
هذه الظاهرة ظاهرة قديمة قدم تاريخ البشرية، لا تكاد تخلو منها امة من الامم ولا حقبة من حقب الازمنة التي تواجدت فيها البشرية في كيانات اجتماعية او مجتمعية على وجه الارض.
واصل الدين نابع من الاحترام النفسي والقلبي، القائد للمحبة الشعورية القلبية و الاحاسيس الوجدانية، و المؤدي للاتباع والتقليد، والانصياع تحت تاثير الرهبة او الرغبة او كليهما معا. فاذا بلغ هذا الاحترام اوجه بحيث يُنظر للمحترم انه فوق النقائص والشبهات ، كان هذا الاحترام تقديساً يمنع النفس من قبول الاتهام لمقدسها بنقص ينتقص من طهر المقدس. وهنا اذا وصل التقديس منهاه وبلغ شأوه اصبح دينا يدين به صاحبه لما يُقدس من مقدسات خضع لها فكره وتربعت على عرش احسيس مشاعر قلبه وتملكت وجدان نفسه.
فالدين قائم على علاقة التقديس التي تعني غاية الاحترام، في علاقة بين مُقدِسِِ و مُقدس على وجه التبجيل والتعظيم، وينشأ عن هذه العلاقة طقوسٌ اي وسائل تعبيرية لتديم هذه العلاقة وتظهرها في مظاهر شعائرية، الغاية منها اظهار الولاء ودوام الاحترام والتقديس للمقدس.
ولما كان التدين امر فطري في النفس البشرية، ونابع من احساسها بالعجز والنقص والحاجة لقوة اعظم تمتلك القدرة على تولي امر الانسان وامور حياته وتدبير شؤون معاشه وبالتالي معاده، كان لا بد للانسان من دين يتدين به، ومقدس يعظمه ويبجله ويجله ليشبع هذا الاحساس الغريزي الفطري في النفوس جبلةً.
لقد خلق الله تعالى الانسان الاول - ادم عليه السلام - من تراب فاقامه حيا مدركا بالروح، وقومه بما وضع فيه من الغرائز التي تؤهله للقيام بمهام خلقه، ويؤدي مقصد وجوده والغاية من خلقه وايجاده، وكرمه بين العالمين بالعقل اداة التفكير والعلم، التي تؤهله لمهمة الاستخلاف في الارض، وكان صراط الله المستقيم الذي قام عليه ادم ان يتعلم من ربه ويتلقى امره منه تعالى ، - وعلم ادم الاسماء كلها- فحسده ابليس على هذه المكانة والمهمة العظيمة التي انيطت به وبذريته، وانهم مخلوقات ستتلقى امر ربها من ربها لا من سواه، فتكبر عن السجود له يوم اسجد الله له اللائكة، فطرده الله تعالى من رحمته ولعنه وابعده، فتوعده وتوعد ذريته من بعده، فقال كما اخبر عنه تعالى في سورة الاعراف: ( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ( 16 ) ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين (17).
فابليس تعهد ان يضل الناس عن الصراط المستقيم، يفعل ذلك لقطع صلة هذا المخلوق المكرم واتصاله بخالقه تعالى، وقد نقل ابن كثير في تفسيره قال: قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ) أشككهم في آخرتهم ، ( ومن خلفهم ) أرغبهم في دنياهم ( وعن أيمانهم ) أشبه عليهم أمر دينهم ( وعن شمائلهم ) أشهي لهم المعاصي .
وفي سورة النساء يخبرنا الله تعالى عن توعده هذا للانسان فقال:-(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم ، وقد وافق في هذا - الواقع وصدقه ، كما قال تعالى : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ ) [ سبأ : 20 ، 21 ] .
وانك اليوم لتجد الواقع ما زال يصدق ظن ابليس على البشر، فها هو الضلال يطم و يعم البشرية، وتظلم به ارجاء الارض، حتى ظهر الفساد في البر والبحر وساد حتى الجو، وها هي البشرية تُعمى عن الصراط المستقيم، وتحل مكانه السبل الهابطة والتي ينحدر ويسفل بها الناس، وها هو تغيير خلق الله تعالى يجري على قدم وساق باشكال مادية كالتحول الجنسي والاباحية والمثلية والشذوذ، او بالاشكال المعنوية التي تمس تغيير الفطرة والنفوس بتغيير المفاهيم والقيم والطباع، المؤدية الى تغيير المنظار وانماط السلوك، تحت مسميات الحريات العامة والتحرر والمساواة والحرية الشخصية لتجعل من الانسان كائنا شهوانيا اضل من الحيوان والانعام سبيلا . ووصل الامر ان يعلن السفهاء والسفيهات في اوساط امة تدعي التوحيد عن عبادة ابليس وتبنى له معابد ويصنع لها شعائر تقديس وتعبد جهارا نهارا ، حتى في عقر ديار التوحيد وبين اهله.
روى الإمام أحمد في مسنده قال : حدثنا وكيع ، حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري ، حدثني جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم ، سمعت عبد الله بن عمر يقول : لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي : " اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي " قال وكيع : يعني الخسف . ورواه أبو داود،والنسائي وابن ماجه، وابن حبان،والحاكم من حديث عبادة بن مسلم، وقال الحاكم : صحيح الإسناد . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ظاهرة صناعة الدين
هذه الظاهرة ظاهرة قديمة قدم تاريخ البشرية، لا تكاد تخلو منها امة من الامم ولا حقبة من حقب الازمنة التي تواجدت فيها البشرية في كيانات اجتماعية او مجتمعية على وجه الارض.
واصل الدين نابع من الاحترام النفسي والقلبي، القائد للمحبة الشعورية القلبية و الاحاسيس الوجدانية، و المؤدي للاتباع والتقليد، والانصياع تحت تاثير الرهبة او الرغبة او كليهما معا. فاذا بلغ هذا الاحترام اوجه بحيث يُنظر للمحترم انه فوق النقائص والشبهات ، كان هذا الاحترام تقديساً يمنع النفس من قبول الاتهام لمقدسها بنقص ينتقص من طهر المقدس. وهنا اذا وصل التقديس منهاه وبلغ شأوه اصبح دينا يدين به صاحبه لما يُقدس من مقدسات خضع لها فكره وتربعت على عرش احسيس مشاعر قلبه وتملكت وجدان نفسه.
فالدين قائم على علاقة التقديس التي تعني غاية الاحترام، في علاقة بين مُقدِسِِ و مُقدس على وجه التبجيل والتعظيم، وينشأ عن هذه العلاقة طقوسٌ اي وسائل تعبيرية لتديم هذه العلاقة وتظهرها في مظاهر شعائرية، الغاية منها اظهار الولاء ودوام الاحترام والتقديس للمقدس.
ولما كان التدين امر فطري في النفس البشرية، ونابع من احساسها بالعجز والنقص والحاجة لقوة اعظم تمتلك القدرة على تولي امر الانسان وامور حياته وتدبير شؤون معاشه وبالتالي معاده، كان لا بد للانسان من دين يتدين به، ومقدس يعظمه ويبجله ويجله ليشبع هذا الاحساس الغريزي الفطري في النفوس جبلةً.
لقد خلق الله تعالى الانسان الاول - ادم عليه السلام - من تراب فاقامه حيا مدركا بالروح، وقومه بما وضع فيه من الغرائز التي تؤهله للقيام بمهام خلقه، ويؤدي مقصد وجوده والغاية من خلقه وايجاده، وكرمه بين العالمين بالعقل اداة التفكير والعلم، التي تؤهله لمهمة الاستخلاف في الارض، وكان صراط الله المستقيم الذي قام عليه ادم ان يتعلم من ربه ويتلقى امره منه تعالى ، - وعلم ادم الاسماء كلها- فحسده ابليس على هذه المكانة والمهمة العظيمة التي انيطت به وبذريته، وانهم مخلوقات ستتلقى امر ربها من ربها لا من سواه، فتكبر عن السجود له يوم اسجد الله له اللائكة، فطرده الله تعالى من رحمته ولعنه وابعده، فتوعده وتوعد ذريته من بعده، فقال كما اخبر عنه تعالى في سورة الاعراف: ( قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ( 16 ) ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين (17).
فابليس تعهد ان يضل الناس عن الصراط المستقيم، يفعل ذلك لقطع صلة هذا المخلوق المكرم واتصاله بخالقه تعالى، وقد نقل ابن كثير في تفسيره قال: قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ) أشككهم في آخرتهم ، ( ومن خلفهم ) أرغبهم في دنياهم ( وعن أيمانهم ) أشبه عليهم أمر دينهم ( وعن شمائلهم ) أشهي لهم المعاصي .
وفي سورة النساء يخبرنا الله تعالى عن توعده هذا للانسان فقال:-(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121) وقول إبليس هذا إنما هو ظن منه وتوهم ، وقد وافق في هذا - الواقع وصدقه ، كما قال تعالى : ( ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ ) [ سبأ : 20 ، 21 ] .
وانك اليوم لتجد الواقع ما زال يصدق ظن ابليس على البشر، فها هو الضلال يطم و يعم البشرية، وتظلم به ارجاء الارض، حتى ظهر الفساد في البر والبحر وساد حتى الجو، وها هي البشرية تُعمى عن الصراط المستقيم، وتحل مكانه السبل الهابطة والتي ينحدر ويسفل بها الناس، وها هو تغيير خلق الله تعالى يجري على قدم وساق باشكال مادية كالتحول الجنسي والاباحية والمثلية والشذوذ، او بالاشكال المعنوية التي تمس تغيير الفطرة والنفوس بتغيير المفاهيم والقيم والطباع، المؤدية الى تغيير المنظار وانماط السلوك، تحت مسميات الحريات العامة والتحرر والمساواة والحرية الشخصية لتجعل من الانسان كائنا شهوانيا اضل من الحيوان والانعام سبيلا . ووصل الامر ان يعلن السفهاء والسفيهات في اوساط امة تدعي التوحيد عن عبادة ابليس وتبنى له معابد ويصنع لها شعائر تقديس وتعبد جهارا نهارا ، حتى في عقر ديار التوحيد وبين اهله.
روى الإمام أحمد في مسنده قال : حدثنا وكيع ، حدثنا عبادة بن مسلم الفزاري ، حدثني جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم ، سمعت عبد الله بن عمر يقول : لم يكن رسول الله يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي : " اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ، اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي ، وعن يميني وعن شمالي ، ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي " قال وكيع : يعني الخسف . ورواه أبو داود،والنسائي وابن ماجه، وابن حبان،والحاكم من حديث عبادة بن مسلم، وقال الحاكم : صحيح الإسناد . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.