***** {بسم الله الرحمن الرحيم }*****
1- الحلقة الاولى من حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
--- وجوب اتخاذ القران والوحي اساسا للعقل وطريقة التفكير :-
عبر القرون بحث العقلاء والمفكرون واهل المنطق والفلسفة امر حل العقدة الكبرى عند الانسان ، واستطاع العقل ان يرتقي بهم و يوصلهم لوجوب وجود الاله الخالق المدبر ، ولكنهم سقطوا في منحدر سحيق يوم قاسوا هذا الغائب بذاته - الحاضر بوجوده الدالة عليه اثاره - ، قاسوه على الحاضر ، ذلك لان العقل دون هدي من الوحي لا يستوعب الا الواقع المحسوس الذي يقع عليه حسه فيدركه ويعقله، فالانسان يدرك ما يقع عليه حسه عيانا كان يلمس ويدرك وجود بناء، او يدرك وجود غائب من خلال ادراكه للاثر ، كادراكه لوجود الباني للبناء من خلال وجود البناء . وهكذا استطاع العقل ادراك وجوب وجود الخالق المبدع الموجد ..
ولكن هذا العقل كما قلنا تاه وسقط في تفكيره ولم يفلح حين اتخذ الواقع مصدرا للتفكير .. فوقع العقل بذلك اسير المادة واطرها ، حين قالوا بقياس الوجود الغائب على الوجود الحاضر ، اي قاسوا الخالق على المخلوق والموجد من العدم بما كان عدما قبل ايجاده ، فكان نتيجة قياسهم ان قاسوا الاله بالمادة التي هي من صنعه وايجاده ، فتخيلوا وتصوروا له ذاتا مادية ، مع ان ذاته العلية كانت والمادة معدومة لم تكن بعد ، فتصوروه عز وجل برجل قوي او كائن شديد القوة والعظمة فصوروه وجسموه وجسدوه في صور اصنام تعبر عن خيالاتهم وخزعبلاتهم ، حيث لم تستطع عقولهم ولا مداركهم اختراق وتجاوز حدود المادة وقيودها، فأوقعوا العقل اسيرا لقيودها وحدودها، فقالوا بوحدة الوجود وقالوا بالحلول وقالوا بالاتحاد ، لانهم لم تستطع عقولهم ان تتصور وجودا الا من خلال اطر المادة وقيودها وحدودها ، وقد تأثر بهذه الفلسفات الوثنية اهل الكتاب من قبل، وكذلك امم الارض بمن فيهم العرب ، العرب الذين كانوا على الحنيفية ملة ابراهيم وابنه اسماعيل عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة وازكى التسليم ، فحرف العرب الحنيفية كما حرف اهل الكتاب كتبهم وانحرفت البشرية عن الدين الحق والعقل الحق ، فضلوا واضلوا ...
في مثل هذه الاجواء الفكرية الضالة التي كانت تتصارع في الارض لتخدم فراعنتها واحبارها ودهاقينها وسدنتها المنتفعين من استمرار وجودها, في مثل هذه الاجواء ولد ونشأ وترعرع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . ولان الله تعالى اراد يوم ذاك ان ينقذ به البشرية التي لم يبق فيها من يذكر الله الا وهو مشرك به ، فلذلك وفقه الله وهدى فطرته ليرفض ما عليه قومه من تصور لفكرة الالوهية ، حيث كانوا كما اشرنا مجسمون مجسدون لا يرون وجودا فوق المادة ومطلق عن حدودها وقيودها ، وحدود المادة هي الكتلة والصورة والشكل ...
وجدهم يتعبدون للخالق عز وجل بالتقرب له زلفى بثلاماية وستين صنما كانت منصوبة حول الكعبة ، اي لكل قوم وعشيرة وقبيلة صنمها ...
اخذ صلى الله عليه وسلم بالخلوة واعتزال الناس وقد حُبب اليه ذلك ، فبدأ يصعد الى جبل حراء الذي سمي بذلك باسم الغار الذي كان في اعلى قمته .
وكان الجبل من اعلى جبال مكة و وغار حراء وجبل حراء يقع في شرق مكة المكرمة على يسار الذاهب إلى عرفات في أعلى «جبل النور» كما سمي بعد النبوة، وهو على ارتفاع 634 متراً، و يبعد مسافة 4 كم عن المسجد الحرام .
كان يمكث الايام والليالي معتكفا في ذلك الغار، يتفكر في ملكوت الله ويقرأ بعقله وفكره في عظمة ايات الخلق التي تقود لعظمة الخالق ، ولا ينزل الا للاطمئنان على اهله والتزود بالماء وما يلزمه من زاد فيعاود الصعود والاعتكاف والخلوة ...
وفي احد الايام يفاجأ بنزول الملاك اليه ويجذبه اليه بقوة وشدة ، لان ما سيلقيه عليه يحتاج الى قوة وشدة لانه سيغير به نظرة العالمين للتصور الالهي ويضع العقل في مساره الصحيح على جادة الحق والصواب .
فيقول له اقرأ ! فيجيبه ما انا بقاريء،اقرأ ! ما انا بقاريء ، وهو هنا كبشر ظن ان الملاك يطلب منه قر اءة الحروف والكتابة المسطورة بالقلم، وهذا ما لم يكن تعلمه ولا يجيده ، فيقول له : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)العلق} وكان هذا اول ما نزل من القران على محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيه بيان للتصور الصحيح والبناء العقلي والفكري السليم ،فطلب منه ان يقرأ باسم ربه، رغم انه امي ليس بقاريء ، اي اقرأ بفكرك ومدارك عقلك باسم ربك ، فكأنه يقول له لن تدرك من ذات ربك الا اسمه تعالى، وبين له انه الخالق الذي من اثاره هذا الخلق المنتشر في هذا الكون الفسيح، ثم يرده الى التفكر في نفسه كانسان مخلوق و مشكل من علق ، والعلق دودة قوام جسمها دم تعلق بجدار حلق الدواب فتعيش على الدم الذي تمتصه ، فشبه حال خلق الانسان بطوره الاول في رحم امه بالعلق حيث بدايته يتعلق بجدار الرحم يتغذى بدم امه ، ثم يبين له المهمة وعون الله ومدده له ،فيقول له اقرأ وربك الاكرم ، والاكرم موقع عز وقوة وكرم من قدرة دون احتياج ، اي اقرا بمعونة الله وتأييده لك ، فربك الاكرم هو من علم بالقلم وهو من علم الانسان ما لم يعلم وانت سيعلمك الله بدون قلم لتعلم اهل القلم ما لم يوفقوا لتعلمه ، علم الانسان ما لم يعلم ،فمهمتك انت تعلم الناس ما جهلته عقولهم وتكون بوحي ربك حكما على العقول ومنتجاتها ...
وهذا الدور الاول المكلف به النبي بالرسالة، وهو صياغة العقول بالوحي ... لترتقي وتسموا وتتعالى فوق المادة واطرها وقيودها ، لتصبح اهلا لتلقي الوحي والتعامل معه والعمل به ، لتبني امة ربانية التفكير، ربانية المنهج والمسير، توقن ان الله خالقها وان اليه المصير،وهو نعم المولى والنصير ...
والى ان نلتقي في حلقة قادمة استودعكم الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1- الحلقة الاولى من حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
--- وجوب اتخاذ القران والوحي اساسا للعقل وطريقة التفكير :-
عبر القرون بحث العقلاء والمفكرون واهل المنطق والفلسفة امر حل العقدة الكبرى عند الانسان ، واستطاع العقل ان يرتقي بهم و يوصلهم لوجوب وجود الاله الخالق المدبر ، ولكنهم سقطوا في منحدر سحيق يوم قاسوا هذا الغائب بذاته - الحاضر بوجوده الدالة عليه اثاره - ، قاسوه على الحاضر ، ذلك لان العقل دون هدي من الوحي لا يستوعب الا الواقع المحسوس الذي يقع عليه حسه فيدركه ويعقله، فالانسان يدرك ما يقع عليه حسه عيانا كان يلمس ويدرك وجود بناء، او يدرك وجود غائب من خلال ادراكه للاثر ، كادراكه لوجود الباني للبناء من خلال وجود البناء . وهكذا استطاع العقل ادراك وجوب وجود الخالق المبدع الموجد ..
ولكن هذا العقل كما قلنا تاه وسقط في تفكيره ولم يفلح حين اتخذ الواقع مصدرا للتفكير .. فوقع العقل بذلك اسير المادة واطرها ، حين قالوا بقياس الوجود الغائب على الوجود الحاضر ، اي قاسوا الخالق على المخلوق والموجد من العدم بما كان عدما قبل ايجاده ، فكان نتيجة قياسهم ان قاسوا الاله بالمادة التي هي من صنعه وايجاده ، فتخيلوا وتصوروا له ذاتا مادية ، مع ان ذاته العلية كانت والمادة معدومة لم تكن بعد ، فتصوروه عز وجل برجل قوي او كائن شديد القوة والعظمة فصوروه وجسموه وجسدوه في صور اصنام تعبر عن خيالاتهم وخزعبلاتهم ، حيث لم تستطع عقولهم ولا مداركهم اختراق وتجاوز حدود المادة وقيودها، فأوقعوا العقل اسيرا لقيودها وحدودها، فقالوا بوحدة الوجود وقالوا بالحلول وقالوا بالاتحاد ، لانهم لم تستطع عقولهم ان تتصور وجودا الا من خلال اطر المادة وقيودها وحدودها ، وقد تأثر بهذه الفلسفات الوثنية اهل الكتاب من قبل، وكذلك امم الارض بمن فيهم العرب ، العرب الذين كانوا على الحنيفية ملة ابراهيم وابنه اسماعيل عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة وازكى التسليم ، فحرف العرب الحنيفية كما حرف اهل الكتاب كتبهم وانحرفت البشرية عن الدين الحق والعقل الحق ، فضلوا واضلوا ...
في مثل هذه الاجواء الفكرية الضالة التي كانت تتصارع في الارض لتخدم فراعنتها واحبارها ودهاقينها وسدنتها المنتفعين من استمرار وجودها, في مثل هذه الاجواء ولد ونشأ وترعرع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . ولان الله تعالى اراد يوم ذاك ان ينقذ به البشرية التي لم يبق فيها من يذكر الله الا وهو مشرك به ، فلذلك وفقه الله وهدى فطرته ليرفض ما عليه قومه من تصور لفكرة الالوهية ، حيث كانوا كما اشرنا مجسمون مجسدون لا يرون وجودا فوق المادة ومطلق عن حدودها وقيودها ، وحدود المادة هي الكتلة والصورة والشكل ...
وجدهم يتعبدون للخالق عز وجل بالتقرب له زلفى بثلاماية وستين صنما كانت منصوبة حول الكعبة ، اي لكل قوم وعشيرة وقبيلة صنمها ...
اخذ صلى الله عليه وسلم بالخلوة واعتزال الناس وقد حُبب اليه ذلك ، فبدأ يصعد الى جبل حراء الذي سمي بذلك باسم الغار الذي كان في اعلى قمته .
وكان الجبل من اعلى جبال مكة و وغار حراء وجبل حراء يقع في شرق مكة المكرمة على يسار الذاهب إلى عرفات في أعلى «جبل النور» كما سمي بعد النبوة، وهو على ارتفاع 634 متراً، و يبعد مسافة 4 كم عن المسجد الحرام .
كان يمكث الايام والليالي معتكفا في ذلك الغار، يتفكر في ملكوت الله ويقرأ بعقله وفكره في عظمة ايات الخلق التي تقود لعظمة الخالق ، ولا ينزل الا للاطمئنان على اهله والتزود بالماء وما يلزمه من زاد فيعاود الصعود والاعتكاف والخلوة ...
وفي احد الايام يفاجأ بنزول الملاك اليه ويجذبه اليه بقوة وشدة ، لان ما سيلقيه عليه يحتاج الى قوة وشدة لانه سيغير به نظرة العالمين للتصور الالهي ويضع العقل في مساره الصحيح على جادة الحق والصواب .
فيقول له اقرأ ! فيجيبه ما انا بقاريء،اقرأ ! ما انا بقاريء ، وهو هنا كبشر ظن ان الملاك يطلب منه قر اءة الحروف والكتابة المسطورة بالقلم، وهذا ما لم يكن تعلمه ولا يجيده ، فيقول له : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)العلق} وكان هذا اول ما نزل من القران على محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيه بيان للتصور الصحيح والبناء العقلي والفكري السليم ،فطلب منه ان يقرأ باسم ربه، رغم انه امي ليس بقاريء ، اي اقرأ بفكرك ومدارك عقلك باسم ربك ، فكأنه يقول له لن تدرك من ذات ربك الا اسمه تعالى، وبين له انه الخالق الذي من اثاره هذا الخلق المنتشر في هذا الكون الفسيح، ثم يرده الى التفكر في نفسه كانسان مخلوق و مشكل من علق ، والعلق دودة قوام جسمها دم تعلق بجدار حلق الدواب فتعيش على الدم الذي تمتصه ، فشبه حال خلق الانسان بطوره الاول في رحم امه بالعلق حيث بدايته يتعلق بجدار الرحم يتغذى بدم امه ، ثم يبين له المهمة وعون الله ومدده له ،فيقول له اقرأ وربك الاكرم ، والاكرم موقع عز وقوة وكرم من قدرة دون احتياج ، اي اقرا بمعونة الله وتأييده لك ، فربك الاكرم هو من علم بالقلم وهو من علم الانسان ما لم يعلم وانت سيعلمك الله بدون قلم لتعلم اهل القلم ما لم يوفقوا لتعلمه ، علم الانسان ما لم يعلم ،فمهمتك انت تعلم الناس ما جهلته عقولهم وتكون بوحي ربك حكما على العقول ومنتجاتها ...
وهذا الدور الاول المكلف به النبي بالرسالة، وهو صياغة العقول بالوحي ... لترتقي وتسموا وتتعالى فوق المادة واطرها وقيودها ، لتصبح اهلا لتلقي الوحي والتعامل معه والعمل به ، لتبني امة ربانية التفكير، ربانية المنهج والمسير، توقن ان الله خالقها وان اليه المصير،وهو نعم المولى والنصير ...
والى ان نلتقي في حلقة قادمة استودعكم الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته