20- الحلقة العشرون من حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة:-
(الايمان بالكتب المنزلة على الانبياء والرسل وحكمته) ...
يُعتبر الإيمان بالكتب السابقة ركناً من أركان الإيمان، و لا يتم الإيمان إلا بالايمان به، ويؤكّد هذا الايمان وحدة الرسالات الإلهية، وأنّ الإسلام جامعٌ لكلِّ الرسالات السماوية، والمسلمون أولى الناس جميعاً بقيادة البشرية على نهج الإسلام، حيث كان كتابهم القران الكريم خاتم كتب الوحي المنزل، كما ان نبيهم صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء والرسل..
وقد تعددت انواع الكتب من قبل واختلفت ، ما بين كتاب وصحف والواح وتوراة وزبور وانجيل وختاما القران!! وكانت هذه الكتب والرسائل والوصايا وايضاحات الشرائع والاحكام كلها من ضمن كتاب الوحي الخالد الذي جمعه القران الكريم واختتم الله به كتبه ورسالاته..وهذا ما يُفهم من قوله تعالى: في سورة آل عمران، الآية 48 ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ﴾، و في قوله تعالى في سورة الحجر، الآية 1: ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾ ..
فالكتاب يشمل كل ما هو مكتوب ومنسوب للوحي المقدس !! من صحف ابراهيم الى صحف موسى والواح موسى والتوراة والزبور والانجيل .. فكلها او معظمها مكتوبة منسوبة عندهم للوحي ويقدسونها ... فلذلك خاطبهم الله تعالى بقوله وتسميته لهم بأهل الكتاب !! فقد ناداهم الله تعالى ودعاهم بقوله ( ياأهل الكتاب ) في ستة- 6-مواضع: ثلاثة-3-منها في آل عمران و واحد-1- في النساء واثنان-2- في المائدة:-
1- قال تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنجِيلُ إِلَّا مِن بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" [آل عمران : 65 )
2- قال تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ" [آل عمران : 70]
3- قال تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ" [آل عمران : 71]
4- قال تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا" [النساء : 171]
5- قال تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ" [المائدة : 15]
6- قال تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [المائدة : 19]
و خاطبهم سبحانه وتعالى بلفظ و وصف ( قل ياأهل الكتاب ) في ستة-6- مواضع ايضا ثلاث منها فى آل عمران و ثلاث-3- فى المائدة:-
1- قال تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" [آل عمران : 64]
2- قال تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ" [آل عمران : 98]
3- قال تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" [آل عمران : 99]
4- قال تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ" [المائدة : 59]
5- قال تعالى: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ" [المائدة : 68]
6- قال تعالى: - "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ" . [المائدة : 77] ...
فسماهم الله تعالى باهل الكتاب، وال تفيد الاستغراق ، والكتاب تشمل جميع ما هو مكتوب من الوحي في الصحف والالواح والتوراة والزبور والانجيل ..
والكتاب لغة هو المكتوب،و قد يكون سطرًا واحدًا مثل قوله تعالى على لسان بلقيس في سورة النمل، الآية 30: ﴿إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.
وقد يكون الكتاب كبيرًا لدرجة لا يمكن تخيلها ولا تصورها لانها فوق مستوى الحس والادراك، مثل اللوح المحفوظ كما في قوله تعالى في سورة الرعد، الآية 39: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾، أو بدرجة أقل حجمًا مثل قوله تعالى في سورة الكهف، الآية 49: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ﴾.
وبهذا المعنى فإنه يمكن تسمية اللوح كتابًا، وكذلك الصفحة الواحدة يمكن تسميتها كتابًا. فاللوح المحفوظ كتاب. وألواح موسى كتاب او جزء من الكتاب.
وصحف إبراهيم كتاب. والتوراة كتاب. وزبور داود كتاب. والانجيل لعيسى عليه السلام كتاب.. وختاما كان القران كتاب !!!
لكن ما المقصود بكتاب موسى في قوله تعالى في سورة الإسراء، الآية 2: ﴿وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾، وقوله تعالى في سورة هود، الآية 17، وسورة الأحقاف، الآية 12: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً﴾، وما الفرق بينه وبين التوراة والألواح؟
التفريق بين هذه الكلمات، يأتي تبعًا لاعتبارات عدة، منها المضمون أو المحتوى، ومنها الشكل الذي كتبت فيه.
التوراة والصحف
كتاب موسى سلام الله عليه، يشمل التوراة والألواح والصحف، وهو يتضمن قصصًا وأحداثًا وتشريعًا، فكلمة التوراة تتركز في دلالتها (غالبًا) على التشريع والتحريم والتحليل، مثل قوله تعالى في سورة المائدة، الآية 44: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ﴾، وقوله تعالى في سورة آل عمران، الآية 93: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاً لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ﴾، وقوله في سورة آل عمران، الآية 50: ﴿وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ﴾.
ومع ذلك فالتوراة أيضًا تحوي أحداثًا ونبوءات، مثل قوله تعالى في سورة آل عمران، الآية 65: ﴿لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ إِلاَ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾. فإبراهيم إذن مذكور في التوراة بعيدًا عن التشريع.
وقوله تعالى في سورة الأعراف، الآية 157: ﴿النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ﴾، فالتوراة أيضًا تحوي نبوءات مكتوبة عن نبي الإسلام الخاتم، الرسول محمد يتيم الابوين صلى الله عليه واله وسلم، فهي كتاب مكتوب ﴿مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾، لكنها مخصوصة.
وكلمة الكتاب أعم. إن دلالة كلمة الكتاب في عهد موسى تختلف عنها في عهد المسيح سلام الله عليه، فهي تعني في سياق الحديث عن موسى التوراة المكتوبة والألواح المكتوبة والصحف المكتوبة. وتتسع لتشمل الزبور المزبر المجموع المكتوب في عهد داود عليه السلام ..
أما في عهد المسيح عليه السلام، فدلالة كلمة الكتاب تتسع لتشمل الأسفار الأخرى، مثل إشعيا ودانيال وزبور داود وغير ذلك، فحين يقول الله في سورة آل عمران، الآية 48: ﴿وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ﴾؛ فالكتاب هنا يشمل كل أسفار موسى سلام الله عليه، وما يليه من أسفار، أما التوراة فهي تركز على التشريع. فلذلك اعتبروها جزءا من الكتاب المقدس عند النصارى واسموها العهد الجديد على اعتبار ان التوراة هي العهد القديم .. وهذا التقسيم متفق جدا مع الايمان بوحدة الكتاب , ذلك الايمان الذي لم يكتمل عندهم يوم تنكروا للقران الكريم ورسالة خاتم الانبياء والمرسلين ...
فكان القران كتاب الله المعجز بذاته ورصف الفاظه ونبوءاته واخباره ولا يستطيعون مغالطته مهما تظاهروا بتكذيبه!! فانما هم في الحقيقة يكذبون انفسهم ويضيعونها ... قال الله تعالى في خواتيم سورة المائدة :- {وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)المائدة}.
...ومن مظاهر هيمنة القران على الكتاب كله اي ان يهيمن اهله المؤمنون به على اهل الكتاب كله وتكون لهم المنعة والقوة والكيان المتمكن كي لا يتبع اهل الاسلام اهواء اهل الكتب فيضلوا بعد ان هداهم الله تعالى ليكونوا هداة للبشرية جمعاء بنور الله تعالى، حيث جعلهم الله ورثة الرسالة وورثة الكتاب المحفوظ وورثة مهام النبوة!!فعلى الامة الاسلامية النهوض لما انتدبها واصطفاها الله تعالى له من مهام جسام ومسؤوليات ثقال ... فقد ابطل الله تعالى بكتابكم الكتب ونسخ بشريعتكم الشرائع كلها، لتكونوا انتم شهداء الله في ارضه ودعاة هديه وحملة نوره في العالمين ..اللهم اعزنا باظهار دينك على الدين كله واجعل كتابنا وقراننا هو المهيمن على الكتاب كله واستخدمنا لنشر نورك في الارض والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-08-05, 4:30 am عدل 1 مرات